| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. أكرم مطلك
Motlak@email.cz

 

 

 

                                                                                        الخميس 17/11/ 2011



العراق ومبدأ التجاوز والمتجاوز عليه

د. أكرم مطلك 

ان البلدان التي تسير في ركب الحضارة والتطور تحكمها قوانين وتشريعات  ودساتير  ترشدها وتهديها لتسيير الدولة والمجتمع , احترام وتنفيذ هذه التشريعات أمر هام جدا سوى من قبل الدولة او من قبل المواطن  حيث ان العلاقة متكاملة والمنفعة متبادلة والاتجاهات واحدة هدفها تطور الدولة ورقي المواطن وان احترام هذه التشريعات ينبع اساسا  من الشعور أولا ان الوطن للكل والمواطنة حق الكل والعلاقة بين الدولة والمواطن يجب ان تكون متكافئة  والاستفادة واحدة والضرر واحد على كل الجهات .

ان المواطن الذي يشعر بأن حقوقه مصانة ومحمية وجب عليه تنفيذ الواجبات والمسؤوليات المناطة له بشعور عال من المسؤولية حيث ان العلاقة مابين الدولة والمواطن تحكمها مسؤوليات وثوابت مشتركة  ولكن الذي يحدث في بلدنا هو الفوضى بعينها  وبكل انواعها فالدولة تتجاوز على المواطن والمواطن يشعر بالخوف من الدولة  ولا يثق بأجهزتها  ولا بإجراءاتها  ولا بالمستقبل الذي ترسمه له فالدولة بعيدة عن هموم المواطن  ومتطلباته في توفير أبسط ظروف العيش الكريم بدأ من توفير الخدمات الى توفير فرص العمل الى الاعتناء بالشرائح الاجتماعية الفقيرة والاهتمام بالمشاكل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصحية وغيرها  والمواطن فقد الثقة بمسؤولية  وبقياداته السياسية لتجاوزهم على حقوقه  فالفساد الإداري والمالي المستشري وفضائح السرقات والنصب والاحتيال التي نفذت بدون عقاب ولا حساب  والعجز في توفير الأمن والاستقرار   وفي تحقيق حالة من الوئام والاستقرار في المجتمع العراقي وبروز فئات من الطفيليين والسراق وحواسم العملية السياسية التي أساءت واستهترت بحقوق الشعب وأجهضت كل تطلعاته بعراق جديد بعد سقوط النظام الصدامي و يقابل تجاوز الدولة على المواطن  تجاوزات المواطن على الدولة كرد فعل طبيعي على هذه الممارسان التعسفية بحقه فالكثير من المواطنين يتجاوزون على القوانين السارية  يعطي مبررات لهذه التجاوزات بكون الدولة متجاوزة بحقه ولا تقوم بمسؤولياتها تجاهه وانه مهمل   ومنقوص المواطنة فتراه يسرق ويغش ويزور في عمله حتى وصل حد ممارسة القتل فالكل يعمل على طريقته الخاصة فالمواطنين يتجاوزون بعضهم على البعض الآخر في كل شيء , انها فوضى بدون حدود وأكثر مشاهداتها البارزة  هو ما يجري في الشارع العراقي  والعلاقة مابين افراده الفوضى في السير وحركة السيارات بدون ارشادات مرورية  والشوارع المغلقة والسيطرات الكثيرة والعديمة الفائدة  وتنقل المسؤولين  وتجاوزات حماياتهم , والبائعين المتجاوزون على الأرصفة بدون رخص , شوارع امتلأت بالملصقات الطائفية وبصور وجداريات المراجع الدينية وبصورة عشوائية شوهت من قدسية ومكانة هذه الرموز الدينية , الأرصفة احتلت وأصبحت دكاكين وكراجات وامتدادات للبيوت بدون رقيب ولاحساب , النفايات تكدست في كل الأماكن  ,في الشوارع تشاهد الأغنام ترعى والقطط والكلاب والحمير السائبة .

ان المدن العراقية ليست  مدنا بل أصبحت عبارة عن تجمعات بشرية مختلطة من الريف والحضر . اما المواطن الذي يراجع الدوائر الحكومية يشعر بدونيته من جراء الروتين والممارسات المجحفة بقه بدأ من الطوابير امام شبابيك وابواب المراجعات واستحصال الأستمارات واوراق المعاملات والأستنساخات الكثيرة والمتعبة للمواطن وعمل الموظفين البطيء والمتكاسل وتعاطي الرشوة للأسراع في انجاز المعاملات والوساطات التي اصبحت ظاهرة اعتيادية وغرف الموظفيين المتكدسين وراء مكاتبهم التي اصبحت مطعما وقهوة ومصلى لهم كل هذه التجاوزات تجري بشفافية تامة تحسد عليه دوائر الدولة العراقية !!!.

ان العراق كبلد متجاوز عليه من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الغرب علاوة على وجود الاحتلال ووقوعه تحت طائلة البند السابع  فهو متجاوز عليه من قبل الجيران صغيرها وكبيرها  تتجاوز على حقوقه وسيادته على ارضه وسمائه وخيراته متدخلين بشؤونه الداخلية  بل يتحكمون في سير العملية السياسية من خلال الأجندة التي اقاموها في مركز القرار العراقي حتى اصبح العراق متشرنقا بخيوط هذه التجاوزات  ولا يستطيع ان يخرج منها .

ان العراق اصبح وطن التراكمات والتجاوزات واللا قانون , الشعور من الخوف الآتي مسيطر على عقل الإنسان العراقي لذا شاع بينهم المثل القائل  ان اليوم احسن من الغد .

 

 

free web counter