عبدالرزاق الصافي
الأحد 14/12/ 2008
العراق: سجال حاد لا يخلو من فائدة!عبدالرزاق الصافي
تشهد الساحة السياسية العراقية منذ اسابيع سجالاً حاداً بين الكتل البرلمانية المشاركة في العملية السياسية شمل قضايا كثيرة، كانت في مقدمتها قضية الاتفاقية بين العراق والولايات المتحدة الامريكية، التي تنظّم انسحاب القوات الاجنبية من العراق في موعد اقصاه الحادي والثلاثين من ديسمبر ١١٠٢. هذه القضية التي حـُلـّت بإقرارالاتفاقية في البرلمان، بعد مداولات كثيفة استغرقت اياماً عدّة. وبإقرار ما سـُّمي بالاتفاق على الاصلاح السياسي والاستفتاء الشعبي على الاتفاقية في منتصف العام القادم. وظل التباين قائماً بشأن قضايا مهمة من بينها قانون النفط والغاز، وقضية كركوك والمناطق المتنازع عليها، وتعديل الدستور، وإقامة الاقاليم. واضيفت اليها قضية مجالس الاسناد التي يقف وراءها رئيس الوزراء وحزب الدعوة، والتي سبـّبت، لأول مرة، ممارسة غير معهودة هي توجيه رسالة مكتوبة من قبل مجلس الرئاسة، بكافة أطرافه »السادة: جلال الطالباني من التحالف الكردستاني، وعادل عبدالمهدي من المجلس الاعلى الاسلامي، وطارق الهاشمي من الحزب الاسلامي« معتبرة إقامة مجالس الاسناد عملاً غير دستوري. واعقب ذلك بيان من حكومة اقليم كردستان الى الحكومة الاتحادية، يحوي مؤاخذات كثيرة لرئيس الوزراء، واتهامات بالتفرد في اتخاذ القرارات في القضايا المهمة. ورد رئيس الوزراء على هذا البيان مؤكداً دستورية إقامة مجالس الاسناد، معتبراً إياها جزءاً من منظومة الامن.
وقد اثار السجال الحاد المتمثل في تصريحات متشددة وبيانات لا تخلو من حدّة بعض القلق بين اوساط الرأي العام العراقي. غير ان ما خفف من هذا القلق مبادرة رئيس الجمهورية جلال الطالباني الى التأكيد على ان كل القضايا قابلة للحل من خلال الهيئات الدستورية، والنقاشات الودية داخل المجلس السياسي للأمن الوطني، واللجان الخمس التي جرى تشكيلها للبحث عن حلول للقضايا العالقة. كما صرّح عدد من النواب بضرورة اعتماد الحوار الهادىء البناء لتسوية الخلافات بين الكتل النيابية تجاه هذه القضايا. وان جميع الفرقاء، تقريباً، يؤكدون على ضرورة العمل من اجل التوصل الى حلول توافقية وتجنب التصعيد، الذي لا يـُمكن ان يخدم اي طرف.
ولعل من ابرز الامور التي تبعث على التفاؤل الحذر هو قبول الجميع اللجوء الى القضاء للبت في الخلافات. وهو امر ايجابي جداً. فقد اعلن مسؤولون في إقليم كردستان انهم سيلجأون الى القضاء للطعن بدستورية إقامة مجالس الاسناد. الامر الذي اعتبره قيادي في حزب الدعوة »جناح المالكي«، ممارسة دستورية معقولة. وكذلك اعلنت الكتلة الصدرية انها ستطعن بدستورية إقرار اتفاقية انسحاب القوات الامريكية، التي أقرها المجلس النيابي امام القضاء. ولا احد يعترض على حق الكتلة في اللجوء الى القضاء. ان هذه الممارسات السلمية من حوارات ونقاشات وبيانات، حتى وان اتسمت ببعض الحدة، لا تخلو من فائدة مادامت اطرافها، في النهاية، تلجأ الى القضاء لحسم ما يدور بين هذه الاطراف من تباينات وخلافات فيما بينها.