| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

أحمد رجب

 

 

 

 

السبت 14 /1/ 2006

 

 

 

عبدالإله الصائغ يصارع الموت في الغربة

 

أحمد رجب

يتذّكر المواطنون العراقيّون في كل مكان المآسي والويلات والكوارث التي جرّتها الدكتاتورية المجرمة على الوطن بالإستفادة من الأجهزة القمعية المعادية للشعب بصورة عامة وللكتّاب والمثقفين بصورة خاصة وتشبث النظام الدموي بإفتعال الذرائع والأحداث المختلفة التي أظهرت حقيقة عقولهم العفنة لملاحقة الأخيار والأبناء البربرة للشعب دون إخفاء الحقد الطائفي الأسود الذي ملأ قلوبهم الحاقدة، ولا الخوف من جماهير الشعب التي رفضت وترفض التمييز الطائفي البغيض، هذه الجماهير التي طالبت دوماً بالديموقراطية، وبالمساواة بين المواطنين أمام القانون.

لقد قامت الدكتاتورية بمداهمة البيوت، وأعتقلت المواطنين الأبرياء من جميع الشرائح والقوميات والمذاهب، ومن ثمّ قتلهم، ومن جرّاء تلك الأعمال الطائشة والمشينة للدكتاتورية لاقى الآلاف حتفهم والمقابر الجماعية خير شاهد، كما فقد عشرات الآلاف وطنهم، وبدأت الهجرة الجماعية لأبناء الشعب، ومن ضمنهم هجرة رموز الفكر والثقافة وأصحاب العقول التي ساهمت بقسطها في الحفاظ على التراث الإنساني وبلد الحضارات.

يجب علينا أن نتذكر ونعيش مأساة الملايين المهّجرة خارج الوطن، وأن نتلّمسّ معاناتهم في الغربة والتشرد والحرمان، وفقدان حقوقهم كمواطنين عراقيين، وبالأخص في الوقت الحاضر بعد زوال النظام الدموي وجب مساعدة العراقيين الذين يعيشون في ديار الغربة، للتخفيف من معاناتهم ومصاعبهم، والنظر إلى ظروف معيشتهم الصعبة، والعمل من قبل الحكومة العراقية على لجم الإرهاب والسهر على تجفيف منابعه والتخّلص من حالة الإنفلات الأمني لضمان عودة العراقيين الذين غادروا الوطن مكرهين حفاظاَ على كرامتهم وعدم الإنصياع لإرادة الدكتاتورية الجبانة، لكي يستعيدوا حقوق المواطنة اسوةً بالآخرين، وإعادة ممتلكاتهم وتعويضهم على الأضرار الجسيمة التي لحقت بهم.

البروفيسور الدكتورعبدالإله الصائغ مفكروأديب ورمز من رموز الأدب والثقافة العراقية ترك وطنه مرغماً، شأنه، شأن أي كاتب وباحث ومثقف عراقي من أمثال محمد مهدي الجواهري وعبدالوهاّب البياتي وبلند الحيدري وأخرين، وهو جزء من شعبه وجماهيره يحمل هموم العراق الذي يواجه هجمة شرسة من العابثين والقوى الظلامية وبقايا النظام الدكتاتوري الأرعن، والصائغ إرتبط كما يرتبط وهو واثق من عمله وتوجهاته برؤيته العميقة وإدراكه الحسّاس بمعاناة جماهير العراق والمخاطر على مصير الوطن، لذا عمل بنشاط ودون كلل، للوقوف في وجه موجات الشر العاتية التي إجتاحت العراق: كما دأب على السهر والعمل بإستمرار من خلال كتاباته وأبحاثه على إيجاد مخرج يمكن مساعدة العراق على تخطي حالة القتل والإرهاب والتخلص من الفوضى والأعمال الإجرامية.

انّ عبدالإله الصائغ مثقف ومبدع عراقي غنَى للشعب والوطن، غنّى للعراق، كما غنّى لكوردستان، وعبّرّ عن سعادته بسقوط الدكتاتورية الفاشية لكي يعود الوطن حباً وجمالاُ وأمناَ وسعادة. لقد عرفنا الصائغ رغم كبر سنه ومتاعبه وأمراضه كتلة إبداع مشّعة لا تتوقف لحظة، وصاحب ذهن وقّاد يجوب في رحاب الثقافة، لكي يكون عطاءه في نشاط متصل لخدمة الإنسان.

بقلب مثَقل بالحزن يقرأ المرء إستغاثة مبدع عراقي وهو يصارع الموت في الغربة، بعيداً عن محبيه وأصدقائه وأهله، بعيداً عن مدينته الباسلة، بعيداً عن رأس الحواش والعمارة وحي كندة.

أليست مهزلة قاسية لبلد غني، وريث لحضارات ثقافية وإنسانية أن يكون أحد أبنائه ومن خيرة مثقفيه على فراش الموت، وهو يطلب المساعدة !!، أليست مهزلة أن يكون البروفيسور عبدالإله الصائغ، وهو من الذين نذروا أنفسهم بحثاً عن الحقيقة والدفاع عن الإنسان، والذي كرّسّ جلّ طاقته الإبداعية لخدمة بلده بحاجة إلى المال لإجراء عملية جراحية.

إنّها جريمة أن يقضي مبدع فذ مثل الصائغ صرعات الموت، على فراش الموت، وهو ينتظر مساعدته، وممّا لا شكّ فيه أنّ قضية هذا الصرح العراقي مأساة حقيقية، ومن باب الواجب، وليس العطف أناشد السيد رئيس الجمهورية العراقية الأستاذ جلال الطالباني الذي تبّرّع في وقت سابق لكاتب جزائري أراد بيع كلية من كليتيه بمبلغ من المال، كما أناشد الحكومة العراقية التي تتبرع هنا وهناك الإسراع في تبّني مسألة علاج والعملية الجراحية لعملاق من عمالقة الأدب والفكر، والإهتمام بقضية البروفيسور عبدالإله الصائغ كونه واجباً وطنياً لخدمة الثقافة العراقية، وعدم إحتساب هذا الواجب فضلاَ أو منّة من أحد، وعلى الحكومة العراقية القيام وبأسرع وقت ممكن لإنقاذ حياة هذه العلامة لكي لا يرحل عنّا، وأن يعود للوطن عزيزاً ومكرّماً وأن تكتحل عيناه برؤية أحبته في مديننه الجميلة.

أناشد إتحاد الأدباء ونقابة الصحفيين والهيئات الإعلامية في العراق وفي كل مكان مطالبة الحكومة العراقية على تبّني قضية المفكر الصائغ.