| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عربي الخميسي

 

 

 

السبت 5/4/ 2008



الاعلام المندائي والخطاب الخجول

عربي فرحان

نٌشِرت على صفحات موقع صوت العراق الموقر قبل مده مقالة للكاتب المندائي الجرئ الاخ الاستاذ مثنى حميد مجيد تحت عنوان ( في الشأن المندائي ) ردا على مقالة الاستاذ توما زكي زهرون من بغداد الموجهة للكتاب المندائيين ، إلا ان كاتبها خصني بها بالاسم كما حلا له ان يضرب بي مثلا للكاتب المتحدي المغالي والمتشائم وغيرها من الاوصاف ، كما كانت تتضمن رسالته لوما وتجريحا وانتقادا بسبب الدعوه التي سبق لي ان وجهتها للمندائيين كافة والتي كنت اطالبهم فيها ضرورة التفاعل مع الاخرين ، والتضامن مع قطاعات واسعه من ابناء الشعب العراقي التي تضم عناصر وطنية واعيه من مختلف الاتجاهات السياسيه والحزبيه والثقافيه والانتماءأت الطائفيه والدينيه والقوميه والعراقيين المستقلين من كافة اطياف الشعب العراقي ، وذلك للتوقيع على نداء الحمله الموسومه ( مدنيون ) لتأسيس الدوله العراقيه المدنيه الديمقراطيه العلمانيه انطلاقا من قناعتي التامه ان حقوق المواطنه للاقليات ومنها المندائيين تعيش وتنمو بظل الانظمة الديمقراطيه ، ولا يمكن تحقيقها الا بدولة المؤسسات الدستورية و القانونيه وسيادة العدل والمساواة انطلاقا من مفهوم حقوق المواطنه وهذه هي فحوى ندائي المذكور .

كان بودي ان نتناول المواضيع التي تهم الشأن المندائي مع بعضنا البعض ، دون اشراك الغير في مناقشاتنا واهتماماتنا لأنها بالاساس لا تعني إلا اهلها و باعتبار الامر ذا خاصيه بحته ليست من مصلحه الطائفه نشرها ، وعلى مثل القول الشعبي العراقي ( مركتنا على ازياجنا) ولكن الامر تعدى الحدود ، واصبح يتسم بالتحدي والاصرار على الخطأ واخذ طابع الاستخفاف و عدم الاهتمام واللآمبالاة باراء الاخرين التي يراد بها خدمة مصالح المندائيه والمندائيين عموما .

ينتقدني ويشكك بموقفي الاستاذ توما زكي زهرون وهو يتكلم باسم رئيس المجلس الروحاني الاعلى لطائفة الصابئه المندائيين على قيامي بتذييل مقالتي موضوع الانتقاد بصفتي المشاور القانوني للمجلس المذكور ، وباني افرَط بحياة ابناء الطائفه المندائيه ، واحرَض المتشديدن على الاعتداء عليهم واعرضهم الى القتل جراء انتقادي الموضوعي للحكم بالعراق ، الذي قد ينعكس سلبا على المندائيين بالداخل جراء نعتي للنظام القائم بنظام حكم محاصصات طائفيه ومليشيات تنتسب الى قوى سياسيه متعدده ، وفقدان النظام المذكور السيطره على الوضع الامني ، وعلى استشراء الفساد الاداري والمالي . هذ هو ملخص ما ورد بمقالتي أنفة الذكر والتي اغاضت السيد توما زكي زهرون في بغداد .

