| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. أحمد الشيخ أحمد ربيعة

 

 

 

                                                                      الثلاثاء  17 / 12 / 2013



نظرة أولية في مشروعي الاحوال الشخصية الجعفري والقضاء الشرعي الجعفري
(1-2)

د. احمد الشيخ احمد ربيعة

شكل الموقف من اصدار قانون الاحوال الشخصية رقم 188 الصادرعام 1959احد المعابر لتحالف القوى المناوئة لثورة تموز المجيدة عام 1958 من بعثين وقوميين وبعض رجال الدين وغيرهم من القوى التي حملت سيفها ومحبرتها في وجه الثورة منذ اللحظة الاولى لقيامها.

طوال تلك السنين ظلت قوى الاسلام السياسي تناصب تطبيقات هذا القانون العداء، ولم تمنح نفسها فرصة المراجعة لموقفها العدواني هذا، رغم ان القانون لا يتعارض مع تعالم الاسلام ولا المذاهب المتفرعة عنه. جميع تلك القوى ومنذ الفترة اللاحقة لثورة تموز حتى يومنا هذا بقيت ومازالت تنقب عن الفرصة المتاحة للقضاء على الجوهر المدني لذلك القانون. فعليا بدأت تلك المحاولات منذ 8 شباط الاسود 1963، ومن ثم طرأت علية العديد من (التعديلات) في جميع الانظمة اللاحقة في الستينات والسبعينات وما بعدها، الا انه رغم ذلك ظل في جوهره ذو طابع مدني.

الموقف العقائدي لبعض قادة الاسلام السياسي الجديد وبالذات قوى الاسلام الشيعي أظهرت - بعد نيسان 2003 عزمها المتهالك لانهاء ذلك القانون التقدمي المتحول بنظرها مع مرور الزمن الى عقدة سياسية- نفسية تريد التخلص منها لاعتقادها ان قانون 188 مازال مرتبطا باسم عبدالكريم قاسم وثورة تموز الخالدة والقوى الوطنية والديمقراطية التي ساندتها. تكفي ان تكون وطنية قاسم ونزعته العراقية الصادقة وشرفه ونزاهته وانحيازه للفقراء، شوكة في عيون القوى الطائفية المنتفذة في الحكم، والتي ستبقى تحلم ان تلامس سمات عبدالكريم قاسم، كحلم ابليس في الجنة.

تسعى قوى الخراب المنتفذة في الحكم باصدارها مشروعين في ان واحد ( القضاء الجعفري والاحوال الشخصية الجعفري )، ليس بهدف تنظيم المجتمع العراقي وتنظيم علاقاته الانسانية، بل تسعى الى شرعنة الطائفية وادخالها لاصغر وحدة في بناء المجتمع وهي ( الاسرة)، مما يودي بالتالي الى استحكام سرطان الطائفية في عموم المجتمع وصيرورتها طائفية سياسية بامتياز. بالطبع يعكس هذا عقلية الفكر المتحكم الان في العراق. من يطلع على نص مشروعي القانونين يصل الى نتجية مفادها ان هولاء المتحكمين بالاوضاع العراقية ابعد من ان يكون لهم مشروع بناء او اعادة بناء دولة، ليس فقط بتجربتهم الخائبة والمهلكة للعراق منذ 2003 وانما ايضا بطبيعة تفكيرهم الذي يرسم يوم بعد اخر طرق جديدة - ربما من دون ان تدري- لاستكمال ما لم ينجزه النظام السابق من خراب ودمار وتجهيل وافقار ودماء لن تحقن.

