| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبدالرزاق الصافي

 

 

 

 

                                                                                   الأربعاء 16/3/ 2011

 

قرار فريد لجامعة الدول العربية !

عبد الرزاق الصافي

كان القرار الذي اتخذته جامعة الدول العربية مؤخراًبسحب الاعتراف بالقذافي وادارته ، ومطالبة مجلس الامن الدولي بفرض حظر جوي على ليبيا فريد في نوعه . إذ لم يسبق لجامعة الدول العربية طيلة ستة عقود من عمرها ، منذ تشكيلها في النصف الاول من اربعينات القرن الماضي ، ان اتخذت قراراً كهذا ، في حق  حكومة عربية اجرمت بحق شعبها ،وسلبت حرياته وانتهكت حقوقه وقتلت ابناءه ، على كثرة ما قامت به بعض الحكومات العربية بمثل ما قامت به ادارة العقيد القذافي. ويكفي ان نذكـّر بهذا الخصوص بما قامت به حكومة صدام المنهارة ، على سبيل المثال لا الحصر ، عندما قصفت مدينة حلبجة بالسلاح الكيمياوي في مثل هذا الشهر من العام 1988وقتلت خمسة آلاف مواطن بريء وجرحت اضعاف هذا العدد خلال دقائق معدودة ، وابادت مئة وثمانين الف مواطن كردي في حملات الانفال سيئة الصيت ،بعد ذلك . وما قامت به من فظائع رهيبة في قمعها الانتفاضة الباسلة التي قام بها الشعب العراقي في آذار/مارس العام 1991 ، تلك الفظائع التي ابانت جزءاً منها مئات القبور الجماعية المكتشفة بعد سقوط النظام ، وكان اخيرها ، وليس آخرها ، قبل ايام . تلك القبور التي ضمت مئات الوف العراقيين ،ووقائع محاكمة صدام وعدد من رموز نظامه.      

واذا ما بحثنا عن السبب او الظروف الموضوعية التي تكمن وراء ما اقدمت عليه جامعة الدول العربية في قرارها الفريد هذا فسنجدها ، بالتأكيد ، في المتغيرات التي شهدها الوضع في البلدان العربية في اعقاب سقوط نظامين بوليسيين قمعيين في تونس ومصر ، تحت ضغط تحرك شعبي ليس له مثيل سابقاً ، جعلت من هذا التحرك ثورة شعبية فريدة في تاريخ النضال العالمي ضد العسف والدكتاتورية والارهاب .

 وكان من تأثير ما حققه نضال الشعبين في البلدين الشقيقين تونس ومصر، الى جانب عوامل اخرى تخص كل بلد ، ان تحركت الجماهير الشعبية في غالبية البلدان العربية من المحيط الى الخليج من اجل تحقيق مطالب شرعية تراوحت بين اسقاط الانظمة التعسفية كم هو الحال في اليمن وليبيا ، والمطالبة بإصلاح النظام ، كما في البلدان العربية الأخرى التي شهدت وما تزال تحركات شعبية واسعة تطالب بالاصلاح واطلاق الحريات الديمقراطية او تعزيزها ، وانهاء حالات الطوارىء المعلنة وغير المعلنة ومكافحة الفساد المستشري في الكثير منها .

الامر الذي حمل الحكام في عدد من الدول العربية على محاولة استباق الأحداث ، ومنع تطورها  ووصولها الى حد المطالبة باسقاط الانظمة القائمة ، وذلك بإتخاذ اجراءات تستهدف اجراء تنازلات تستجيب الى بعض ما تطالب به الجماهير ، وتخفيف الضغط الشعبي المتواصل.

ولم يشذ العراق عن باقي الدول العربية في هذا المجال . فرغم ان الحكومة فيه جاءت إثر انتخابات برلمانية مقبولة دولياً ، مع ما شابها من نواقص وطعون، فقد شهدت الاسابيع الثلاثة الماضية مظاهرات واعتصامات شملت غالبية المحافظات العراقية من الشمال الى الجنوب تطالب بتوفير الخدمات ،وفي مقدمتها الكهرباءوالماء ، ومكافحة الفساد ومعاقبة المفسدين وتأمين العمل للعاطلين ووقف هدر المال العام وسن القوانين التي طال انتظارها بإلغاء التعديل غير الدستوري لقانون انتخابات واجراء انتخابات نيابية مبكرة وحل مجالس المحافظات التي فشلت في الالتزام بما تعهدت به من وعود، وقانون الاحزاب وقانون النفط والغاز وقانون الصحافة وحماية الصحفيين وغيرها من المطالب الشعبية الملحة .

جابهت الحكومة هذه المطالب بشكل تعسفي محاولة قمعها والافتراء على المشاركين في رفعها

بالاتهامات الباطلة وارتكبت اجهزة امنها جريمة التصدي لها بالاكاذيب وبفرض منع التجوال للحد من اتساعها، ومن ثم اللجوءالى الهراوات وخراطيم المياه والقنابل الصوتية والمسيلة للدموع والرصاص الحي الذي اوقع نحو عشرين شهيداً وعشرات وربما مئات الجرحى واعتقال عدد من النشطاء ورجال الاعلام وتعريضهم للإعتداءات الجسدية وانتزاع اعترافات والتعهدات بعدم القيام بأية نشاطات ضد الاجراءات الحكومية التعسفية . كما لجأت الى التضييق على الاحزاب التي ساندت التحرك الجماهيري وشاركت فيه بفاعلية مشهودة كالحزب الشيوعي العراقي وحزب الامة بقيادة مثال الآلوسي.

ولجأت الحكومة الى جانب ذلك الى بعض الاجراءات الهادفة الى تخفيف الضغط الجماهيري من قبيل اعلان رئيس الوزراء عن عدم ترشيح نفسه لولاية ثالثة لرئاسة الوزراء وطلب تخفيض راتبه الى النصف وارسال بعض انصاره من النواب والمسؤولين لتلقي مطالب المتظاهرين المعتصمين في ساحة التحرير في بغداد والطلب من بعص انصاره المحافظين في البصرة وبابل وامين بغداد الاستقالة من مناصبهم تلبية لمطالب الجماهير والاعلان عن اعطاء الوزراء مهلة مئة يوم لإثبات كفاءتهم لشغل مناصبهم وغيرها من الاجراءات.

ومع ذلك تظل المعركة مستمرة بين الجماهير في كل البلدان العربية من اجل تحقيق ما تطالب به الجموع الغفيرة التي ما زالت تواصل مظاهراتها واعتصاماتها من اجل تحقيق مطالبها العادلة.     
 

لندن 16/3/2001

 

 

free web counter