| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبدالرزاق الصافي

 

 

 

 

الأربعاء  16/6/ 2010

 

جلسة بروتوكولية بعد مئة يوم !

عبد الرزاق الصافي

بعد مئة يوم على انتهاء انتخابات مجلس النواب العراقي ،التي جرت في السابع من آذار/ مارس الماضي، ينعقد ، بعد ساعات من كتابة هذا المقال صباح الاثنين 14/6/2010، مجلس النواب الجديد ، الذي يفترض فيه ان ينهي الحالة التي تشبه الشلل للعملية السياسية في العراق ، جراء ما افرزته الانتخابات من فوز اربع قوائم انتخابية ، ليس من بينها ولا واحدة تملك الاغلبية التي تمكنها من تشكيل الحكومة الجديدة . وليس هذا وحسب، بل ولا يمكن ان يجري انتخاب اي من المناصب السيادية في الحكومة ،اي رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الوزراء ونوابهم ،ووزراء الوزارات السيادية بدون اتفاق مسبق على صفقة متكاملة بين الكتل الاربع المذكورة التي صارت الآن ثلاث كتل بعد اندماج كتلة دولة القانون التي يترأسها رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي مع كتلة الائتلاف الوطني العراقي التي يترأسها عمار الحكيم .

ولأن الاشهر االثلاثة وعشرة ايام لم تكفِ هذه الكتل للاتفاق على انجاز الصفقة المذكورة فإن الامر يحتاج ، كما يجمع المراقبون السياسيون ومنتسبو الكتل المذكورة ، الى اسابيع بل واشهر للتوصل الى اتفاق بشأن تفاصيل الصفقة المنشودة بعد انعقاد الجلسة الاولى لمجلس النواب الجديد.

وإذا كانت صفقة العام 2005 ، التي اعقبت الانتخابات التي انتجت البرلمان الذي انتهت ولايته ، قد احتاجت الى خمسة واربعين يوما لإنجازها، فإن الصفقة المطلوبة اليوم قد تستغرق فترة اطول من ذلك . ولذا فإن جلسة الاثنين ستكون جلسة بروتوكولية تقتصر على الاستماع لكلمة من الرئيس جلال الطالباني و إداء النواب للقسم الذي ينص عليه الدستور، والاعلان عن ابقاء الجلسة مفتوحة لحين استكما ل الاتفاق على تفاصيل الصفقة بين الكتل الفائزة.

ويكمن سبب الاطالة للتوصل الى الاتفاق هو الصراع الحاد بين الكتل على منصب رئيس الوزراء ، الذي يعطيه الدستور العراقي صلاحيات واسعة باعتباره رأس السلطة التنفيذية والقائد العام للقوت المسلحة ، الامر الذي يمكـّن من يشغل هذا المركزان يكون صاحب النصيب الاكبر في كعكة الحكم وامتيازاته والوجهة التي تتوجه البلاد نحوها في السنوات الاربع القادمة .

ان ما يثير اسف بل سخط اوساط واسعة من الملايين من ابناءالشعب التي تحدت الارهاب والتخريب بشجاعة نادرة وادلت بأصواتها في السابع من آذار/ مارس الماضي ، هو هذا التعثر الذي تشهده العملية السياسية بسبب الصراعات بين النخب السياسيةالفائزة ، التي تطيل امد تشكيل الحكومة ، وتبقي حالة الشلل وتعطل الخدمات واستمرار الفساد الاداري والمالي والسياسي المستشري في كل مرافق الدولة ، وما يسببه كل هذا من تشجيع لقوى الارهاب والتخريب على الاستمرار في ارتكاب الجرائم البشعة بحق ابناء الشعب الابرياء وقتل العشرات بل المئات ، واستهداف المسيحيين والصابئة المندائيين بهف إفراغ الوطن من هذه المكونات الاصيلة في العراق منذ آلاف السنين، وابقاءالاضطراب الكبيرفي الامن ، ومهاجمة المصارف وسرقة الاموال لإدامة تمويل الارهاب . وآخر ما شهدته بغداد من هذه الجرائم ماجرى يوم الاحد الماضي من هجوم على البنك المركزي في قلب العاصمة بغداد والتسبب بمقتل وجرح العشرات من رجال الامن والمواطنين .

ان ابسط الواجبات الوطنية يقضي بوجوب مبادرة النخب السياسية الى التحلي بالشعور بالمسؤولية الوطنية والعمل على تقديم التنازلات المطلوبة والاسراع في تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم عناصر يجري اختيارها على اساس الكفاءة والوطنية بعيداً عن المحاصصة سيئة الصيت، ومن دون اهمال الاستحقاق الإنتخابي ، لإنهاء حالة الشلل السائدة الآن والانصراف الى تحقيق ما يصبو اليه الشعب من امن وطمأنينة وبناء واعمار وتأمين الخدمات وفي مقدمتها الكهرباء ومعالجة البطالة وتوفير العيش الكريم للمواطنين وانهاء واقع الشعب الفقير في بلد هو من اغنى بلدان العالم .
 


 

free web counter