| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. أحمد الشيخ أحمد ربيعة

 

 

 

                                                                                      السبت 17/12/ 2011



حول الفدرالية
(2-3)

د. احمد الشيخ احمد ربيعة

ثانيا: اول من طرح شعار الفدرالية هو الحزب الشيوعي العراقي. كان هذا الشعار هو تطوير لشعار الديقراطية للعراق والحكم الذاتي الحقيقي لكردستان العراق (السياسي المعارض سعد صالح جبر اشار لهذه القضية في الصحف الكويتية في ثمانينات القرن الماضي، لاحقا طرح هذا المشروع وطور من قبل الفقيد القيادي في الحزب الشيوعي رحيم عجينة، ثم تبناه الحزب الشيوعي رسميا كحل للمسألة القومية الكردية في العراق).

هناك حقيقة تاريخية وقد سبق ان كتبت عنها ربما تثير حساسية البعض كما حصل في الندوة، وهي ان الحركة القومية الكردية منذ ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي ورغم كل تضحياتها المشرفة إلاّ انها لم تستطع في اي مرحلة من مراحل نضالها البطولي صياغة الشعار او الشعارات الستراتيجية لنضال الشعب الكردي من اجل حقوقه القومية المشروعة في العراق. لقد صاغ الحزب الشيوعي العراقي هذه الشعارات في المراحل التاريخية المختلفة وعمل على تطويرها بانتظام في مختلف مراحل تطور القضية الكردية باعتبارها ركنا أساسيا من قضية الديمقراطية في العراق، ولاحقا وفي مختلف مراحل النضال تم تبني هذه الشعارات من قبل الحركة القومية الكردية في العراق. فالشيوعيون اول من اقر شعار تقرير المصير بما فيه حق الانفصال واعتبروا بشكل راسخ بان حل القضية الكردية هو جزء من حل قضية الديقراطية ولا يمكن حلها بمعزل عن حل  قضية الديمقراطية في العراق وان مستقيل العراق مرتبط بالحل السليم والسلمي لهذا القضية. وهم اول من طالبوا بالحل السلمي وعارضوا الحرب والحلول العسكرية في كردستان العراق وفي كل الفترات المختلفة. هم الذين اول من رفع شعار الحكم الذاتي ثم شعار الحكم الذاتي الحقيقي وصولاً الى الفدرالية.

لم يكن الشيوعيون وهم يصغون ويطورون شعاراتهم بخصوص القضية الكردية مسترخين في ابراجهم العاجية وانما كانوا في صلب النضال الدامي من اجل مطاليب الشعب العراقي والشعب الكردي. وهذه في واقع الامر ليست دعاية للشيوعيين بقدر ما هي انصاف للتاريخ ويمكن لأي باحث او قارئ منصف ان يرجع الى هذا التاريخ بعيداً عن الحساسية. وهنا تحضرني مفارقة ان الانتخابات الاولى التي جرت في كردستان العراق بعد انسحاب قوات النظام الساقط منها.  دخل الحزب الشيوعي وكذلك حزب الشعب الانتخابات رافعاً شعار الفدرالية بينما دخلت الاحزاب الكردية الاخرى بما فيها الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني  رافعة شعار الحكم الذاتي لكردستان.

لقد رأى الشيوعيون وما زالوا كذلك بأن الحكم الذاتي ثم لاحقاً الفدرالية ما هي الا الشكل التاريخي الملموس لممارسة الشعب الكردي حقوقه القومية، وهذا الامر يفتح الطريق مستقبلاً لممارسة الشعب الكردي حقه في تقرير مصيره بنفسه بما فيه حق الانفصال وتكوين دولته المستقلة. بمعنى ان الحكم الذاتي او الفدرالية هي ليست بديلاً عن هذا الحق فهو حق مطلق. ان الممارسة الحقيقية لهذا الحق هي استفتاء  شعب كردستان حول مصيره او شكل علاقته بالعراق. بتقديري وهذا عملياً ما حصل ان قرار  البرلمان الكردستاني بإختيار الفدرالية ( حل فرضته ظروف سياسية معنية داخلية وخارجية) ضمن العراق الاتحادي هو في واقع الحال قرار احزاب سياسية معينة، اي قرار احزاب الزم به شعب كردستان وليس خيار تاريخي  لشعب او شعوب كردستان الزمت القوى السياسية الكردستانية به. انه في واقع الحال اتفاق سياسي فيه  قدر غير قليل من الهشاشة. من الجانب الاخر للقضية لدي شكوك غير قليلة ان الحركة القومية بوضعها الحالي قادرة على انجاز مشروع كهذا سواء في حالة الانفصال او البقاء ضمن الدولة الاتحادية، ليس بسب ظروف المنطقة وما يحيط  بالشعب الكردي في العراق وقضيته من تعقيدات خارجية فقط وانما  ايضا بسبب التغيرات الطبقية والاجتماعية التي طرأت على قيادة هذه الحركة وطبيعة ارتباطاتها وطريقة تفكيرها وموقفها من الديمقراطية وطبيعة الصراع على السلطة ومراكز القوى منذ انسحاب قوات النظام الساقط من منطقة كردستان وتضخيم المشاعر القومية المشروعة الى حد الاوهام وطبيعة السلطة التي اقيمت في الاقليم وغيرها من الاسباب التي لا مجال لذكرها الان مع عدم نكران ما انجز من ايجابيات في الاقليم. وهنا اود التوقف عند قضية بتقديري انها تشكل قدم اخيل في سياسة الحركة القومية الكردية والتي تتجسد في سياستها العملية بفصل حل القضية الكردية  عن حل قضية الديمقراطية في العراق ، متناسين أخطاءها السابقة والمؤلمة في هذا الجانب للشعب الكردي خصوصاً ولعموم الشعب العراقي. ان هذا المنهج كان جوهر سياسة الحركة القومية العربية الشوفينية اتجاه القضية الكردية والتي قادت العراق الى الكارثة الحالية.

لا يمكن بتقديري حل القضية القومية في العراق وبالذات القضية الكردية بدون حكومة علمانية  وطنية وديمقراطية في العراق. ان نظام المحاصصة القومية الطائفية والذي يشكل التحالف الكردستاني جزءً اساسياً منه وداعماً قوياً له، عاجز عن تقديم حل سلمي وسليم لحقوق الشعب الكردي المشروعة او حقوق القوميات الاخرى في العراق. وابسط الامثلة هو المادة 140 التي كانت وستبقى معلقة لاجل غير معروف. والتي مجرد التفكير انها لا تشمل الاراضي المتنازع عليها بين الاقليم والمركز وانما حل كل المناطق المتنازع عليها في عموم العراق كافي ليبقيها معلقة لامد غير معروف خاصة كما يحلو لبعض الطائفيين باستخدام مصطلحات الارض الشيعية والاراضي السنية.

ان التخلي او الدعم الشكلي للقوى الديقراطية وعزل النضال من اجل مطالب مشروعة للشعب الكردي عن النضال المشروع لعموم الشعب العراقي في الحياة الحرة الكريمة والامنة يفقد الشعب الكردي وحركته القومية اكبر وارسخ واصدق حليف له. ولن تقدم سياسة الحصول على اكثر ما تستطيع من المغانم حلاً جذرياً للمسألة القومية في العراق وبالذات القضية الكردية. ولن تكون هناك حياة امنه ومشرفة للعراقي العربي  يفتخر بها ما لم تكن هي كذلك لاخيه الكردي والتركماني والكلداني والاشوري ولكل عراقي بعيداً عن دينه وقوميته ومذهبه.



حول الفدرالية (1-3)



 

 

 

free web counter