| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. أحمد الشيخ أحمد ربيعة

 

 

 

الأربعاء 1/12/ 2010



خراب الدعوة ام خراب البصرة

د. احمد الشيخ احمد ربيعة

البصرة المنكوبة بسياسة النظام الساقط لم تجد من القادمين الجدد من يداوي جراحها شعبا وارضا، فمازالت مثال خرابها مظهرا لخراب العراق كله. يجد البصاروة انفسهم ومدينتهم في خضم المنطحات السياسية، فعلى سطح المناورات السياسية والبحث عن تعزيز مراكز القوى ومن اجل التأثير الاقوى على حاضر ومستقبل العراق يطفو على السطح خلال الاشهر الاخيرة مشروع فدرالية البصرة. هذا المشروع الذي لا يتعارض مع نصوص الدستور بل على العكس هناك ماهو داعم له من نصوص في الدستور، ولكن ما يثير التساؤل توقيت طرحه وهل سيصب في الوقت الراهن في مستقبل المدينة واهلها ومستقبل العراق (الديقراطي الفدرالي الموحد)، وهل ان القوى الداعمة لهذا المشروع تكتسب مصداقيتها في الواقع العملي بما انجزته للمدينة وهل يعكس رغبة حقيقية من البصاروة في هذا التوجه وهل يعبر ذلك عن وجهة نظر القوى السياسية المتواجدة في المدنية وهل سيخلق ذلك قاعدة مشتركة للعمل من اجل تطوير العمل بين هذه القوى ومن اجل تطوير البصرة المنكوبة، وهل يجري ذلك في ضوء خطة واضحة ومدروسة بكفاءة عالية ام انها مطالب سياسية واقتصادية لجهات تحاول تعزيز مواقع قواها في الصراع القادم داخل المدينة وفي العراق كله. هذه وغيرها من الاسئلة المفتوحة بحاجة الى اجابات واضحة.

يرفع حزب الدعوة هذه الراية، باعتباره القوة المتنفذة في المدينة وبعد ان سيطر وحصل على الاغلبية في مجلس المحافظة عبر قانون انتخابات جائر ضمن للفائز الاقوى ان يزحف ويبتلع اصوات القوى التي لم تستطيع العبور الى مجلس المدينة والتي استطاع حزب المالكي من خلال ابتلاعه هذه الاصوات ان يضاعف اعضائه في مجلس المدينة (لعبة القمار - فوق السبعة تحت السبعة)، ولم تكن فدرالية البصرة ضمن الشعارات التي خاض حزب الدعوة الانتخابات من اجلها بل على العكس، فان حزب الدعوة في المركز وفي المدينة وقف بالضد من الدعوة المعروفة من السيد القاضي وائل عبداللطيف المحافظ السابق للبصرة وعضو مجلس النواب السابق عن العراقية ثم المستقل والنائب الحالي لمجلس النواب عن دولة القانون. وعبأ كل قواه وباشكال عديدة تحدث عنها القاضي في وقتها بما فيها استخدام اسم المرجعية في النجف ويمكن الرجوع الى احاديثه ولقاءاته المنشورة في هذا المجال. وحتى بعد سيطرة الدعوة على مجلس المدينة ومركز المحافظ لم يكن هذا الامر من اوليات القوى المنتفذة الجديدة.

طرح مشروع فدرالية البصرة بالترافق مع اعلان نتائج الانتخابات الاخيرة وعدم استطاعة المالكي وقائمته بالحصول على اعلى الاصوات بحيث يستطيع ان يشكل حكومة يستطيع حزبه ان يتحكم فيها وعلى غرار ما حصل في انتخابات مجالس المحافظات وتشكيل الحكومات المحلية، وطبعا عبر عن هذه الوجه قياديي الدعوة سواء في الداخل او الخارج وكان الحديث عن حكومة مركزية قوية يقودها المالكي مدعومة باغلبية برلمانية مرتبطة بقائمته، باعتباره الحل الشافي لنظام المحاصصة والتوافق وبما يمكن من اعادة اعمار الوطن وتطوير العملية السياسية فيه. وارتبط اعلان فدرالية البصرة ايضا بالفشل الذريع في تحقيق اي انجاز يذكر في مدينة البصرة على كل المستويات وليس اكثر من شهادة على ذلك هو سعة وحدة المظاهرة التي شهدتها البصرة حول قضية الكهرباء وكذلك حدة الرد والتستر على المجرمين الذين تسببوا باستشهاد وجرح عدد من المتظاهرين وارتباط كل ذلك باشتداد مظاهر الفساد في ادارة المدينة وارتباط اسماء كبار الحيتان الجدد وسارقي المال العام وغيرهم من حثالات النظام الجديد بعلاقات مع احزاب الاسلام السياسي في البصرة وفي كل العراق ومنها حزب الدعوة.

