| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبدالرزاق الصافي

 

 

 

 

                                                                                   الأربعاء 11/1/ 2012

 

المثقفون العراقيون يرسمون طريق الخلاص!

عبد الرزاق الصافي

لم يعد يفصلنا سوى اربعة ايام عن الموعد الذي تردد في الاخبار لإنعقاد المؤتمر الوطني العام ، الذي تعتزم القوى السياسية في العراق عقده للبحث في كيفية الخروج من الازمة المستعصية التي تعصف بالعراق وتلف العملية السياسية الجارية فيه.

لقد عانت العملية السياسية منذ بدايتها في العام 2003 في اعقاب ازالة النظام الدكتاتوري البغيض ازمات عدة . وتعتبر الازمة الحالية اشد الازمات استعصاءً ،إذا ما استثنينا ازمة الاقتتال الطائفي في اعقاب تفجير مرقد الاماميين العسكريين في سامراء في شباط/فبرايرالعام 2006 .

وتسببت الازمة الحالية في اعقاب انتخاب مجلس النواب الحالي في العاشر من آذار/مارس 2010 . فمن المعروف ان تشكيل الحكومة الحالية ، ناقصة التكوين ، لم يتم إلا بعد نحو تسعة اشهر من انتهاء الانتخابات . وتم هذا التشكيل على اساس اتفاق غير واضح ، بما فيه الكفاية ، بين القوى التي وقعته ،جرت تسميته بـّ"إتفاقية اربيل"، التي لم تعلن نصوصها حتى الآن رغم مرور اكثر من سنتين على توقيعها!

ولذا فإن الازمة صارت تزداد استعصاءً يوماً بعد يوم واسبوعاً بعد اسبوع وشهراً بعد شهر بسبب من ان تشكيل الحكومة تم على نفس الاساس الخاطىء الذي اقيمت عليه الحكومات السابقة ، وهو المحاصصة الطائفية والقومية ، بزعم ان ذلك يؤمن الوحدة الوطنية والشراكة بين ما سمـّي بـ" مكونات" الشعب العراقي .

وليس من شك في ان تعاون كل القوى السياسية في ادارة شؤون البلد في المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد هو ضرورة وطنية إن تم على اسس صحيحة تضع مصلحة البلاد العليا فوق كل اعتبار. غير ان ما حصل تحت هذا المسمى في الواقع العملي هو العمل على تقاسم السلطة والثروة والنفوذ بين القوى المتنفذة في العملية السياسية ، بعيداً عن المصالح الحيوية للشعب ، وعن ضرورة الاستعانة بالعناصر الوطنية الكفوءة لشغل المناصب الحكومية ، وليس على اساس الولاء الطائفي والقومي والفئوي .

كما كان المفروض بالقوى السياسية المتنفذة المتحكمة بالعملية السياسيةان تحترم الدستور الذي اقسمت على احترامه ، وان تلتزم به نصاً وروحاً لحل ما يعترض العملية السياسية من صعوبات وازمات. غير انها ، للأسف ، عمدت الى خرقه اكثر من مرة تأميناً لمصالحها، كما قضى بذلك القضاء .

والاكثر خطراً من كل هذاهو المدى الذي اتخذته الصراعات في ما بينها في جو من فقدان الثقة ببعضها البعض . الامر الذي شل العمل الحكومي الى حد كبير ، وساهم في ابقاء التدهور الفظيع للخدمات واستشراء الفسادواستعصاء مكافحته واستفحال النشاط الارهابي الاجرامي واختراق الاجهزة الامنية من قبل الارهابيين وبقايا النظام المقبور والاستمرار في ارتكاب الجرائم التي تودي بحياة المئات من المواطنين الابرياء شهداء وجرحى كل شهر ، واحياناً في اليوم الواحد كما حدث في الثاني والعشرين من الشهر الماضي.

ان الوضع المكرب الذي سببته الازمة الحالية اثار القلق الشديد من لدن ابناء الشعب على اوسع نطاق من استمرار الوضع الحالي والاحتمالات الخطرة لتطور الاوضاع نحو ما لا تحمد عقباه .

وجرى الاعلان في بداية هذا الاسبوع عن تكثيف الجهود لعقد مؤتمر وطني عام يضم القوى المشاركة في الحكومة ومجلس النواب وغيرها من القوى التي شاركت في العملية السياسية منذ العام 2003 للبحث في الازمة وكيفية الخروج منها، على امل ان ينعقد في منتصف هذا الشهر .

غير ان المراقبين المحايدين ليسوا متفائلين في انعقاد المؤتمر في هذا التاريخ لأنه لم يعلن اي إتفاق على الموعد حتى كتابة هذه السطور ولا على جدول الاعمال ولا على القوى التي ستشارك فيه . واكثر من هذا ليس هناك من يعتقد بأن المؤتمر سيعالج جذور الأزمة ويضع لها الحلول الناجعة .

وقد استثار هذا الوضع جمهرة من المثقفين وحملهم على اصدار بيان حمل توقيع المئات منهم من مختلف القوميات والاديان والمذاهب والانتماءات السياسية قالوا فيه"اننا مثقفو واحرار العراق نناشد ابناء شعبنا بمختلف قومياته واديانه ومذاهبه التصدي للقوى المتنفذة بدون استثناء لأنها المسؤولة عن آلامهم وعذاباتهم." ودعوة هذه القوى للارتفاع الى مستوى الشعور بالمسؤولية الوطنية لإيجاد حل للأزمة الحالية التي تعيشها البلاد . وقالوا في بيانهم ايضا انَ"لا حل سوى بالتسامح والتعايش السلمي ضمن دولة تضمن حقوق المواطن بغض النظر عن انتمائه الديني اوالطائفي او القومي اوالسياسي. وتكون اطاراً للتعايش والتفاعل الحضاري بين ابناءالقوميات واصحاب الاديان المكونة للشعب العراقي دون اقصاء اوتهميش".

إنه طريق الخلاص الحقيقي للخروج من الازمة . فهل يصغي المسؤولون عن الازمة ،ويستجيبون لهذا النداء النبيل؟


لندن 8/1/2012
 

 

free web counter