| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

أ.د. عبدالجبار منديل
Salal17@yahoo.com

 

 

 

الجمعة 4/2/ 2011



تونس .. نهاية الدكتاتورية وبداية البحث عن الطريق

أ.د. عبد الجبار منديل

ان الاسلوب الذي اطاحت به الجماهير بالرئيس التونسي ليس له نظير في اي بلد عربي سواء في حركات التغييراو الانقلابات او الثورات . ولكن ما سوف يكون مستقبلا في تونس له اكثر من نظير في اكثر من بلد عربي وان اختلفت الخصوصيات .

سارع بعض الكتاب والمعلقين الى التهليل لما حدث في تونس وكأن الامور كلها حسمت او كأن كل اسس المستقبل الباسم اصبحت ثابتة وركينة في حين ان الامر على العكس .

فالتغيير الذي حصل كان هو الحلقة الاسهل في العمل السياسي في حين ان ما سياتي بعده هو الذي سيشكل المحك لما سوف يصيب تونس من نجاح او فشل .

البوادر الاولى لا تبدو مطمئنة بل انها تبعث على القلق حول مستقبل هذا البلد . فالهياج الشعبي الشامل ومطالبة كل فئة بتطبيق رؤاها هي التي سوف تتصدر المشهد وسوف تؤجج الصراع بين مختلف الفئات .

الليبراليون يريدون تطبيق النهج الليبرالي والمحافظون يريدون تطبيق النهج المحافظ ومجموعات الاسلام السياسي تريد تطبيق برامجها وهكذا . ولكننا نعتقد ان عملية الصراع سوف تنحصر مستقبلا بين اتجاهين رئيسيين هما الاتجاه الليبرالي والاتجاه الذي يرفع شعار الاسلام السياسي .

المتاسلمون في المغرب العربي يمتلكون قوى لا يستهان بها من مجموعات القاعدة المسنودة من الاموال الخليجية سوف يشكلون خطرا كبيرا على الليبرالية . ولكن كما يبدو فان القوى الليبرالية لا تستشعر ما يتهددها من مخاطر من قبل هذه الجهات لذلك فانها غير موحدة وسوف تنخرط بالصراع الدموي فيما بينها وتنسى اخطار الجهات الارهابية التي تتستر بستار الدين والتي تشكل تهديدا كبيرا لمستقبل العمل السياسي التونسي .

ان الفراغ السياسي الذي تركه نظام استبدادي قضى في الحكم اكثر من نصف قرن اذا حسبنا فترة حكم بورقيبة وفترة حكم بن علي معا باعتبارهما حزبا واحدا من الصعوبة ملئه من قبل مجموعات غير متبلوره سياسيا ولم تتعود وتختبر لغة الحوار الذي هو بحد ذاته يحتاج الى خبره ومراس طويلين لذلك فان كل مجموعة سوف تسعى الى فرص اجندتها حتى ولو بالقوة .

السيناريوهات المستقبلية لتطورات الوضع في تونس لا تبدو مشرقة كثيرا اذا بقيت على هذه الشاكلة من الهياج والفوضى . واذا لم تحسم القوى المدنية امرها بسرعة وتتوحد فان قوى الارهاب التي تتستر باسم الدين سوف تكون لها الغلبة . فخلايا القاعدة في الجزائر التي تتميز بالعنف والوحشية اضافة الى اموال الخليج الهائلة والموضوعة في خدمة التوجهات المتطرفة وقلة خبرة القوى الليبرالية التونسية وضعفها سوف تجعل من تونس لقمة سائغة للخلايا الارهابية النائمة في المغرب العربي ما لم تلتزم باليقظة والحذر ووحدة الصف .


 

* اكاديمي عراقي / كوبنهاغن

 

 

 

free web counter