| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبدالرزاق الصافي

 

 

 

 

                                                                                   الأربعاء 11/4/ 2012

 

المؤتمر الوطني العراقي من التأجيل إلى الفشل !

عبد الرزاق الصافي

غلبت تسمية المؤتمر الوطني على اللقاء الذي أعلنت القوى المتنفذة موافقتها على عقده قبل نحو ثلاثة أشهر لتدارس كيفية الخروج من الأزمة المستعصية التي سببتها سياسة المحاصصة والركض وراء المصالح الفئوية الضيقة بعيداً عن التفكير بمصالح الوطن والشعب العليا.

وبرغم إعلان جميع هذه القوى حرصها اللفظي على اللقاء وتدارس الأوضاع بغية الوصول إلى اتفاق ،إلا أنها عجزت عن الاتفاق على تحديد مكان عقد المؤتمر وموعده وجدول أعماله. وعمدت إلى تأجيل اجتماعات اللجنة التحضيرية التي شكلتها المرة تلو الأخرى خمس مرات. وكان آخر موعد مقرر لعقد اللقاء هو يوم الخميس الماضي الخامس من هذا الشهر الذي حدده رئيس الجمهورية باعتبار أن المؤتمر ينعقد برعايته. غير أن اللجنة التحضيرية التي ترأسها أول الأمر نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي ومن ثم رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي أعلنت منذ الأربعاء الماضي عن عجزها عن انجاز مهمتها بإعداد ورقة موحدة تجمع ما تتفق عليه الأطراف جميعاً بعد أن استبعدت دعوة أي طرف من خارج القوى الممثلة في الحكومة والبرلمان.

ولم يفاجئ هذا الإعلان الرأي العام الذي كان يتابع عمل اللجنة وتصريحات ممثلي أطرافها المتناقضة والمتضاربة التي تعكس عدم الجدية في الرغبة بالوصول إلى حل، وتخليص البلد من الحالة المؤسفة التي يعيشها في ظل هذه الصراعات العبثية والتعنت وطرح المطالب التي تعقد الوضع وتعرقل الوصول إلى اتفاق، حتى صرنا نسمع التصريحات المتوالية عن المساعي لسحب الثقة من الحكومة التي يشارك فيها الجميع! وعن الجهود المبذولة لعقد ائتلافات جديدة غير القائمة حالياً لإزاحة المالكي من رئاسة الحكومة. ولم تكن كل هذه الإعلانات في واقع الأمر سوى بالونات سياسية لم تسفر عن شيء.

أن العمل من أجل تنفيذ برنامج أي تكوين سياسي وعقد الائتلافات والتحالفات من أجل ذلك أمر اعتيادي في كل الأنظمة الديمقراطية، وخصوصاً البرلمانية منها. غير أن ظروف العراق والمرحلة الانتقالية التي يمر بها منذ العام 2003 حتى الآن حتمت ضرورة مشاركة كل القوى في العملية السياسية وفي تشكيل الحكومات.

وكان من الضروري أن تتم هذه المشاركة على أسس الكفاءة والنزاهة واعتماد المصلحة العامة والمسؤولية العليا أمام الشعب والوطن ، وليس ما جرى من تغليب المصالح الفئوية الضيقة، واعتماد الولاء بدل الكفاءة. الأمر الذي أدى إلى ما نحن عليه اليوم من صراعات لا مبدئية ، وانعدام وجود شراكة حقيقية في ادارة شؤون البلاد، رغم التسميات التي أطلقت مثل حكومة الوحدة الوطنية والشراكة الوطنية لتشكيلات لا تخرج عن مفهوم المحاصصة الطائفية والأثنية التي لم تراع فيها الكفاءة ووضع الشخص المناسب في المركز المناسب.

واليوم بعد وصول الأمور إلى ما هي عليه من سوء لم يعد أمام البلاد سوى سلوك واحد من طريقين : إما أن تلتقي القوى المتنفذة في ما بينها لتتبادل التنازلات المطلوبة لحل الإشكالات القائمة انطلاقاً من الشعور بالمسؤولية الوطنية العليا أمام الشعب والوطن، أو الرجوع إلى الشعب بإجراء انتخابات مبكرة نزيهة خالية من شوائب الانتخابات السابقة وإلغاء ما أقدم عليه البرلمان السابق من خرق للدستور عند تعديل قانون الانتخابات، والانتهاء من إقرار قانون ديمقراطي للأحزاب وإجراء إحصاء سكاني خصوصاً بعد ما أعلن عن اكتشاف مليوني بطاقة تموينية مزورة وهي إحدى الوثائق التي اعتـُمدت من له حق الانتخاب. فهل سيستجيب من بيدهم الأمور إلى هذا الذي يطالب به الرأي العام على نطاق واسع، أم تجاهل ذلك وتعريض البلاد إلى مخاطر تطورات لا تحمد عقباها؟
 

free web counter