| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

أ.د. عبدالجبار منديل
Salal17@yahoo.com

 

 

 

                                                                                       السبت 7/4/ 2012



السياسة الخارجية الامريكية بين المزاعم المثالية والحقائق الامبراطورية

أ.د. عبد الجبار منديل *   
 

توجد في الفكر السياسي الامريكي مدرستان للنظر في علاقة امريكا بالعالم هما :
ـ المدرسة الاولى ترى ان امريكا يجب ان تكون بعيدة عن التدخل المباشر في شؤون العالم بل انها ينبغي ان تبقى كمنارة للديموقراطية تعطي المثال الاعلى الذي تهتدي به البشرية والنظم السياسية المختلفة . وان القيم الاخلاقية والسياسية الامريكية التي نشأت مع قيام الثورة الامريكية في نهاية القرن الثامن عشر سوف تفرض نفسها بالتالي بقوة المثال وبحكم ان الانسانية تتطلع دوما نحو المثل العليا وان هذه المثل تتوفر في الديمقراطية الامريكية .

ـ المدرسة الثانية والتي ازداد دورها بعد الحرب العالمية الثانية تقول ان المثل العليا الموجودة في الديمقراطية الامريكية يجب ان تنتشر وانه لا يمكن لها الانتشار بدون تدخل الدول الامريكية وان هذه المثل التي هي قناعات اخلاقية تاريخية انما هي قناعات انسانية عامة لذلك فان انتشارها هو في صالح البشرية لذلك فان المساعي التي تبذلها الدولة الامريكية في سبيل نشر هذه المثل والقناعات انما هي مسؤولية تاريخية .

الذي لا شك فيه هو ان الولايات المتحدة قامت في بداياتها ووفقا لجهود المؤسسين الاوائل من امثال جيفرسون وواشنطن على الاساس الحر لمجموعة من الشعوب المهاجرة التي قررت الاتحاد طوعا وتأسيس جمهورية مبنية على مبدأ الحرية .

وقد التزمت هذه الجمهورية طيلة القرن التاسع عشر بالمباديء الثلاث الاتية:
ـ التجارة الحرة
ـ احترام القانون الدولي
ـ الديموقراطية

في القرن العشرين نشأ فراغ ما يمكن ان تطلق عليه (فراغ القوى العظمى) وذلك على مرحلتين بعد الحرب العالمية الاولى انهارت الامبراطورية النمساوية والامبراطورية الالمانية اضافة الى الامبراطورية العثمانية التي كانت في ضعف شديد منذ القرن التاسع عشر . وبعد الحرب العالمية الثانية انهارت الامبراطوريتان الفرنسية والانكليزية وهكذا لم يبق في الميدان من الدول الغربية سوى الولايات المتحدة الامريكية . ونتيجة للاوهام المتعلقة بالمسؤولية التاريخية فقد اخذت هذه الدولة تورط نفسها بكثير من المشكلات السياسية الداخلية لدول العالم بحيث اخذ البعض ينظر اليها على انها وريثة الامبراطوريات السابقة التي نشأت امريكا على اساس انها مضادة لها بالاخلاقيات والمباديء .

لقد كان دور بعض الرؤساء الامريكان في القرن العشرين حاسما في دعم الحرية والديمقراطية في العالم وخاصة (ودرد ويلسون) في الحرب العالمية الاولى و(فرانكلين روزفلت ) في الحرب العالمية الثانية ولكن الاخطار التي ترتكبها الادارات الامريكية المتتالية نتيجة لتدخلها في شؤون دول العالم تجعل مزاعمها في نشر المثل العاليا والمباديء الديمقراطية اوهام مضحكة لا تعمد امام حقائق الواقع القائم  .
 

* اكاديمي عراقي / كوبنهاغن

 

 

 

free web counter