الكل يعلم ان المندائين بدأوا ولعهد قريب جدا بتنظيم انفسهم ، لأسباب اهمها موقف الحكومات العراقيه المتعاقبه منهم ، وعدم الاعتراف بهم بكافة الدساتير التي صدرت منذ الحكم الوطني بالعراق سنة 1921 ، وكانت السلطه تنظر اليهم كمواطنين من الدرجه الثانية ، رغم ما قدموه مثل غيرهم للوطن العراق من خدمات جليله على كافة الاصعده ، ماخلا حالة الانفراج التي شملت الجميع ولفترة قصيره من الايام الاولى من قيام الجمهوريه الاولى سنة 1958 ، وفي المقابل ان المندائيين انفسهم كانوا قد رضوا بموقف الخضوع والخنوع وكتموا اصواتهم خوفا وهلعا مما سيترتب عليهم من اضطهاد وظلم السلطه ، وقد تواروا عن الانظار والظهور العلني لأخذ الحقوق او بالاحرى انتزاعها من ولاة الامر الغاصبين ، وكان اشدها وطأة عهد السلطه الساقطه الا من بعض الواجهات المرتبطه بها بشكل او باخر ، ومحاولة احتواءها عن طريق إيجاد موطئ قدم مع القله من ابنائها الموالين لها ممن انتمى للبعث كرها او خوفا او مصلحة ، ولأغراض دعائيه ضمن ما يسمى بالحمله الايمانيه ، حيث سمحت لهم السلطه ولأول مره اصدار مجلة افاق مندائيه محددة بعدد الصفحات لا يسمح بتجاوزها ، وكتابات تمجيد وتعظيم القائد الضروره مع صورته في صدر المجله.
ومع ذلك والحق يقال كانت المجله متنفس ولو بسيط للقله القليله جدا من الكتاب المندائين ، كان لهم ان يكتبوا وبمواضيع بعيده عن اية مطالب سياسيه او اجتماعيه او قانونيه او ثقافيه ، كانت كلها مقتصره فقط على التراث واللغه والبحوث المندائيه والاخبار الداخليه دون غيرها من المواضيع التي لا تمس السلطه اطلاقا لا من قريب ولا من بعيد . وفي ذلك الوقت بالذات سمحت لهم ايضا باصدار تعليمات المواد الشخصيه بصلاحية وزير الاوقاف والشؤون الدينيه لتنظيم احوالهم الشخصيه ، ومعلوم ان هذا الامر لا يرتقى الى مستوى التشريع القانوني، وحتى لا يفسر ضمنا كأعتراف قانوني رسمي بالمندائيين وكذلك ينسحب هذا الوضع على باقي تنظيماتهم الادارية
الاخرى .
هذه الحال تجذرت عميقا بقلوب وتصرفات النخب المندائيه ، فالخوف اصبح سمة من سمات المندائيين ، وهكذا اصبح قبول الواقع المر على مضض دون اعتراض او رفض هو من سلوك بعضهم ، بحجج وافتراضات شتى ، وكأن قول الحق جريمه وما يصيب بعض المندائيين من ظلم يعزى لمن يفضح ويقاوم هذا الظلم والتعسف .

يأخذ عليَ الاستاذ توما زكي موقفي المتشدد والفاضح لحالات الأغتيالات والقتل العمد والتهجير والاغتصاب التي طالت ابناء الطائفة المندائيه على وجه التحديد ، لأنها باعتقاده ستغيض اؤلئك المجرمين القتله الأوغاد وسيتمادون بالقتل والاصرار عليه ، الا اني من جهتي لا ارى ان هذا هو الحل الامثل لمنع القتله من معاصيهم ، بل اراها عار وعيب لمن يقبلها ويتستر عليها ، وان صاحب الحق هو الاقوى ، وله وحده المستقبل المشرق مهما طال به الزمن ، ولأن مفهوم حق القوه مفهوم مغالط ويجانب الحقيقه والمنطق افرزته الظروف الاستثنائيه بالعراق ، وهو مفهوم اهوج مراوغ وغير صحيح بالمطلق ، وان القوة عمرها لا تملك الحق القانوني لأنها مرتبطه عضويا بالجريمه ، والجريمه حبل عمرها قصير ، وحججها واهية فضفاضه لا تدوم ولا تستقيم ، ولا بد ان تنكشف الحقيقه ، وليس العكس كما ورد برسالة السيد توما المنوه عنها . وكان على صاحب الحق والمؤمن بعدالة قضيته ان يقوم بتعرية وفضح القتله المجرمين ، وأن يقاوم ولا يستسلم ، ينادي ، يستجير ، يصرخ باعلى صوته حتى يسمعه الناس كل الناس ، يشتكي ولا يسكت ابدا ، سالكا الطرق القانونيه ومستخدما كل وسائل الاعلام بدون هواده لأن السكوت في موضع الحاجه هو من الرضا .

