| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. أحمد الشيخ أحمد ربيعة

 

 

 

الثلاثاء 1/4/ 2008

 

الشيوعي والعراقية، من ؟ خسر من؟

د. أحمد الشيخ أحمد ربيعة

قبل ايام اعلنت القائمة العراقية فك ارتباط الحزب الشيوعي العراقي عنها، ومحاولة في الاساءة لهيبة الحزب الشيوعي العراقي استخدم البعض من العراقية وخارجها تعبير الطرد. وعودة قليلا الى الوراء يتذكر الكثير منا كيف دعا الحزب الشيوعي العراقي قبل الانتخابات الأخيرة الى تشكيل تكتل او جبهة على اسس وطنية وديمقراطية بعيدا عن الطائفية. ولم تجد مناشدات الحزب الشيوعي من اجل مباحثات واجراءت جادة لتشكيل تحالف كهذا الا في اللحظات الاخيرة قبل اغلاق تسجيل القوائم المرشحة. ولم يجعل الشيوعيون من قضية نسبة تمثليهم في القائمة - وربما كانوا مخطئين في ذلك - مشكلة تحول دون عقد هذا التحالف. وكانوا على امل ان يكون لهذا الاصطفاف نواة لجبهة عريضة ذات طابع وطني ديمقراطي بديلا لمشروع المحاصصة الطائفية والقومية وعلى امل ان يجري لاحقا تجاوز الثغرات التي رافقت التشكيل السريع مثل انجاز البرنامج والنظام الداخلي وغيرها. وشعر الاسلاميون بخطرهذا التحالف، لهذا فقد شنوا حملة ظالمة ضد العراقية واكبر تجسيد لذلك كان تصريح الهنداوي من المفوضية العليا للانتخابات حول الغبن الذي تعرضت له العراقية. وبنفس الوقت شن الاسلاميون وغيرهم حملة واسعة وظالمة ضد الشيوعيين بسبب ماضي علاوي الذي تناسوا انه كان حليفهم السابق الذي عزفوا معه وبكل مودة نغمة الحرب والدعم المفتوح للمشروع الامريكي بكل تفاصليه. في كل الاحوال بعد تشكيل البرلمان كان لنواب العراقية صورتهم وصوتهم الواضح والذي تميز عن الآخرين أثناء جلسات البرلمان.
كانت هناك اعتراضات وتحفظات داخل بعض اوساط الشسيوعين والجماهير المحطة بهم على هذا التحالف، وكان هاجس الشيوعيين ومحبيهم هو الاستقلالية بكل أشكالها والذي يشكل الخط الاحمر الذي لا يمكن تجاوزه في أية تحالفات. للأسف لم يفهم البعض هذا الامر ولا يبدو انهم سيفهمونه قريبا. ظل رئيس القائمة وبعض الاوساط فيها يتصورون بان العراقية عتلة رافعة للسلطة، وليس في هذا الامر ما يعيب في حالة كونها رافعة لتيار وطني ديمقراطي وليس لمشاريع ذات طابع شخصي. لقد كانت هناك اعتراضات حادة على الطريقة التي يدار بها عمل العراقية وعدم وجود نظام داخلي وآلية اتخاذ القرار وتواجد رئيسها الدائم في الخارج ومشاريعه السياسية وغيرها مما هو معروف، ابتدأت منذ اليوم الاول لتشكيلها وبداية شخصنة الدعاية الانتخابية وهذه الملاحظات والانتقادات جاءت من ابرز وجوه العراقية بما فيهم الشيوعيون وغيرهم وبدل أن تلجأ قيادة القائمة للحكمة والتعقل لدراسة تحفظات واعتراضات الآخرين استمرت بروح من الصبيانية السياسية والمغامرة والفردية في معالجة الامور.
لقد كانت الاصوات تتصاعد ومنذ فترة غير قليلة داخل أوساط الشيوعيين ومؤيديهم بالانسحاب من العراقية، ويظهر ان الامر كان محسوما في قيادة الحزب الشيوعي الا ان خطأ الشيوعيين كان في تكتيك انسحابهم، ويتطلب هذا الامر منهم الدراسة الجادة لاسباب تأخر وتطبيق تكتيكهم في الوقت المناسب (رغم انهم اعلنوا ذلك الموقف مسبقا وبشكل علني) ليس علي المستوى التنظيمي وانما على المستوي الفكري والسياسى.
