| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

أ.د. عبدالجبار منديل
Salal17@yahoo.com

 

 

 

                                                                                       الخميس 21/4/ 2011



الملك فيصل الاول وعرش (الباديشاه) العثماني

أ.د. عبد الجبار منديل *  

الملك فيصل الاول الذي حكم سوريا لعدة اشهر في عام 1920 وحكم العراق للفترة من (1921ـ1934 ) كان قد عاش فترة من صدر شبابه في عاصمة الدولة العثمانية الاستانة (استامبول) حيث كان والده الشريف حسين يقيم فيها بامر السلطان عبد الحميد لابعاده عن مكة التي هي مقر حكمه .

ويقول الكاتب اللبناني الاصل والامريكي الجنسية امين الريحاني ان الملك روى له عندما زار العراق في العشرينات من القرن الماضي عن ذكرياته لتلك الفترة . حيث يتذكر انه عندما كان يزور مع والده السلطان للسلام عليه كانا يدخلان ردهة العرش محنيي الراس فيجثوان امام الباديشاه (السلطان) ويقبلان يده ثم يتراجعان بضع خطوات امام العرش . ويقف مع والده ساكتين . ثم يخرجان كما دخلا والقلوب مليئة بالرهبة والخوف .

وتمر الايام ويسقط السلطان ثم تسقط الدولة العثمانية كلها . ويصبح فيصل ملكا على العراق ويزور تركيا بدعوة من مصطفى كمال اتاتورك ويقلهم اليخت الذي كان لا يستقله الا الباديشاه وينزل عند قصر (دولمة باهجة) الذي اصبح متحفا وهو نفس القصر الذي كان يدخله خائفا وجلا بين صفوف الحرس والجند وقلبه مليئا بالرعب . ولكنه يدخله هذه المرة وهو غير مصدق . فقد كانت القاعات والاورقة خاوية على عروشها اما ردهة العرش فقد هاله فراغها عندما وقف بالباب . ولكن العرش ما يزال فيها فارغا مهجورا يحكي قصة مجد غبر . ويسير باتجاه العرش بخطوات ثابته ويصعد درجاته مرفوع الراس ثم يجلس على كرسي العرش وهو يقول للريحاني (لقد احسست ذلك اليوم بانني ادركت ثاري !).

كان فيصل ملكا ومع ذلك احس بما احس به من شعور بالتشفي من سلطان غاشم فماذا يكون احساس الشعوب وهي تتطلع الى بعض حكامها وهم يمسكون بكرسي الحكم حتى الموت ولا يدركون ان الملك ليس خالدا وان كل شيء الى زوال وان الكراسي عمرها قصير . متى يدرك ذلك الحكام العرب . متى يدركون ان دوام الحال من المحال . وانهم مهما حاولوا اطالة فترة بقائهم على كرسي الحكم فانه سوف يأتي اليوم الذي يذهب فيه الكرسي وصاحب الكرسي وان البقاء للاعمال لا للاقوال . وان الشعوب مدركة ثارها في يوم من الايام وانه حتى السلطان الباديشاه عبد الحميد الذي كان يسمى (خاقان البحرين وسلطان الخافقين ) قد ادركه الهلاك . وانه لمدركهم مهما طال الامد فمتى يستجيبون لنداء التاريخ ويعتقون الشعوب المغلوبة على امرها بشكل طوعي قبل ان تجبرهم الاحداث على ذلك.
 

* اكاديمي عراقي / كوبنهاغن

 

 

 

free web counter