مشروع الاحوال الشخصية الجعفري مسئ للاسلام بشكل عام وللمذهب الجعفري بشكل خاص. المشروع استفاد من المذاهب الاخرى، عمليا المذاهب الاسلامية تتداخل في امور عديدة وتتفرق في قسم اخر وهذه الاستفادة هي قضية ايجابية كانت المحور الاساسي في صياغة قانون الاحوال الشخصية 188الذي اخذ في معظم فقراته من المذاهب جميعا بما هو مشترك في غالبه وبما يخدم المجتمع وبما يرافق تطور الحياة والمجتمع، وقد استفاد المشروع حتى من موقف ابن تيمية وابن القيم الجوزية كما في الباب الثالث – الفصل الاول - الطلاق - تاسعا (ايقاع الطلاق بشكل منجز وعدم تعليقه على امر مستقبلي معلوم او متوقع الحصول .... الخ )، ولكن الغريب ان مشروع القانون الجديد المقترح من وزارة العدل ومن وزيرها السيد حسن الشمري، اخذ في بعض جوانبة بما هو مظلم ومتخلف ومثير للسخرية والاستهجان في المذهب الجعفري – الحلقة القادمة فيها بعض التفاصيل- وكما هو معرورف فان كل المذاهب الاخرى فيها هذا الامر ايضا، كما في مثلا الموقف من الزواج والدخول بالصغيرة (كما يسميها المشروع) دون التسع سنوات، رغم التحايل والتلاعب في الالفاظ التي لا تمتلك صيغة قانونية الا ان المشروع لم يستطيع ان يخفي ذلك. القارئ للمشروعين سيكتشف وبدون عناء كبير ان كتاب المشروع لم يكونوا سوى من اهل الكهف الذين نسى احدأ ان يقضوهم ، الى ان جاء وزير العدل السيد الشمري واوقضهم من سباتهم من اجل كتابة هذا المشروع، ربما هم يعرفون اشياء عديدة وعديدة جدا، ولكنهم وبدون شك ومعهم وزير العدل، لا يعرفون انه هناك شئ اسمه علم وهذا العلم كان وسيبقى في حالة تطور دائم ( الفصل الخامس - احكام الاولاد -..المادة 122 وفروعها, المادة 113. نسوا هولاء ان اثبات نسب الطفل للاب هو عبارة تحليل طبى موجود في متناول جميع الناس الراغبين بذلك، ولكن كما يقال ان لله في خلقه شوؤن كما في شأن تولي السيد الشمرى وزراة العدل دون ان تكون له يوما خبرة في القضاء او في ممارسة المحاماة.

علق الان اصدار المشروعين بقانون ، ولكن لا يعني هذا نهاية لامر. فهذه هي المحاولة الثانية لالغاء قانون الاحوال الشخصية 188 لسنة 1959 منذ 2003. اليوم لم يستقيم الامر بعدُ لقوى الاسلام السياسي الشيعي في هذا الامر رغم جعجعة الاصوات الطائفية التي تريد ان تقسم حتى الهواء في العراق الى سني وشيعي، فقد تصدت العديد من الاصوات المهنية والكفوءة في مجال القانون لهذا الامر، ورجال دين موقورين وبالذات من الشيعة والعديد الاصوات الوطنية، افراد او مؤسسات، الا ان هذا الامر لم ينتهي وستبقى قوى السرطان الطاثفي تتحين الفرص لاصدار قانون كهذا. لقد فتحت هذه القوى جبهة جديدة ضد العراقين المنكوبين بنظام غير مدني، تستطيع ان تسخينها طبقا لمصالحها، لذا ادعو كل عراقي غيور وبالذات من الشيعة الجعفرية واللذين يجري المتجارة باسمهم وباسم مذهب أهل البيت، ان يقرأ هذين المشروعين، وان يتخذ او يعيد صياغة موقفه من الامر بما يتطلب باعتباره اب او اخ او زوج وبالاحرى يكفي ان يكون عراقيا يسعى لحفظ مكانة وروح المواطنة العراقية، ومن اجل ان تشل يد القوى الطائفية التي لن تكف ان تتعامل مع العراقين الا بصياغات النظام السابق، حين طبل للعراقيات بانهن (ماجدات) ولكن لم يمنحهن سوى الجوع والخيبة والموت للابناء والازواج والاخوة والاباء في قمعه الفاشي وحروبه العبثية.

الان يُستبدل اسم الماجدات الى اسماء والقاب اخرى، ولكن حالهن ليس افضل مما كان عليهن، فما زالت حقوقهن تنتهك كل يوم ومازال الموت والقتل يسرق كل عزيز على قلوبهن وحيث يسود الجوع والتجهيل والاحتقار وغيرها من طرق الاذلال واخرها وليس اخيرها مشروع الاحوال الشخصية الجعفري يلاحقها. ان السياسيين الطائفيين يسعون بهذين المشروعين دفن عار فسادهم وسرقاتهم وجهلهم واحتقارهم للعراقيين كما يحاولون ستر وطنيتهم التي لم تعد لها منذ زمن بعيد اي عذرية.

 

 

 

free web counter