| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عربي الخميسي

 

 

 

 

الأثنين 2/1/ 2006

 

 

 

مهزلة المقاعد التعويضية والاحابيل السياسية

 

عربي الخميسي *

ابتدع السياسيون واصحاب القرار والحكام وذو النوايا المبيتة والاهداف المبطنة بالاتفاق مع المشرعين مفهوم المقاعد التعويضية في نصوص قانون الانتخابات الجديد بعد الغاء القانون السابق والذي كان بحق افضل بكثير من هذا القانون بالنسبة لحقوق الاقليات والكيانات والمكونات الصغيرة عندما كان يقضي باعتبار العراق منطقة انتخابية واحدة بعكس الاخيرالذي بموجبه يقسم العراق الى عدة مناطق انتخابية بقدر عدد المحافظات مما يصعب معها بل يستحيل نيل الاصوات اللازمة لفوز اي مرشح من تلك الاقليات المنوه عنها بعد ان تم تشريع هذا القانون الذي دُوٌن ونشر بفترة زمنية قصيرة قياسية بعد تمريره شكليا عبر الجمعية الوطنية العراقية واقراره بسرعة ولم يجر نشره بوسائل الاعلام وبمعزل عن الجماهير الشعبية ومنظمات المجتمع المدني واصحاب المصلحه وذوي الاختصاص بالقوانين الدستورية ومن يهمهم الامر من شرائح هذا الشعب بغية الاطلاع عليه ومناقشة بنوده من النواحي القانونية والاجتماعية والانسانية قبل تشريعه مثل كل البلدان الديمقراطية المتحضرة في العالم ، وقد صرح في حينه السيد فريد آيار المتحدث الرسمي باسم المفوضية العليا للانتخابات ان ال 45 مقعد التي اطلق عليها بالمقاعد التعويضية من اصل مجموع مقاعد البرلمان العراقي القادم البالغة 275 تخصص تحديدا للكيانات الصغيرة والطوائف التي لم تتمكن من الحصول على مقاعد عن طريق الانتخابات واضاف ان الاصوات المتأتية من خارج العراق هي بالتحديد ستحسب لتلك الكيانات والطوائف كون اصحابها لا يملكون بطاقات تموينية تحصي تعدادهم .
استبشرت الاقليات خيرا لهذا الاجراء وصدقت من جانبها اقوال السيد فريد والاخرين من رجال السياسية وشادت بحسن نواياهم ووطنيتهم واخلاصهم لمكونات الشعب وطوائفه الصغيرة وباتت تعيش بالآمال والاحلام الوردية ..!
وبناء عليه فقد ساهمت تلك الطوائف بنشاط مميز بالاشتراك مع ابناء الشعب الاخرين في عملية الاستفتاء للدستور خاصة وقد ورد ذكر تلك الطوائف بالاسم و بوضوح تام ونُص عليها بصدر مواده حين عرًف معلومة الشعب العراقي إذ قال في المادة 2 --
ثانيا - يضمن هذا الدستور الحفاظ على الهوية الاسلامية لغالبية الشعب العراقي . كما يضمن كامل الحقوق الدينية لجميع الافراد في حرية العقيدة والممارسة الدينية ، كالمسيحيين والايزيدين والصابئة المندائيين .
واقرت المادة 3 منه :- أن
( العراق بلد متعدد القوميات والاديان والمذاهب ... الخ )
وكذلك نصت المادة14 منه : --
العراقيون متساوون امام القانون دون تمييز بسبب الجنس او العرق او القومية او الاصل او اللون او الدين او المذهب او المعتقد او الرأي او الوضع الاقتصادي او الاجتماعي .
كما ابدوأ من جانبهم نشاطا ملحوظا بالعملية الانتخابية فيما بعد داخل وخارج العراق وكان لهم حضور مميز بهذا النشاط .
وخلاصة القول اِقر دستوريا بواقع الحال وهو ان العراق مؤلف من قوميات واديان وطوائف متعددة من عرب واكراد وتركمان وكرد افيلية وآشورين وسريان وكلدان وارمن ومن الطوائف الدينية الاسلامية والمسيحية والايزيدية والصابئة المندائيين والشبك والكاكائية وهم متساوون على قدر واحد بالحقوق والواجبات تطبيقا لمفهوم حقوق المواطنة لكل العراقيين دون تمييز .
وقد جاء بالمادة 47 -- اولا - .....
يتكون مجلس النواب العراقي من عدد من الاعضاء بنسبة مقعد واحد لكل مائة الف نسمة من نفوس العراق يمثلون الشعب العراقي باكمله يتم انتخابهم بطريق الاقتراع السري المباشر ويراعي تمثيل سائرمكونات الشعب فيه .
قام ممثلو تلك الاقليات بشكل عام والصابئة المندائيين بشكل خاص بزيارات ولقاءآت عديدة مع كافة المسؤولين من قادة البلاد ورؤساء الاحزاب السياسية ورجال الدين والسياسة واصحاب القرار وكل المهتمين بالشان العراقي قبل واثناء الانتخابات الاخيرة لتوكيد مطاليبهم واستحقاقاتهم المشروعة وكان على رأس هؤلاء السيد رئيس جمهورية العراق الاستاذ مام جلال الطالباني ورئيس الوزراء الدكتور الجعفري والسيد عبد العزيز الحكيم والدكتور عادل الآمي المدير العام للمفوضية العليا للانتخابات والدكتور حسين الهنداوي رئيس المفوظية العليا للانتخابات ورؤساء معظم الاحزاب السياسية والكيانات والكتل والمكونات السياسية