| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

أ.د. عبدالجبار منديل
Salal17@yahoo.com

 

 

 

                                                                                       السبت 5/11/ 2011



دور الغرب في الثورات العربية واثر ذلك في ضبابية النظرة اليها

أ.د. عبد الجبار منديل *  

في مرحلة الحرب الباردة وفي اوج الصراع بين القطبين كانت معايير وادوات التحليل السياسي بالنسبة للكتاب العرب الذين يركنون الى السهل من الامور واضحة وضوح الشمس . فهم اذا كانوا من انصار الغرب ينظرون الى الاحداث السياسية في العالم العربي اذا كانت على غير هواهم على انها من صنع الاتحاد السوفيتي والشيوعيين العملاء الذين يسعون الى افساد العالم العربي واذا كانت على هواهم فانهم يرون ان ورائها امريكا زعيمة العالم الحر التي تسعى الى خير العرب والعالم .

وفي الجانب الاخر فان انصار الاتحاد السوفيتي من الشيوعيين واليساريين كانوا يرون في الاحداث المعاكسة لتوجهاتهم على انها من صنع عملاء الاستعمار الغربي المتغلغلين في الحياة العربية والذين هم بقايا وايتام الاستعمار الذين يسعون الى اعادة الهيمنة الاستعمارية واذا كانت مع توجهاتهم فانهم يرون فيها نهضة لتحرير الشعوب من الارث الاستعماري البغيض واذناب الاستعمار .

حاليا وفي خضم احداث ما يسمى بالربيع العربي حيث تختلط الاحداث والمفاهيم والافكار والقوى السياسية وبعد ان تحول العالم الى القطبية الاحادية ترتبك تحليلات الكتاب العرب . فهم تعودوا على معايير ثابتة والامور تكون اما اسود او ابيض ومقاييسهم لا تعمل الا وفقا للمفاهيم القديمة التي لا يستطيعون منها فكاكا . فبعضهم يؤيدون ما تسمى بالثورات العربية اي ثورة حسب المفاهيم القديمة ولكن تأييد الغرب لها ومساهمته الفاعلة فيها يجعلهم يرتبكون وقد زاد ارتباكهم بعد مشاركة السلفيين وبروز دورهم القيادي في هذه الثورات.

والخلاصة ان من يقومون بالثورات هم ليسوا افضل كثيرا ممن تقوم ضدهم الثورات والمفاهيم التي يحملونها والايديولوجيات هي الاخرى ليست افضل مما لدى الحكام ان لم تكن اسوأ منها لذلك فان الحكم على هذه الثورات يجب ان يكون بعيدا عن الافكار الجاهزة والتعميمات الكلاسيكية القديمة . وكون الغرب يؤيدها باسم حقوق الانسان او باسم الحرية والديموقراطية لا يعني انها سوف تحقق ذلك ذلك وانها سوف تنتهي نهاية سعيدة . فالغرب يتعامل معها بشكل براغماتي ويجعل من العالم العربي حقل تجارب وهو نفسه غير واثق من تقدميه او سلامة توجهات هذه الثورات ذلك انه يقوم بعمليات استثمار بعيد المدى من خلال مشاركته الدعائية والعسكرية بهذه الثورات ولكنه كأي مستثمر غير متاكد من ان هذه الاستثمارات سوف تاتي بما هو مطلوب منها من ارباح .

ان ما يمكن ان تتمخض عنه هذه الثورات ما يزال في ضمير الغيب والغرب يخاطر في الاستثمار فيها كما يخاطر احيانا باستثمار امواله في المناطق المضطربة دون ان يكون متاكدا من انها سوف تأتي بالمردود الايجابي . والامر لا يعدو ان يكون انه ركب الموجه وانتهز الفرصة المتاحة امامه اما فيما يتعلق بالنتائج فذلك يشبه اي استثمارات اخرى خاضعة للربح والخسارة .

 

* اكاديمي عراقي / كوبنهاغن

 

 

 

free web counter