| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبدالرزاق الصافي

 

 

 

 

                                                                                   الأربعاء 18/4/ 2012

 

مسلسل الفشل مستمر!

عبد الرزاق الصافي

إن اية عملية سياسية ، في اي بلد ديمقراطي في العالم ، عرضة لأن تتعرض الى ازمة . وفي العادة يجري الرجوع الى دستور البلد الذي تحدث فيه الازمة للبحث في وسائل حل الازمة بالطرق الدستورية . ويعتمد الوقت الذي يستغرقه حل الازمة على مدى عمق الازمة ومدى نضوج القوى السياسية التي تتصدى لحلها ، ومدى التزامها بالقواعد الدستورية التي يفترض الرجوع اليها واعتمادها لحل الازمة .

ومن المعروف ان العملية السياسية في العراق،التي ابتدأت في العام 2003 إثر سقوط النظام الدكتاتوري، تعرضت الى عدة ازمات بسبب من كونها بُنيت على اساس خاطىء هو المحاصصة الطائفية والاثنية ،بحجة ضرورة اشتراك كل مكونات الشعب في ادارة امور البلد . وهو امر سليم لو كان اعتماد هذا الاشتراك على اساس الكفاءة في المقام الاول ، وليس على اساس الولاء للانتماء الضيّق طائفياً كان هذا الولاء او اثنياً او حزبياً او فئوياً او مناطقياً.

ولعل الازمة التي تعرضت لها العملية السياسية في اعقاب الانتخابات النيابية التي جرت في آذار/مارس 2010 ، والتي ما زالت مستمرة وتتعمق بمرور الوقت ، هي الازمة الاشد عمقاً وتعقيداً. فقد تأخر تشكيل الحكومة بعد الانتخابات مدة ثمانية اشهر . ولما تشكلت كانت ناقصة التكوين ، إذ ظلت الوزارات الامنية شاغرة ، على امل ان يتم الاتفاق على من يشغلها خلال أيام أو أسابيع قليلة، غير أن سنة وبضعة اشهر انقضت على قيام الحكومة الناقصة من دون ان تلوح في الافق نهاية قريبة لإستكمالها والتوصل الى حل للازمة المتفاقمة .

وشهدت الأشهر الأربعة الماضية مساعٍ تمثلت بتشكيل لجان تحضيرية شارك فيه رئيس الجمهورية ونائبه ورئيس البرلمان وممثلو الكتل السياسية في البرلمان من اجل الاتفاق على موعد ومكان وجدول اعمال ما سُمـّي بالمؤتمر الوطني او اللقاء الوطني او الاجتماع الوطني من دون التوصل الى نتيجة تذكر . الامر الذي حمل السيد مسعود البارزاني رئيس اقليم كردستان على طرح دعوة جديدة لعقد اجتماع للرئاسات الثلاث وقاد الكتل النيابية في اربيل او في بغداد للتداول والبحث عن سبل لحل الازمة . وجاءت الدعوة مصحوبة بحملة على رئيس الوزراء نوري المالكي وتهديد في البحث عمن يحل محله في رئاسة اللوزراء إذا ما امتنع عن تلبية الدعوة !

وتم هذا في نفس الوقت الذي لاتزال دعوة رئيس الجمهورية جلال الطالباني قائمة لعقد الاجتماع الوطني . وكان آخر موعد لدعوة الاطراف المدعوة للقاء هو ما اُعلن بداية الاسبوع الحالي من طلب لهذه الاطراف تقديم وجهة نظرها بخصوص الاجتماع المرتقب بعد اسبوع! وكأن الاشهر الاربعة التي انقضت من المداولات في ما بينها لم تكن كافية للتعرف على وجهات نظرها المتضاربة حد الاستعصاء.

ولذا يتوقع المراقبون السياسيون ان يستمر التضارب في وجهات النظر ليعقبه فشل جديد في حل الازمة ، خصوصاً بعد ما جرى من تعقيدات بشأن قضية امر القبض على نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي بتهمة رعاية الارهاب ، الموجود حالياً خارج القطر ، والقاء القبض على السيدين فرج الحيدري والتميمي قطبي المفوضية العليا للانتخابات بتهمة الفساد، وتصريحات الدكتور اياد علاوي عن وجود خطط لإغتياله تمنعه من المجيء الى بغداد،وازدياد التوتر بين اربيل وبغدادبشأن العديد من القضايا وفي مقدمتها قانون النفط والغازوما يتعلق بذلك من صلاحيات التوقيع على العقود مع الشركات الاجنبية ، وغير ذلك من التعقيدات.

ويبدو ان هذا الفشل سيتواصل حتى نهاية عمر البرلمان الحالي في العام 2014 او إجراء انتخابات مبكرة يطالب بها جزء ليس بالصغير من الرأي العام ،بمن فيه بعض الكتل المتنفذة.

ان النتائج السلبية لهذا الفشل المتواصل ،الذي تتحمل مسؤوليته الكتل المتنفذة كلها ، تلقي بثقلها على جماهير الشعب التي تعاني استمرار نقص الخدمات والبطالة والفساد والاختراقات الامنية وغير ذلك من المعاناة القاسية تطحن الجمهرة الواسعة من المواطنين.
 

free web counter