| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. أحمد الشيخ أحمد ربيعة

 

 

 

الأحد 10/1/ 2010



مشاركة الشيوعي العراقي في الانتخابات - خطوة للامام ام خطوة للوراء -
 

د. احمد الشيخ احمد ربيعة

مشاركة الحزب الشيوعي العراقي اثارت وستثير الكثير من الجدل بين اوساطه ومحيطه وهي عملية سليمة ، سواء بتدقيق او تعزيز مواقف الحزب او حتى بتخطئتها، وهي ممارسة تستحق التقدير خاصة فيما لو ارتبطت باستناجات واقعية وعملية وارادة جادة تخدم تطوير اداء الحزب في مختلف المجالات. موقف المشاركة او المقاطعة له اصداء مختلفة بين اوساط الشيوعيين وانصارهم. هذا الامر بتقديري يتطلب النقاش الجاد والواسع من اجل تحديد قناعات مشتركة ليس حول هذا الموقف فقط وانما ايضا لتلمس مواقف عملية صائبة تزكيها الحياة اليومية خلال الساسية اللاحقة للشيوعي العراقي. ومن اجل الوصول الى قناعات معينة وربما مشتركة، لابد ان اشير لبعض النقاط والتي بتقديري لا يختلف الكثير منا فيها سواء كان مع المشاركة او المقاطعة او ريما ان يكون هناك موقف اخر يتخطى حدود الاسود والابيض.

* من الضروري ان يعكس موقف الحزب مهما كان نوعه، سياسته وارادته المستقلة وعزمه على تعزيز موقعه بين الجماهير وان يفتح او ان يساهم في فتح افاق جديدة لتطوير نشاطة اللاحق.

* كما ان هناك جدل للمشاركة، فانه كذلك هناك جدل للمقاطعة، ولنترك جانبا تغطية هذا الامر بلحاف الماركسية، فقد سبق ان كلفنا هذا الامر الكثير. فالعديد منا يستطيع ان يجد له المبررات النظرية والتاريخية بما يساعده على عرض موقفه بشكل ايجابي خاصة اذا اقصيت تلك الاطروحات عن سياقها التاريخي ، ولا يعدو الامر هنا سوى افتراضات ستكون الحياة جديرة بتزكيتها او بتخطئتها. كما ان المشاركة او المقاطعة هي ليست مطلقة واما ترتبط بظرفها التاريخي وبما ستعززه الحياة من تطور لاحقا.

* اي موقف للحزب كان، فان ذلك لن يحول الحزب الى قوة جماهيرية وسياسية متنفذة سواء داخل البرلمان او خارجه خلال المرحلة القريبة القادمة، رغم كون ان الشيوعيين وما تعززه الكثير من الوقائع هم قوة نشطة وفعالة سياسيا وجماهيريا منها سعي الائتلاف الوطني العراقي وائتلاف دولة القانون وقائمة وزير الداخلية جواد البولوني للتحالف معهم.

* ينظر الشيوعيون الى البرلمان كساحة هامة وفعالة للنضال في الدفاع عن مصالح الشعب العراقي المختلفة ومنبر هام للتعبير عن سياستهم ولف الجماهير وبعض القوى السياسية حولها. الا انه هناك اختلاف في التقدير حول امكانية ان يكون البرلمان الحالي او بالذات القادم بعد صدور القانون الجديد كساحة جادة او هامة لهذا النضال.

* نظام المكونات (الشيعية - الكردية - السنية) هو مشروع امريكي تطابق مع مصالح القوى المتنقذة سواء قبل رحيل النظام الساقط او بعده، وبسبب هذا النظام المخطط له في العراق ولطبيعة التغيرات الطبقية التي حصلت في تركيبة السلطة وللانقلاب التشريعي الذي جسده القانون الاخير وللعديد من الاسباب المعروفة، لا يتصور احد في ظل الاوضاع السائدة ان يحصل الشيوعيين على نسبة مريحة من المقاعد في البرلمان القادم وسيبقون سواء كانوا داخل البرلمان او خارجه ذوي تأثير محدود ان لم يكن ضعيف على سياسات القوى المتنفذة رغم ان هذا الامر لا يشكل نهاية المطاف. اي ان المخطط للعراق خارجيا وداخليا هو اكبر من قدرات الحزب الشيوعي وكل القوى الديمقراطية في التصدي له، والقلق هنا يتركز حول السبل لبناء جبهة داخلية للتصدي لهذا المشروع او لاعاقته.

* في حالة فوز القوى المتنفذة وهذا هو المتوقع، فان ذلك لن يكون سوى تضييق الحبل حول رقبة مشروعها وادائها السياسي القادم ويعمق من ازمتها وفسادها وازدياد الرفض الجماهيري لها اي انهم سيبلعونه مسموما. اي دور متوقع هنا سيلعبه الشيوعيون وعموم القوي الديمقراطية والوطنية الرافضة لهذا المشروع ولهيمنة هذه القوى؟

* الحركة القومية الكردية وبحزبيها الاساسيين وباعتبارهما اكبر تيارين بين القوى العلمانية و (الديمقراطية)، خذلت ومن جديد وفي منعطف تاريخي هام التيار الديمقراطي وبالذات الشيوعيين، بسبب انسحاقهم في المشروع الامريكي وبسبب السياسة الحزبية والقومية الضيقة، متغاضين وبشكل متعمد عن مستقبل ونتائج هذه الساسية على مصالح الشعب الكردي والعراقي مستقبلا.

