| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

أ.د. عبدالجبار منديل
Salal17@yahoo.com

 

 

 

                                                                                       الأربعاء 21/9/ 2011


 

سيناريوهات ليبيا من خلال تجربة العراق

أ.د. عبد الجبار منديل *

كاتب هذه السطور عمل استاذا في جامعة بنغازي في ليبيا للفترة (1993ـ1996) قبل ان ينتدب الى الجامعات الاردنية . لذلك فقد عرق المجتمع الليبي عن كثب . فشخصية الليبي هي شخصية البدوي الطيب ولكن ولكن المعتز بشخصيته وعشيرته وبعده . وهو يضع العشيرة قبل البلد . والسؤال الاول الذي يوجه الى الليبي الاخر عند التعارف لاول مرة هو السؤال عن عشيرته في الخريطة السياسية على عكس العراقي مثلا . فالعراقي كان يفعل ذلك في العشرينات والثلاثينات ولكن ابتداء من خمسينات القرن الماضي اخذ ينظر الى الواقع السياسي من خلال موقعه هو سواء الموقع الوظيفي او الطبقي او الاجتماعي .

المواطن الليبي بعد ان انهارت الدولة في الوقت الحاضر زاد من تمسكه بموقعه العشائري ودور عشيرته على خارطة ليبيا والثورة الليبيه . ولا شك ان هناك تباينا في موقف العشائر من الثورة الحالية . بعضها ايدها بقوة وبعضها بفتور او وقف منها موقفا سلبيا . وقد انعكس ذلك على الافراد من منتسبي العشائر .

لا توجد في الوقت الحضر دولة في ليبيا بالمعنى المفهوم للدولة . بل توجد عشائر تبحث عن دور لها في الدولة الجديدة ونجد مرة اخرى ضرورة المقارنة مع وضع العراق بعد سقوط النظام السابق . فمع ان الدولة قد انهارت في العراق الا ان هناك كانت توجد قوة احتلال . . وعلى الرغم من جهل وغباء قوات الاحتلال وعدم قدرتها على فهم الواقع العراقي واعداد العدة لما بعد انهيار الدولة الا انها قوة موجودة في الشارع وتفرض نفسها على الواقع السياسي والامني اضافة الى وجود تيارات سياسية عراقية متبلورة كمعارضة .

في ليبيا الحالية لا توجد تيارات سياسية ولا توجد قوة سياسية من اي شكل عدا ثوار القبائل والمدن وبعض القوى السلفية مع غياب اي تنسيق بين هذه القوى حتى داخل المجلس الانتقالي . ولكن بعد الانتصار النهائي وبداية البحث عن خارطة طريق المستقبل تبدا التجاذبات حول دور وحصة كل منطقة او قبلية في مستقبل البلد . وليبيا بلد مترامي الاطراف قياسا الى العد الضئيل من السكان لذلك فخطر انعزال او انفصال قبيلة ما او منطقة ما لاي سبب من الاسباب يبقى قائما . فاذا ما رات احدى هذه الجهات ان حقها في كعكة السلطة لا تتناسب مع دورها في الثورة او مع حجمها وعدد افرادها فانها سوف تنشق وتمزق اللحمة الموحدة . كما ان ارضاء الجميع في مجتمع لم يتعود بعد على الحوار الديمقراطي هو امر في غاية الصعوبة . ومما يزيد ايضا من جسامة الاخطار التي تتهدد وحدة ليبيا هو ان الاطاحه بالسلطة السابقة كانت عن طريق ثورة شعبية بكل معنى الكلمة ولكن بدون قيادة موحدة مما يعني ان كل جهة مشاركة بل كل مدينة وكل عشيرة وكل فرد يرى ان دوره كان كبيرا جدا وان ما حصل عليه من مكاسب في السلطة مقابل ذلك لا يتناسب مع ما بذله من جهود وتضحيات . ومن تعود استعمال السلاح طيلة فترة الثورة يصعب عليه الاقلاع عن عادة الحوار بالسلاح في حالة نشوب اي خلاف مع اي طرف من الاطراف او مع كل الاطراف . نعتقد انه سوف تكون من المهمات العاجلة والخطيرة مهمة تشكيل السلطة المركزية والجيش المركزي والامن المركزي . فطوال اكثر من اربعين عاما لم يكن هناك جهاز دولة في ليبيا بالمعنى المفهوم بالعالم كما لم يكن هناك جهاز اداري او وحدات ادارية واضحة . فمثلا لم تكن هناك وزارات او محافظات او بلديات او اي تقسيمات ادارية . كانت توجد فوضى ادارية كاملة . الشيء الوحيد الموجود هو (قائد الثورة) الذي ينكر انه رئيس دولة او رئيس جمهورية او رئيس وزراء اضافة الى ما يسمى بالمؤتمرات الشعبية وهي تجمعات لممارسة حوار الطرشان طيلة العام من دون طائل .

امام ليبيا طريق طويل لان تكون دولة موحدة فيها قانون ومن دون تمييز بين فرد واخر سواء على اساس المنطقة او القبيلة او المدينة او الدور الذي قام به في الثورة .

 

* اكاديمي عراقي / كوبنهاغن

 

 

 

free web counter