| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

أ.د. عبدالجبار منديل
Salal17@yahoo.com

 

 

 

                                                                                       السبت 1/10/ 2011



محصلة الثورات العربية ... من ثور الساقية المصري الى حصان الناعور العراقي !!

أ.د. عبد الجبار منديل *  

ما ان بدأت الثورات العربية (المباركة) حتى ارتفعت اصوات السياسيين وغير السياسيين في العالم في الشرق والغرب والشمال والجنوب مرحبة ومهللة وصارخة بانه آن الاوان ودقت ساعة الحقيقة وبان العالم العربي ونفض عن عاتقه غبار الذل والمسكنة وان الدكتاتوريات سوف تقبر الى الابد وان عصر جديد سعيد سوف يطل على العرب وان الربيع العربي كما يعبر عنه الغربيون او ربيع الثورات العربية قد القى عصا ترحاله في الديار العربية وان عصر الديمقراطية قد القى بظلاله على العالم العربي الى اخر هذا الكلام المعاد الذي نسمع ونقرأ عنه نحن الجيل القديم منذ اكثر من نصف قرن والغريب ان العرب وكتاب العرب لا يملون تكرار هذا الكلام الممل كل عشر سنين او بين فترة واخرى وكان الاجيال تتوارث هذا الكلام وتجتره بدون كلل ولا ملل .

منذ انقلاب يوليو مصر والذي سمي ثورة 23 يوليو ثم انقلاب تموز في العراق والذي سمي ثورة 14 تموز وما تبعهما من انقلابات سميت ثورات ولحد الان وفطاحل الكتاب العرب يكتبون عن الفرق بين الانقلاب وبين الثورة وبان الثورة هي غير الانقلاب ويبدأون بتعداد مزايا الثورة ويتغزلون بسماتها وعلاماتها الخ .. ولكن لم يتغير شيء برغم كثرة الثورات والانقلابات فالعرب هم العرب والنظم السياسية هي هي والحكام هم هم والفقراء على فقرهم والمضطهدون على اضطهادهم لم يتغير شيء ولم يستجد شيء . الشيء الوحيد الذي تغير هو انه حل اثرياء جدد بدل القدامى ولصوص جدد بدل القدامى . والناس مثل الذئاب الشرسة يقتل بعضهم بعضا ويمثل بعضهم بالبعض الاخر ان بسبب الدين او المذهب او المعتقد السياسي او السلطة او الثروة والسجون ملأى بسجناء الرأي من كل الاطراف فما ان يصل فرد او جماعة الى السلطة حتى يبدأ بشن حملاته الشعواء ضد من لا يتفقون معه في الرأي فهو او هم لا يقبلون عن رأيهم بديلا ويتحول ذلك الرأي الى نظام توتاليتاري .

ان العرب برغم كره اغلبهم للفلسفة المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية فانهم يؤمنون ببعض الجوانب لفلسفتها والتي تتفق مع مزاجهم والتي ترى بان الثورات هي عملية تحول اجتماعي جذري وفجائي بعد استكمال شروط الثورة وتضم عناصرها ويشبه ذلك بالماء الذي يتحول الى بخار عند درجة الغليان وهكذا يحدث التحول الثوري في المجتمع .

ان التحول الاجتماعي ليس عملية كيمياوية يمكن ان يتم بين ليلة وضحاها . انها عملية طويلة الاجل وعملية مخاض عسير قد تستغرق عشرات السنين هذا اذا لم يكن مئات السنين . وعملية تحول المجتمع العربي عن طريق انقلاب او ثورة الى جمهوريات فاضلة او مجتمع يوتوبيا هو كلام ساذج ينم عن عدم معرفة بوضع المجتمع العربي وتعقيداته. فالمجتمع العربي الذي تحكمه تقاليد وعقائد دينية ومذهبية وعشائرية وتراث يضرب في اعماق التاريخ لا يتحول ولن يتحول عن طريق الصراخ وهياج الشارع وحشد الالاف المؤلفة من البشر لكي تصرخ وتهدد وتتوعد واحيانا تقتل وتنهب ولكن ما ان يطاح بالحكام القدامى ويتبلور جيل جديد من الحكام ويستقر في كرسي الحكم حتى يعود الى سيرة اسلافه من الحكام في قمع الخصوم وقتل المعارضين والتمثيل بهم . واسألوا الثورات العربية قديمها والجديد بل اسألوا الثورات العالمية من الثورة الفرنسية الى الروسية الى الصينية والشعوب باقية تدور في نفس المدار معصوبة العيون ومغسولة العقول مثل ثور الساقية المصري وحصان الناعور العراقي .

فليتفاءل من يتفاءل وليتشاءم من يتشاءم فالشعوب العربية (مكانك راوح) او (مكانك سر) الى عشرات السنين او ربما مئات السنين.

 

* اكاديمي عراقي / كوبنهاغن

 

 

 

free web counter