| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. عبدالجبار منديل
Salal17@yahoo.com

 

 

 

الجمعة 31/7/ 2009



عودة الفرع الى الاصل..الكويت وكركوك أنموذجا!

الدكتور عبد الجبار منديل *

عندما احتل صدام حسين الكويت اعلن عن (عودة الفرع الى الاصل) اي عودة الكويت التي اعتبر انها الجزء الى العراق الذي هو الكل ...كان لديه ما يسند دعواه تلك من الوثائق التاريخية والخرائط والمستندات وغيرها . فمثل هذه الوثائق موجودة دائما ويمكن لاي دعي ان يوفرها بسهولة ولكن المشكلة هي ...عن اي تاريخ يتحدث؟ ومتى يبدأ التأريخ بالنسبة لاي موضوع ؟... هل يبدأ مثلا من القرن التاسع عشر عندما كان العراق جزء من الدولة العثمانية ؟..ام يبدأ قبل ذلك عندما كانت الدولة العثمانية وكل العالم العربي والاسلامي جزء من العراق ؟... انه وفقا لهذا المعيار وعندما كانت بغداد مركز امبراطورية تمتد من المحيط الاطلسي الى حدود الصين فأن العراق يمكن ان يطالب ببخارى وسمرقند وطاشقند وطبرستان و سجستان وخراسان ...الخ فهل يصح هذا المنطق ؟.. ومن اي تأريخ نبدأ بوضع الحدود التأريخية للدول والقوميات والشعوب ؟

وفقا لهذا المنطق ايضا.. فمن اي تأريخ يبدأ الاخوة الاكراد اعتبار كركوك عاصمة لكردستان او جزء من كردستان او قدس الاقداس بالنسبة لكردستان ...هل يبدأون من عصر ما قبل الاسلام ؟.. عند ذاك كانت كردستان وكل العراق وشمال العراق بما فيها كركوك جزء من الامبراطورية الاشورية او البابلية او الاكدية وغيرها ..ام من العهد العربي الاسلامي والذي كانت فيه كل هذه المناطق جزء من الامبراطورية العربية الاسلامية التي مقرها بغداد.

مشكلة التأريخ المفترض الذي بوسع اي بلد ان يضع خلاله تصوراته عن الحدود التأريخية المطلوبة هي مشكلة خطرة ويمكن ان تغير وجه العالم . كما ان دروس الحربين العالميتين الاولى والثانية يمكن ان توضح لنا بجلاء المدى الذي يمكن ان تبلغه العواقب التي تترتب على المطالبات الحدودية او الرغبة القومية في تغيير الحدود .

أن خلاصة التجربة الـتأريخية لكل دول العالم تظهر انه ما أن تبدأ الدولة القومية بالظهور او بالاحساس بكيانها حتى تبدأ تتلفت حولها بادئة بالمناطق المجاورة وما يتبع ذلك من مطالب قومية سواء بسبب امتدادات قومية او بسبب اشارات تأريخية الى وجود قومي او نفوذ ثقافي في منطقة ما ...وهكذا تتحرك الماكنة السياسية مستندة الى الشعبوية الجديدة التي خلقها الشعور القومي الناشيء والمتحفز والوليد والذي يتفجر عادة وهو في أوج قوته وتعصبه وشعوره بنشوة الذات والشعور الوطني . ويبدأ الزحف في مختلف الاتجاهات من اجل لملمة المطالب في مناطق يفترض انها متنازع عليها سواء على اسس واقعية او مختلقة تبتدعها نشوة الثقة بالنفس المتولدة حديثا .

أن دعوة الاخوة الاكراد الى ضم كركوك أو سهل نينوى أو المناطق الاخرى التي اطلقوا عليها (متنازع عليها) وذلك بنزع عراقيتها عنها تمهيدا للمطالبة بها وضمها من جانب واحد من دون النظر الى رأي البشر القاطنين في هذه المناطق هو اسلوب مكشوف ودعوه صريحة للنزاع والصراع.

ان حروب القرنين التاسع عشر والعشرين هي نتيجة الفتن التي اشعلتها المطالبات الحدودية والتي لم يربح فيها احد. بل خسر فيها الجميع وعلى رأس الخاسرين ...الشعوب .

قليل الخبرة فقط هو من لا يستطيع أن يقرأ بشكل صحيح الخطوات المتتالية التي يتخذها الاكراد بأتجاه الانفصال الكامل عن العراق وفي الحقيقة لا نستطيع الا ان نؤيدهم بذلك ولكن على ان لا يكون على حساب العراق واستقرار العراق واستقرار كردستان بالذات فلا يمكن لكردستان ان تستقر ما لم يستقر العراق . وهذه المطالب التي لا تنتهي تمنع استقرار العراق وبالتالي استقرار كردستان.
 

 

* اكاديمي عراقي / كوبنهاغن

 

free web counter