لمجموع الشعب العراقي وقد خرجوا في حينه بانطباعات جيدة ومتفائلة لتلك اللقاءآت ولمسوا تفهما واضحا ومؤكدا ومؤيدا من لدن الجميع لحقوق الاقليات مع التعهدات الشخصية لهذه الحقوق وضرورة تمثيلهم في البرلمان القادم على اساس استحقاقهم سيكون عن طريق المقاعد التعويضية بالتخصيص . كما صاحب هذه الانشطة تقديم مذكرات تحريرية تبين اسباب المطالبه بها كحق من الحقوق الاصلية وليست مكتسبة وكُتبَ الكثير من المقالات والدراسات بهذا الصدد اشترك فيها بعض رجالاتهم والعديد من اصحاب الفكر والسياسة والمثقفون العراقيون في داخل العراق وخارجه بحيث بات بشبه المؤكد ان الحقوق مصانة للجميع والمندائيين بشكل خاص في الحصول على اقل تقدير مقعد واحد في البرلمان العراقي وظلت الطائفة بانتظار ما ستسفر عنه الانتخابات .
ابدت طائفة الصابئة المندائيين تعاونا مخلصا وحميميا ومشاركة فاعلة في مجال الاداء الوطني وبدافع الانتماء الصميمي لهذا الوطن مثل غيرهم من باقي مكونات الشعب العراقي العظيم وبتوجيه قياداتهم الدينية وتنظيماتهم الادارية والاجتماعية وجميع الجمعيات المنتشرة في بلدان العالم وعلى رأسها اتحاد الجمعيات المندائية في بلدان المهجر الذي يضم في عضويته ما يزيد عن عشرين جمعية تمثل الالاف من ابناء الطائفة .
يؤكد الصابئة المندائيون تمسكهم بالمبادئ الديمقراطية التي هي وحدها وعن طريقها يمكن نيل الحقوق وضمانها للكل ، صابئيون كانوا او ايزيديون او غيرهم كما انهم يعلنون جهارا رفضهم القاطع للنعرات الطائفية الضيقة والمحاصصة البغيضة طالما عاشوا وتعايشوا منذ القدم مع كافة المجتمعات والطوائف الدينية الاخرى وشاركوا همومها ومعاناتها وازماتها وساهموا ببناء العراق بكل ما أوتوا من قوة وإقتدار وقد اجادوا حتى بارواح ابناءهم دفاعا عن العراق واستقلاله والمحافظه عليه تماما مثل العربي والكردي والاشوري والايزيدي والشبكي وغيرهم اسلاميين كانوا او مسيحيين او من اي دين آخر هؤلاء هم المندائيون ومن لا يصدق فليزر مقابرهم وليتعرف على ضحاياهم من الشباب جراء الحروب الظالمة وغير المبررة وقد ُسمًيوا بالشهداء علما ان الصابئة المندائيين غير معنيين بمقولة الشهادة من وجهة نظر معتقدهم الديني !!!! أي انهم مذنبون وقد خالفوا نصوص دينهم التي تلزمهم تجنب الخطيئة والقتل والاقتتال التي تؤلف عندهم قمة المعاصي والذنوب يحاسب عليها يوم الحساب ؟ هم اهل السلم والسلام والاخوة والمحبة والتآخي والتعايش بين جميع بني البشر .
الا ان مطالبتهم بها لها ما يبررها وبالرغم من انها حق مشروع من حقوق المواطنة الا ان وجود صوت لهم في مجلس البرلمان من شأنه ان يوضح تلك الحقوق ويدافع عن ابناء جلدته ان اقتضى الامر ذلك ، والاهم من كل ذلك هو ان المسالة المندائية ذات خصوصية لا يعرفها الا اهلها واقصد بها على وجه التحديد قضايا احوالهم وموادهم الشخصية والمدنية والثقافية وحقوقهم الاخرى التي كثيرا ما تهضم امام المحاكم والجهات الحكومية الرسمية بحجة عدم معرفتها او اهمالها وتجاهلها قصدا خاصة وان من مهمات البرلمان القادمة هي تشريع قوانين وضعية قد تزيد على اربعين او اكثر من القوانين من ضمنها القوانين الخاصة بالطوائف الغير اسلامية وعليه من الضروري حضور من يمثل تلك الطوائف الزاما والا فان القوانين ستكون مجحفة بحق اصحابها او ناقصة قد لا تفي بالغرض المطلوب منها ولا تغطي كافة جوانبها .
من المعلوم ان الانتخابات الاخيرة قد تمت ونتج عنها فوز بعض القوائم رغم ما قيل ويقال عنها الا ان في المحصلة النهائية كانت خيبة امل بالنسبة للاقليات التي خرجت منها بلا حمص وقد ذهبت جهود ابناءها هباء رغم تعرضهم الى مخاطر الاعتداءآت والارهاب ومما زاد في هذه الخيبة تصريح الدكتور فريد آيار ( للحياة ) قائلا ( ان المقاعد التعويضية ليست مخصصة للاقليات او القوائم الصغيرة لكنها ستعطى لجميع القوائم بعد حسبان الاصوات المتبقية للفائزة منها بالمقاعد الاساسية وحسبان كل الاصوات للقوائم التي لم تفز بالمقاعد الاساسية في جميع المحافظات )
وهو هنا يناقض تصريحاته السابقة ويرى القارئ الكريم التعقيد واللف والدوران والضحك على الذقون في نصوص هذا القانون الانتخابي كون ان القوائم الاساسية الفائزة هي التي ستحصد كامل الاصوات التعويضية وتزيد عدد المقاعد على مقاعدها التي فازت بها بشكل او باخر وبطريقة حسابية ملتوية وباحابيل سياسية شيطانية ويبقى ( ابن الخايبة وبأس المصير ..!! )