* الموقف الحالي يعكس تصور قيادة الحزب الشيوعي العراقي في اللحظة التاريخية الراهنة وهو مستند الى وقائع وآلية معينة، والحياة هي كفيلة بتزكية هذا الموقف او تخطئته، وسبق ان واجه الحزب اشكالات كهذه كان ابرزها مشاركته في العملية السياسية ومجلس الحكم بعد رحيل النظام الساقط، وبالتالي هي المسؤولة الاولى عن هذا القرار وتفاصليه سواء بعرضه على المجلس الاستشاري او اي فعالية مركزية اخرى.

* تطور خطاب الحزب السياسي ومواقفه وبشكل واضح منذ النصف الثاني من السنة المنصرمة وارتباطها بمواقف ونشاطات جماهيرية ملموسة. والكل يأمل ان يتحول هذا الامر الى نهج ثابت ومستمر في الساسية اليومية للشيوعيين العراقيين.

ولتقريب الصورة اكثر، فلنضع الاحتمالات على طاولة النقاش. مقاطعة الانتخابات بتقديري كانت تحتمل موقفين لا اكثر. الاول ان يقاطع الحزب الانتخابات ويبقى متفرج على الاحداث بانتظار سقوط تفاحة نيوتين، وهو موقف مائع لا يتناسب مع الشيوعيين ولا مع قدراتهم وتاريخهم ولا مع طبيعة برنامجهم او مع طبيعة الاحداث والصراعات الجارية. الثاني هو ان يقاطع ويدعو الى نشاطات بين اوساط الجماهير لتوضيح موقفه وتعرية مشروع القوى المتنفذة وسلوكها. طبعا هذا يتطلب ايضا قدرة الحزب على تمييز موقفه عن مواقف القوى المعادية للعملية السياسية والتي يشارك فيها. ويبدو ان هذا الخيار مقبول لو كانت الاوضاع في العراق شبه طبيعية ولنكن واقعيين هل يقدر الحزب بقواه الحالية وتناسب القوى وغيرها من الاسباب المعروفة على خوض هذا الصراع السياسي المكشوف. الشيوعيون العراقيون ومن خلال كل تاريخهم المجيد كانوا اهلا وسيكونون كذلك لهذا الصراع اذا وجدوا ان لابد منه. لكن اما من حق الشيوعيين بل من واجبهم توفير مستلزمات هذا النضال او الصراع فيما اذا فرضه الواقع او القوى الاخرى عليهم.

اما في جانب المشاركة فيرتسم امامنا احتمالين. الاول هو المشاركة من اجل الحصول على مقاعد البرلمان باي ثمن، وهذا الامر بعيد عن سياسية وتفكير الشيوعيين وسبق ان اشرت له في مقالتي (المجد للموقف المستقل للشيوعي العراقي) (*) المنشورة في عدد من المواقع.

الثاني هو المشاركة على اساس الموقف والبرنامج المستقل لهم. ورغم كل الصعوبات والانتقادات الحادة الموجهه للوضع الشاذ في العراق ولمسببيه، الا انه توجد فرصة لتحرك الشيوعيين بين صفوف الجماهير. فالاخبار عن تحرك الشيوعيين تجري على ضوء شرح موقفهم من قانون الانتخابات الاخير ومخاطر الانفراد بالعملية السياسية وفي طرح برنامجهم ونشاطهم كبديل لنظام المحاصصة وفي هذا النضال المشرف والنزيه بين صفوف العراقيين المنكوبين بالمحن، تشدد سواعد الشيوعيين لخوض نضالات قادمة.الشيوعيون الان يعطون الحياة لمواقفهم الناقدة لمجمل ما يحيط بالعملية الساسية من خلال نشاطهم اليومي بين الجماهير من احتجاجات الى توزيع الورد الى الخيمة الطبية والعونات وغيرها من النشاطات المشرفة والمجيدة.

ان عزلة نظام المحاصصة وسقوط احزابه في مستنقع الفساد المستشري وضعف وهشاشة المواقف الوطنية والتصدي للاهارب والجريمة المنظمة وغيرها من المظاهر المعروفة تزداد يوماً بعد اخر بين اوساط الجماهير، رغم انها لا تجري بوتائر متناسقة. والناس بحاجة الى من يكون في وسطها لشد ازرها ويدفعها لتطوير مطاليبها المعاشية والسياسية.

(*)
المجد للموقف المستقل للشيوعي العراقي
http://www.al-nnas.com/ARTICLE/ARabeah/18icp.htm 
 

 

free web counter