ان كل ذلك يرتبط ببراغماتية شديدة يمارسها الدعوة باعتباره القوة النافذة في تشكيل اغلب الحكومات المحلية ومنها البصرة، هذه البراغماتية التي تتحكم فيها بوصلة البقاء على راس السلطة. ومن الصعب لاي متابع ان يراقب مجرى التغيرات في طريقة تفكير الدعوة، وحتى الان لم نقرأ اية وثائق صدرت من مؤتمراته او اجتماعات قيادته تعكس اي تغيرات في برنامج الدعوة وبالذات اسلمة المجتمع والدولة، هذا المشروع الذي لن يجد اي حياة في المجتمع العراقي بل على العكس يتناقض مع منطق الحياة والتطور وبناء الديقراطية وغيرها من المثل الانسانية، واهم حلقة في اسلمة المجتمع والدولة هو السلطة، كل ما نسمع اليوم هو طروحات سياسية وشعارات مرتبطة اساسا بقضية الصراع على النفوذ ومراكز القوى والسلطة. لكن الواقع العملي يعكس بان الدعوة شأنه شأن الاحزاب الاسلامية الاخرى لم يتخلى او يتراجع عن سياسة اسلمة المجتمع والدولة بل على العكس يسعى لتحويل الدولة كأحد المراكز الاساسية لسيادة نفوذ حزب الدعوة فيها. والا كيف يسعى حزب الدعوة وغيره من احزاب الاسلام السياسي لاقامة رفاهية البصاورة وكل العراقيين وهو يواصل الهجوم على مظاهر الحياة المدنية في البصرة وغيرها من المحافظات . والمفارقة في هذا الجانب ان الكثير من قيادة الدعوة عاشوا دهرا تحت راية الدول العلمانية في اوربا الغربية وغيرها من الدول العلمانية ولحد الان تعيش عوائلهم تحت راية العلمانية ويستمتعون بكل فضائل العلمانية ولكن يريدون للعراقيين الدولة الاسلامية. ان اسلمة المجتمع والدولة هي الوجه الاخر لسياسة تبعيث المجتمع والدولة التي اتبعها النظام الساقط والتي اذاقت شعبنا الذل والرعب و لم تكن في حقيقة امرها سوى الطريق لقيام نظام القتلة البشع الذي ادخل الموت والخراب لبيوت العراقيين .كذلك لم يتخلى الدعوة ويظهر انه لن يتخلى بتركيبته الحالية عن نظام المحاصصة الكريه، بل على العكس اصبح اكثر رواده وحامل راية المحاصصة المخزية ما دام هذا النظام يؤمن له اكبر مراكز النفوذ والقوة.

ان فيدرالية البصرة حق مشروع ولكن طرحه في الوقت الحالي لا يرتبط بمصالح البصاورة ولا بمصالح العراقيين. هذه الدعوة ترتبط بطبيعة الصراع على مراكز القوى وجعل البصرة ومستقبلا الناصرية والعمارة باعتبارها اغنى مناطق العراق، مركز قوة لبعض القوى المتنفذة من اجل احكام الطوق عليها والتحكم بمستقل البلد لاحقا. من يريد للبصرة ولغيرها من المناطق فليثبت مصداقيته على ارض الواقع وليحقق شيئاً قليلا تعتد به الناس، ثم يبحث عن افاق جديدة لتطوير البصرة وكل العراق.

اخيرا همسة في اذان القوى الديقراطية فحين اعلن السيد وائل عبداللطيف مشروعه حول الفدرالية، اوضحت القوى الديمقرااطية في البصرة موقفها بشكل واضح وعلني وجرى نشره بشكل واسع، ولكن ما يثير الغرابة الان انه لم نسمع لا حس ولا خبر كما يقال.

 

 

free web counter