| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. أكرم مطلك
Motlak@email.cz

 

 

 

الأحد 22/3/ 2009



البعثيون والطماطم الفاسدة

د. أكرم مطلك
Motlak@email.cz

كثر الحديث في الأونة الأخيرة عن خطوات نحو تحقيق المصالحة الوطنية وبدأت مباحثات معلنة وغير معلنة مع أطراف من حزب البعث بغية المشاركة في العملية السياسية , ان الدعوة لهذه المصالحة جاءت من طرف واحد هو الطرف الحكومي أما الطرف الآخر وهو المثقل بالذنوب والجرائم والمسبب بالكوارث التي حلت بالوطن لم يخطو خطوة واحدة نحو تحقيق هذه المصالحة بل بدأ البعثيين وتوابعهم بحملة اعلامية في وسائل الأعلام المتاحة لهم يطرحون فيها ارائهم ونظرتهم الى القضايا العامة والتي لم تتغير قط وعرضوا مطاليبهم التي رفعوا سقفها الى حد المطالبة بالتعويضات وتوفير الآمان والعفو لقادتهم وارجاعهم الى وظائفهم ومراكزهم الحكومية والمطالبة بتغيرات في مجمل العملية السياسية وهم الذين لحد الآن لم يقيّموا تجربتهم الكارثية ولم يعتذروا الى الشعب العراقي عما الحقوا به من دمار ولم يطالبوا بالصفح عن جرائمهم وعن ضحايا المقابر الجماعية وعن حروبهم الداخلية والخارجية وكأن شيئاً لم يكن .

ان تصريحات المسؤولين الحكوميين بشأن المصالحة متباينة في تصوراتها فمنهم من يطالب بالعفو عنهم والغاء قانون اجتثاث البعث والعمل بمبدأ " عفا الله عما سلف "وكأن الذي حدث للعراق ولا نزال نعاني منه هو شيء بسيط يمكن اصلاحه والبعض الآخر يطرح المصالحة مع مفهوم البعث ومع البعثيين ويبقيه مفتوحا بدون ضوابط معينه والبعض الأخر يحدد من الفئات البعثية التي يمكن التعامل معها .

خلال السنوات الخمس من العملية السياسية لوحظ ان ما يطرحه المسؤولين من تصريحات وأفكار يشوبها عدم الوضوح والدقة وتفتقر الى الشفافية أو ان الأجراءات المتخذة غير سليمة أو ناقصة أو عدم المواصلة في تنفيذ ما اتفق عليه وهذا واضح من الأرتباك وضعف التنسيق ما بين السلطة التشريعية والتنفيذية أو بين الهيئات الرئاسية الثلاث وأيضا التباين الكبير في مواقف الكتل السياسية المشاركة في العملية السياسية .

ان التعامل مع ملف البعثيين يتطلب التأني في اطلاق التصريحات والمبادرات غير المدروسة , يجب معرفة امر مهم بأنه توجد قضايا لا يحق لأي طرف البت بشأنها الا جهة واحدة هي القضاء العراقي فهناك جرائم كبيرة وهناك مجرمين مطلوبين للعدالة يجب ان ينالوا عقابهم وهناك عوائل الضحايا يجب تعويضهم .

يبقى السؤال الكبير هو من يميز ويفرز البعثي المجرم عن غيره ؟ ولأي اعتبارات تخضع هذه التقييمات ؟ ان الخوف الكبير هو ان تصبح هذه القضية المهمة جدا لمستقبل العراق كالحكاية التي حدثت لأحد المزارعين عندما نقل صندوق الطماطم لغرض بيعه في السوق واذا بكلب يتبول على البضاعة مما حدا بالمزارع بفرز الطماطة الفاسدة المبتلة ببول الكلب عن غيرها ولاحظ ان ما فرزه قليل فأعاد الفرز مرة اخرى وكرر هذه العملية عدة مرات الى ان توصل الى ارجاع جميع الطماطة الى الصندوق وهو يقنع نفسه بأنها كلها صالحة وغير نجسة , نخشى ان يحدث مثل هذا الفرز مع البعثيين وبالأخير نحصل على 99.9% من البعثيين صالحون !!

وبعدها سيصبح مستقبل العراق قاتما مظلما ومسلسل كوارثه سيستمر الى ما لا يحمد عقباه .


 

free web counter