| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبدالرزاق الصافي

 

 

 

 

                                                                                   الأربعاء 14/9/ 2011

 

  حيرة!!

عبد الرزاق الصافي

يحتار المراقب السياسي في ما يمكن ان يختاره من موضوع للتعليق على ما يجري في العراق خلال اسبوع في حيز محدود من الجريدة ليس من المفضل ان يخرج عنه لمقتضيات مهنية محضة.

هل يختار الازمة المستعصية لإستكمال قوام الحكومة التي جرى تشكيلها بشكل ناقص ، إذ خلت من تشخيص وزراء اهم الوزارات السيادية ، واعني بها وزارتي الدفاع والداخلية ومسؤولية الامن الوطني ، طيلة ما يقرب من تسعة اشهر، لم تخلُ فيه البلاد من الاعمال الارهابية الاجرامية والخروقات الامنية وهروب المجرمين المحكومين منهم والذين ما زالوا قيد التحقيق ، في وقائع تشوبها شبهة تواطؤ هؤلاء المجرمين ومـَن وراءَهم من منظمات تخريبية وجهات معادية للعراق وللديمقراطية وللعملية السلمية المتعثرة ؟

ام يختار الصراعات اللامبدئية بين الكتل الكبيرة التي تشكلت منها الحكومة بحيث خلا البرلمان من المعارضة ، وذلك تحت مسميات "الوحدة الوطنية" و"الشراكة" و"المشاركة والتوازن بين المكونات"، وكلها مسميات لم تحمل سوى معنى واحداً هو المحاصصة الطائفية والقومية ، التي تلعنها كل الكتل في تصريحاتها وبياناتها ، وتتمسك بها حد اللعنة عند التطبيق ، وعند حساب المنافع والامتيازات ليس فقط للمناصب الكبيرة من رؤساء ووزراء ووكلاء وزارات ومدراء عامين ، بل وحتى الوظائف الصغيرة ، التي صار يتعذر على مستحقيها من ابناء الشعب الحصول عليها ما لم يكونوا مسندين من كتلة من هذه الكتل او حزب من الأحزاب التي تتقاسم السلطة ، في حين تمتلىء دوائر الحكومة بمن لا يستحقونها من مزوري الشهادات الذين يحظون بالدعم المكشوف من الكتل الكبيرة التي انشغلت مؤخراً في البحث عن سبل اعفائهم من جريمة التزوير، وفقاً لقانون العفو الذي يعكف البرلمان على تشريعه، لكي يحتفظ المزورون بمواقعهم في أجهزة الدولة او خارجها . وبلغت الجرأة ، إن لم نقل الوقاحة للتظاهر مطالبين بالعفو والتهديد باللجوء الى العنف ،إن لم تجر الاستجابة لطلبهم ؟!

ام يختار موضوع مجلس السياسات العليا الذي ورد ذكره في اتفاقية اربيل، من دون تفصيل ،قبل تسعة اشهر، والذي اثار ويثير خلافات لها اول وليس لها آخر حول تشكيله وصلاحياته وتسمية رئيسه ، بل ودستوريته، إذ يخلو الدستور من اية اشارة اليه ،وغير ذلك من الامور المتعلقة بهذا المجلس الذي جرى طرح فكرته لحل ازمة تشكيل الحكومة ، ليصبح في واقع الامر مشكلة مستعصية بحد ذاته؟

   ام يختار التوتر الذي تصاعد في الاسبوع الاخير بين حكومة اقليم كردستان والحكومة الاتحادية في بغداد، او التشظي في الكتل السياسية والانشقاقات التي تتم بذرائع شتى ليس من بينها عدم التزام الكتل بالدستور والتقصير في حماية الحريات العامة او مكافحة الفسادوغير ذلك من الامور التي تقلق ابناء الشعب؟

ام يختار المراقب السياسي الحراك الشعبي المطالب بإصلاح النظام وحماية الحريات الدستورية وصيانة حدود العراق من اعتداءات دول الجوار وقصفها القرى الحدودية ومصادرتها لحقوق العراق التي تنص عليها الاعراف والقوانين الدولية في مياه انهاره التي صارت تقطع عنه بشكل تعسفي ، ومكافحة الفساد المالي والاداري والسياسي المستشري في كل مرافق الدولة ، الذي يلقى الدعم من جهات متنفذة تعيق ملاحقة الفاسدين والمفسدين الكبار بأشكال متعددة . إذ تتولى كل جهة دعم فاسديها ومفسديها وتمنع محاسبتهم ناهيك عن انزال العقاب العادل بهم وتخليص البلاد والعباد من مفاسدهم؟     

لقد كان يوم الجمعة الفائت يوماً مشهوداً عمـّت فيه المظاهرات في العديد من المدن العراقية وفي مقدمتها العاصمة بغداد ، التي رفعت المطالب المذكورة اضافة الى طلب اجراء انتخابات مبكرة وفقاً لقانون ديمقراطي وقانون للاحزاب يطالبها بالكشف عن مصادر تمويلها ليمنع المال السياسي من تشويه الانتخابات ، واجراء احصاء السكان الذي عرقل تنفيذه المتحكمون بالعملية السياسية عدة مرات حتى الآن.

ومن الجدير بالذكر ان يوم الجمعة المذكور كان يوم غضب عارم على الجريمة النكراءالتي جرت يوم الخميس الماضي حيث جرى اغتيال الناشط الشجاع الصحفي والمخرج المسرحي هادي المهدي في بيته وسط بغداد بكاتم الصوت ، وهو الذي سبق ان اعتقل وثلاثة من زملائهوتعرض للتعذيب على ايدي رجال الامن في الخامس والعشرين من شباط/فبراير الماضي لكونه من نشطاء الحراك الشعبي المطالب بالاصلاح وتخليص العملية السياسية من الفساد ومواصلته الدعوة للتظاهر يوم الجمعة الفائت .

ان كل هذه الوقائع تجعل من مطلب اجراء الانتخابات بالشروط التي سبق ذكرها مطلباً يحظى بدعم اوساط اوسع فأوسع بإعتباره المخرج الاكثر سلامة للخلاص من الوضع الحالي ومواصلة السير في بناء العراق الديمقراطي الموحد المستقل

 

 

free web counter