| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبدالرزاق الصافي

 

 

 

 

                                                                                   الأربعاء 13/4/ 2011

 

هل تكفي 100 يوم لإصلاح الخراب ؟!

عبد الرزاق الصافي

حكومة ضعيفة ، غير مكتملة رغم مرور اربعة اشهر على اعلانها ، وغير منسجمة ، بل متصارعة المكونات . لا يرضى عنها رئيسها . قامت على اسس المحاصصة التي يتبرأ منها اطرافها قولاً، ويتمسكون بها فعلاً اشد تمسك. كل الاطراف تريد البقاء في الحكومة رغم الخلافات في الطروحات وتبادل الدسائس والاتهامات . حكومة جوبهت بمطالب شعبية واسعة تستهدف الاصلاح . وبدلاً من الاستجابة للمطالب الشعبية المشروعة بإعتراف كل الأطراف المشاركة في الحكومة ، جابهت هذه المطالب بالعنف ، الذي ادى الى سقوط العشرات شهداء وجرحى . كما جوبهت قبل قيام المظاهرات التي رفعتها بالاتهامات الباطلة وباتخاذ كل العراقيل التي تحول دون مشاركة اوسع الجماهير فيها .

ولما لم ينفع كل ذلك في تهدئة خواطر ابناء الشعب، ولكي يجري إعطاء أمل ، وللتقليل من حرج رئيسها، خرج على البرلمان والناس بإعلان إعطاء مهلة مئة يوم لوزرائه ليثبتوا جدارتهم في احتلال المراكز التي اعطيت لهم من قبل كتلهم ، من دون ان يكون لرئيس الوزراء رأي في صلاحهم لهذه المراكز .

وها قد مرت ، عند نشر هذا المقال ، مدة سبعة واربعين يوما ، اي ما يقل بثلاثة ايام عن نصف المئة يوم . فهل ظهر في الافق ما يوحي بأن المئة يوم التي حددها رئيس الوزراء كافية لإثبات جدارة الوزراء؟ وهل تلمس الناس  ما يشير الى ان الحال سيكون احسن عند انتهاء المئة يوم ؟

ظاهر الحال يشير الى العكس تماماً . فالحكومة لم تكتمل . إذ مازالت الوزارات الامنية : الدفاع والداخلية والامن الوطني ، وهي من اهم الوزراء ،إن لم تكن اهمها في وضع العراق الحالي ، شاغرة ، وتدار من قبل رئيس الوزراء ، وتنتظر اتفاق الأطراف على من يشغلها وفقاً لمبدأ المحاصصة .
ولذا لم يستغرب المراقبون السياسيون تصريح احد المسؤولين في احدى الكتل الكبيرة ان رئيس الوزراء قد يضطر الى تمديد المهلة التي اعطاها للوزراء مئة يوم اخرى.

ويكاد يجمع المراقبون السياسيون المستقلون على ان اية مئة يوم اخرى غير قادرة على تغيير الصورة ما دامت العلاقات بين الكتل التي تتكون منها الحكومة متنابذة في ما بينها ، وتتبادل الاتهامات بخصوص المسؤولية عن تردي الوضع واستمرار الخلل وتدهور الخدمات ، وخصوصاً الكهرباء ولم يبق علىى اشتداد الحر سوى اسابيع تعد على اصابع اليد الواحدة . واكثر من هذا يلحظ المراقبون تصاعد الاتهامات ، بين الكتل الي تتكون منها الحكومة ، بشأن المسؤولية عن جرائم بشعة ارتكبت في السنوات السابقة في الفلوجة وفي غيرها من مدن العراق . جرى الرد عليها بالتهديد بإثارة موضوع المسؤولية عن جرائم بشعة اخرى جرى ارتكابها من قبل من يثير هذه الاتهامات. وذلك بهدف قبول الجميع بالتخلي عن اية مساءلة لأي طرف من الاطراف !

ومن المعيب للكتل السياسية التي تتصدر المشهد السياسي في البرلمان والحكومة ان تعجز عن حل خلافاتها كل هذه المدة ووضع المصلحة الوطنية العليا لتخليص البلد من الوضع الذي هو فيه من فساد وتردي الخدمات واستمرار اعمال العنف والاختراقات الامنية الخطيرة ، كما حصل مؤخراً في محافظة صلاح الدين .
الامر الذي ادى بالادارة الامريكية الى ان تعود للتدخل المكشوف في الشأن العراقي المتمثل في زيارة وزير الدفاع الامريكي غيتس وتلفون نائب الرئيس الامريكي بايدن لرئيس الوزراء لحمل هذه الكتل على الاتفاق على استكمال الحكومة وانهاء الحالة الغريبة التي تعيشها البلاد.

ان ابسط مستلزمات الشعور بالمسؤولية الوطنية توجب على الكتل السياسية وخصوصاً قادتها، التحلي بالمرونة المطلوبة وتبادل التنازلات والانصراف بجد من اجل مكافحة الارهاب والفساد والشروع الجاد بالاعمار وتأمين الخدمات لا سيما تأمين الكهرباء والماء والرعاية الصحية وتخفيف البطالة وتشريع عشرات القوانين التي ينص عليها الدستوروفي مقدمتها قانون الانتخاب والاحزاب والنفط والغاز وغير ذلك من الامور التي طالبت بها المظاهرات والاعتصامات خلال الأسابيع الماضية ، والتي يمكن ان تكون سبباً في تصاعد الاحتجاجات من جديد . فهل يدرك المسؤولون ذلك ام يواصلون ما هم عليه الآن بكل ما يحمله من مخاطر ومن تجاهل لمطالب الشعب الذي لا يمكن ان يصبر الى ما لا نهاية ؟!
 

لندن 13/4/2011

 

 

free web counter