| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبدالرزاق الصافي

 

 

 

 

الأربعاء 14/4/ 2010

 

استعصاء أم خطوة نحو الانفراج في العراق؟

عبد الرزاق الصافي

ما يزال موضوع النتائج النهائية للانتخابات العراقية الأخيرة قيد الترقب من قبل جميع القوى السياسية العراقية ، ذلك أن الطعون التي تقدمت بها بعض الكتل الانتخابية ، بما فيها بعض الكتل الأخيرة الفائزة بالانتخابات ، وغير الراضية عن نتائجها لم يبت بها حتى كتابة هذه السطور . وقد يستغرق إعلان رد المفوضية العليا للانتخابات على الطعون المقدمة إليها ، واقرار المحكمة الاتحادية ، لنتائج الانتخابات اسبوعاً آخر او اكثر .
وكيفما يكن الأمر فإن غالبية المراقبين السياسيين لا يتوقعون أن تؤدي الطعون التي تقدمت بها كثرة من القوائم ، إلى تغيير جدي في النتائج التي أعلنتها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات .

الجو السياسي العراقي في أعقاب الانتخابات مشحون بالخلافات بين الكتل ، وخصوصاً بشأن من يتولى تأليف الوزارة القادمة . فالمرشحون ، كما هو معروف بلغ عددهم العشرة . وهو رقم قابل للزيادة عن طريق ظهور مرشحي تسوية لم تظهر أسماءهم إلى العلن حتى الآن .

ولأن الموضوع بشأن من يجري تكليفه بتأليف الوزارة القادمة ، لم يعد شأناً عراقياً صرفاً ، جراء التدخلات الإقليمية والدولية ، ولجوء القوى العراقية النافذة إلى الاستقواء بهذه الجهة أو تلك من القوى الخارجية مع الأسف الشديد ،تصاعدت الحركة المكوكية للقادة العراقيين للذهاب إلى هذه العاصمة أو تلك لتسويق أنفسهم ، ولضمان تأييد هذه العواصم لهم في مساعيهم لاحتلال منصب رئيس الوزراء ، وللحصول على اكبر المكاسب لما يمثلونه من أشخاص وكتل سياسية وليس لمصالح الشعب العراقي.

ومن خلال استقراء ما جرى من اتصالات وما صدر من تصريحات لقوى ومراجع داخلية وخارجية يمكن أن يلحظ المراقب السياسي، إجماعا أو ما يشبه الإجماع على ضرورة إشراك جميع الكتل الفائزة في الانتخابات في الحكومة المرتقبة . ورفض ما هو منطقي وشائع في البلدان الديمقراطية العريقة من لجوء الأكثرية في البرلمان ، سواء أكانت حزباً بمفرده ، أو ائتلافاً سياسياً من عدة أحزاب وكتل برلمانية ، إلى تشكيل حكومة أكثرية ، وقيام الأقلية بلعب دور المعارضة . ويبدو أن هذا الأمر متعذر ، في الواقع السياسي العراقي الحالي لأن البلد ما يزال يمر في مرحلة انتقالية ، وان استثناء كتلة سياسية ما كبيرة يعني استثناء لما اصطلح عليه بمكوًن من مكونات الشعب العراقي . وهو أمر ترفضه ، ظاهراً، القوى الإقليمية والدولية ذات التأثير في الواقع العراقي .

ويبدو أن هذا هو منطلق ما اقترحه زلماي خليل زاد قبل أيام، وهو المسؤول الامريكي الذي كان له الدور الفعال في إحداث التغيير في العراق بإسقاط النظام الدكتاتوري ، والتشكيلات التي أقيمت في أعقاب ذلك . وذلك باقتراحه تقاسم مسؤولية رئاسة الوزراء زمنياً بين رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي ورئيس الوزراء الأسبق الدكتور اياد علاوي ، بأن يتولى كلاً منهما رئاسة الوزراء لمدة سنتين. وهو حل سبق أن جـُرّب في ألمانيا في فترة سابقة ، وذلك لأنهما يقودان اكبر كتلتين برلمانيتين. فالاول يقود كتلة تعدادها تسعة وثمانين نائباً ، ويطمح ان تكون اكبر بسبب ما قدمته كتلته من طعون ، والثاني يقود كتلة تعدادها واحداً وتسعين نائباً .

وانطلاقاً من مقولة أزمة اشتدي تنفرجي يتوقع المراقبون السياسيون ان يتحول الاستعصاء الحالي لموضوع من يتولى مهمة تشكيل الوزارة القادمة الى قوة ضغط على القوى السياسية النافذة للاستجابة لما تقول به جميعاً بضرورة اشراك جميع الكتل في الحكومة ، وما تطالب به المرجعية الدينية في النجف ، وما تعرب عنه القوى الاقليمية والدولية ، والتوصل الى حلول وسط ترضي جميع الاطراف . وان كان هذا لا يخلص البلاد مما تعانيه جراء ذلك من قيام حكومة ليست بالكفاءة المطلوبة للتغلب على الصعوبات الجمة في الوضع القائم ، بسبب من ان هذه الشراكة لن تكون بعيدة في الجوهر عن المحاصصة المقيتة التي شهدناها في السنوات السبع المنصرمة .

 


لندن 12/4/2010

 


 

free web counter