ماذا بقى للعراقية في البرلمان؟ فالمعروف ان نصف اعضاء العراقية تقريبا لا يحضر بشكل دائم اجتماع مجلس النواب، اضافة للتواجد الدائم لرئيس القائمة في الخارج وكان رئيس الكتلة في البرلمان في معظم الاوقات هو سكرتير الحزب الشيوعي العراقي ، وحضور العراقية في افضل الاحوال لا يتجاوز 15 عضوا، من بينهم الحضور الواضح والدائم للنائبين الشيوعيين، إضافة الى أن المنسحبين الآخرين من العراقية والذين سبق أن تركوا العراقية ولم يتركوا للشابندر والنجيفي متعة اعلان طردهم، هم الاكثر مواظبة على الحضور.
لقد خسرت العراقية أكبر قوة سياسية منظمة فيها، وصاحب اي رؤية سياسية واقعية كان عليه ان يدرس مطاليب الشيوعيين التي لا تختلف في معظم جوانبها عن مطاليب النواب الاخيرين المنسحبين من العراقية، بعين الجدية حرصا وتطويرا لوحدة العراقية بدل المهاترات السياسية. فالشيوعيون هم الآن قوة فعالة وحية في الواقع السياسي، رغم كل الملاحظات والانتقادات والنواقص التي تثار حول سياستهم سواء من داخل اوساطهم او من خارجها من القوي الحريصة على تطوير دورهم. ولا يسعني الا ان اشير لحادثتين تؤكد دورهم، الاولى مارأيناه في احد افلام الفيديو علي احد مواقع الانترنيت، وكان عبارة عن لقاء للسيد مقتدى الصدرببعض كوادر تياره، وحين يرفض الصدر كما يبدو من مطالبة احد كوادر حركته اعطاء مبلغ معين لانشاء مكاتب للتيار بين صفوف الطلبة والشباب، فما كان من الاخير الا ان يذكر السيد مقتدى بدور ونشاط الشيوعيون وكيف انهم سابقا استولوا على عقول الطلبة والشباب حتى عقول ابناء العلماء. الحادثة الثانية ما انتشر من اخبار حول ترأس احد القيادات الاسلامية الحزبية الهامة لوفد من الاسلامين ولقائهم بالسيد السستاني ومطالبته بأصدر فتوي ضد الشيوعيين على غرار فتوى الحكيم في ستنيات القرن الماضي، ولم يحصل الوفد على مرامه. ورغم كون للشيوعين نائبين فقط ، الا انهم كما عبر احد النواب الإسلاميين في إحدى المجالس الخاصة، بأنهم اكبر قوة برلمانية بسبب واقعية ومصداقية طروحاتهم وبما تركه من اثر ونقاشات داخل الكتل الاخرى. وبتقديري لو كان التصويت سريا داخل قبة البرلمان للمسنا هذا التأثير بشكل ملموس.
يتهم الشابندر النواب الشيوعيين ومواقفهم الأخيرة وخلافاتهم مع العراقية بتصويتهم على بعض القوانين باعتباره انحيازا طائفيا وتقديم مصالح الحزب على مصالح العراقية. وفي الواقع كان هناك نواب اخرون هم الآن داخل العراقية او خارجها صوتوا الى جانب هذه القوانين وهذا الامر معروف، ثم الخلاف على هذة القوانين هو ليس خلافا داخل العراقية وانما هناك خلافات في داخل الشيوعيين أنفسهم وبالأحرى داخل كل القوى السياسية وليس سرا ان تسمع اعتراضات من اوساط الشيوعيين اتجاه هذا الامر ومن الضروري اعطاء هذا النقاشات سواء كان المؤيد او المعترض لها، المزيد من الجوانب الفكرية والسياسية ، ويبقى الحكم للايام كي تثبت ماهو الصحيح، ولكن المؤكد والثابت ان النواب الشيوعيين لم يصوتوا لهذه القوانين بدوافع طائفية، وهذا لا يعدو عن كونه غير اتهاما باطلا ورخيصا. من جانب اخر هل يوجد حزب سياسي يحترم نفسه سواء في العراق وحتى في العالم لا يأخذ مصالحه بنظر الاعتبار. لقد سبق أن حلم اخرون من قبل بأن يروا يافطة الشيوعيين مكتوب عليها الحزب الشيوعي العراقي لصاحبه فلان. ويظهر ان المشكلة ليست في الواقع وانما في احلام البعض.

الشيوعيون العراقيون وهم يستقبلون الذكرى 74 لتأسيس حزبهم المقدام لن يكونوا حزب الشهداء اعتزازا بتاريخهم فقط وانما حزب الاحياء اعتزازا بمستقبلهم ومستقبل شعبهم ووطنهم. فهم يؤكدون عزمهم على تطوير قواهم على كافة الاصعدة التنظيمية والسياسية والفكرية، لكي يبقوا قوى حية داخل المجتمع. انهم كانوا وسيبقون هكذا ملح الارض.




 

Counters