اما تاريخ المندائيين الاعلامي على النطاق العالمي بدأ حديثا قبل حوالي عشرة سنوات فقط ، على اثر حملات الهجره الى خارج العراق بفعل الضغوط المتسلطه عليهم من نظام الحكم السابق ، والظروف الاقتصاديه الصعبه ، ومأسي الحروب ، وفقدان اولادهم ضحايا تلك الحروب ، وبعد ان استقر بهم الحال في بلدان العالم شرقا وغربا ، بدأوا بالاتصال مع بعضهم البعض ، وتناخوا فيما بينهم لأثبات وجودهم ، وهم يملكون الثقافه والمعرفة وضروب العلوم المختلفه على مستوى عال ، وكان لهم ما ارادوا حيث تشكلت الجمعيات واخذت كل جمعيه على عاتقها اصدار النشرات والمجلات وهي تزخر بالمواضيع السياسيه لأول مره والثقافيه والعلميه والتاريخيه وغيرها ، كما كان لهم صوتا مدويا بغرف الحوار على الانترنيت ، به يَسمعون العالم بمأساتهم ووضعهم المزري من خلال الحوار المباشر مع المسئولين وغيرهم ، ومن ثم تشكل اتحاد الجمعيات في المهجر ولجنة حقوق الانسان المنبثقه عنه وهما مكسبان عظيمان يعنيان بالشأن المندائي ولهما صوتان فاعلان في المحافل الدوليه ، كما تأسست رابطة الكتاب والصحفين والفنانين لغرض توحيد الخطاب المندائي ، ولم شمل الادباء المندائيين والصحفين والفنانين المبدعين وهي لا تزال بدور التشكيل .

انا لا ادعي كوني كاتب وحرفتي الكتابه ولكن كان لي الشرف عندما قمت بالمبادرة بالكتابه منذ عشر سنوات ونيف بحكم الضروره وقد تكون بعض مواضيعها متواضعه وعلى قدر الحال الا انها كانت متنوعه وموضوعيه شملت الكثير من الجوانب القانونيه والاجتماعيه وحقوق الانسان والمرأة والمطالبه بالديمقراطيه وحقوق الاقليات ودعوات خيره للوحدة والتوحيد وغيرها وبالرغم من بساطتها الا انها كانت تعبيرا حيا وحاجة ملحة عن ما يخالج الصدور من اهات ومراره للاوضاع التي افرزتها حالة الفوضى وهضم الحقوق واستباحة الحرمات بعد تغيير الحكم وقد كان نصيب المندائيين منها مضاعفا فكان لابد من صوت ومطالب ومدعي متضامنا مع كل الخيرين من ابناء العراق الكرام لصد الهجمه البربريه والافكار المتخلفه والدفاع عن حقوق الانسان وكرامته الا اني والاسى يحز في قلبي اجد هناك من ينبري باستخفاف شديد بهذه الجهود من خلال حمله مشوهه لمحاولة النيل مني ومن كتاباتي وافكاري بحجة حماية من هم بالداخل من المندائيين والتستر على كثير من التجاوزات والانتهاكات التي تعرض ويتعرض لها بناتنا وابناءنا دون رحمه والانكى منها التكلتم والصمت المطبق على ما يحث من قبل المجلس الروحاني الاعلى والممثل بالاستاذ توما زكي زهرون .

المندائيون بحاجه ماسه الى تنظيم انفسهم ومراجعة احوالهم وترميم بيتهم وتوحيد خطابهم لا تشتيتها ضمن ثوابت معينه يتفق عليها والا فان الانفراد والتحكم والتمسك بالرأي والسكوت المطبق والانهزاميه والخوف وازدواجية الموقف لا تخدم المندائيين بل يضيع عليهم حقوقهم طالما ضاعت من قبل وعليه انا ادعو ايجاد مركز او جهة تأخذ على عاتقها توجيه الخطاب الموحد الشجاع دون محاباة او خجل يعبر عن رأي الاكثريه محليا وعالميا وعدم التفريط بالجهد والامكانيات المتاحه وذلك باتخاذ الموقف المبدئي كامر ضروري وهو نقيض الخجل والخنوع في معرض الحق والحقيقه واعود فاقول لا يضيع حق وراءه مطالب  .

الحقوقي / عربي فرحان
نيوزيلانده
نيسان / 2008
 


 

Counters