| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

أ.د. عبدالجبار منديل
Salal17@yahoo.com

 

 

 

                                                                                       الأثنين 30/1/ 2012



عام على الثورات العربية ... الحصاد المر
(القسم الاول)

أ.د. عبد الجبار منديل *  
 

ها قد مر عام على الثورات العربية المفاجئة التي اطاحت بالعديد من الحكام العرب فما هي المحصلة النهائية؟
ماذا جنت ؟اين نجحت واين فشلت ؟ ...لابد من مراجعة شاملة للمكاسب والخسائر لمعرفة ما كان وما سيكون وسنتناول الموضوع بمنتهى الموضوعية والحيادية والحسابات الهادئة
لقد قوبلت هذه الثورات من قبل وسائل الاعلام الليبرالية بشكل خاص والاوساط الليبرالية بشكل عام بالتهليل والترحيب. وظن الجميع ان العرب على عتبة عصر جديد . وان دمقرطة العالم العربي التي كانت ميؤوسا منها غدت وشيكة وعلى الابواب . ولكن بعد مرور عام ها نحن نرى ان تلك الاوساط شطح بها الخيال بعيدا وان العالم العربي يتهدده خطران حقيقيان هما خطر التفتت وخطر الدكتاتورية الثيوقراطية .
نعتقد انه من الافضل تناول كل من البلدان على حده حتى يتحقق الوضوح وحتى لا تختلط الامور لان لكل بلد ظروفه الخاصة . لقد نجحت الثورات بالاطاحة بالحكام في شمال افريقيا بشكل كامل وهم على الترتيب الجغرافي (تونس ليبيا مصر ) في حين انها في اليمن وصلت الى منتصف الطريق اما في سوريا فما تزال عند نقطة البداية ولم تحقق اي شيء سوى الضجيج الخارجي والاعلامي .
ابتداء نقول ان كل الثورات بدأت ليبرالية وانتهت اسلامية. ابتدأت من طليعة من الشباب الذين يتقنون ويمارسون فن الاتصال الحديث عبر الانترنيت والفيسبوك وغيرها وانتهت بالجماهير العريضة التي يسيطر عليها الاسلام السياسي .
اولا تونس.تعد تونس من اول البلدان العربية في وضوح الرؤيا ووضوح الطريق وسلاسة عملية الانتقال واستيعاب القيادة السياسية لطبيعة المرحلة وطبيعة الظروف العالمية بدون جعجعة ولا مزايدات وان كانت تنشأ بين الحين والاخر توترات حول هذا الموضوع او ذاك. ومع ان الاسلام السياسي هو المسيطر ولكنه معتدل ومتفهم للواقع . او على الاقل هذا ما يبدو لحد الان .
ثانيا ليبيا.خاضت ليبيا حربا اهلية دموية قادها الاسلاميون وساندها الغرب . وعمل الاسلاميون منذ البداية على عدم اثارة الغرب بمباديء متطرقة حتى يستمرون في دعمهم ولكن ما ان قيل ان الثورة قد انتصرت حتى سارع رئيس المجلس الانتقالي الى اعلان (الانجاز العظيم) وهو الغاء القانون الذي يمنع تعدد الزوجات وذلك قصر نظر سياسي كبير . فبدلا من ان يطرح برنامجا لبناء البلد المهدم وانشاء نظام سياسي ديمقراطي متقدم يتفهم طبيعة العصر ويقضي على الشذوذ الذي كانت تقوم عليه السياسة الخارجية والتخبط في السياسة الداخلية يبدأ المسؤول الاول بقضية مضحكة ليس لها اولوية باي شكل لادينية ولا سياسية . وهذا يعطي مؤشرا واضحا بان القيادة الليبية ليست بالنضج الكافي ولا ترقى الى مستوى التحديات التي تواجه وحدة الوطن الليبي . ونعتقد ان مستقبل ليبيا ينحصر في ثلاث سيناريوهات  :

1ـ السيناريو الاول ..تتحول ليبيا الى دولة فاشلة بسبب سيطرة الميليشيات العشائرية والمناطقية وقد يتطور ذلك الى مناوشات مسلحة كاسلوب للحواريين الاطراف المختلفة قد لا تكون بحدة الصومال ولكن قريبة من ذلك مع بقاء الدولة موحدة شكليا .

2ـ السيناريو الثاني ـ عودة الدولة الى ما قبل عصر الولايات عندما كانت ليبيا في نهاية الاربعينات مقسمة الى ثلاث ولايات هي طرابلس في الغرب وطبرق في الشرق وعاصمتها بنغازي وفزان في الجنوب وعاصمتها سبها حيث تتحول الى مراكز قوى مسلحة في مدن الساحل مثل مصراته والزاوية وسرت وغيرها وكذلك قوى مسلحة في الجنوب مثل سبها والكفرة ومراكز قوى في الغرب مثل غدامس وغات ومراكز قوى في الشرق مثل بنغازي والبيضاء ودرنة  .

3ـ السيناريو الثالث ..تتحول الى دكتاتورية ثيوقراطية تستند السلطة فيها الى نصوص مقدسة لايمكن مناقشتها او ان تختلط هذه السيناريوهات الثلاثة مع بعضها بحيث ان كل منطقة تتميز بسمة خاصة من سمات احد هذه السيناريوهات.

في المقالة القادمة سوف نتطرق الى مآل الثورة في مصر واليمن وسوريا .
 

 

* اكاديمي عراقي / كوبنهاغن

 

 

 

free web counter