وتبقى حالة الصابئة المندائيين فريدة من نوعها وتدعو الى البؤس والالم وتبقى ديمقراطية العراق الجديدة ( مثلومة ) مع الاسف الشديد ولا حقوق مواطنة ولا ( بطيخ ) كما وان مطالبة هذه الطائفة والطوائف الاخرى بمقاعد مخصصة لهم سلفا اي وفق نظام ( الكوتا ) كان مطلب عادل ومنطقي مثل كثير من الدول غربية وشرقية التي تاخذ بهذا الاسلوب كالاردن والهند ومصر وسويسرا وغيرها من بلدان العالم .
ولتوضيح الحالة بالنسبة للصابئة المندائيين هي انهم قليلو العدد ومنتشرين على طول وعرض العراق وبكل محافظاته ولا يمكن ابدا بل يستحيل توفر القاسم الوطني للانتخابات لنيل المقعد النيابي و لأنهم طائفة دينية وغير منضوين تحت كيان سياسي خاص بهم للأسباب ذاتها التي نوهنا عنها اعلاه ولهذا بالضبط هو سبب الحيف والظلم الذي لحق بهم من جراء قانون الانتخابات الجديد والالية التي جاء بها عند حساب توزيع الاصوات الانتخابية .

وقبل انهي كلماتي هذه اوجه عناية السادة المسؤولين حكام وسياسين كرام اعتبارا من رئيس جمهورية العراق الاستاذ مام جلال الطالباني ورئيس الوزراء الدكتور ابراهيم الجعفري ورئيس الجمعية الوطنية الحسني والهنداوي رئيس مفوضية الانتخابات المستقلة العراقية على ان وعد الحر دين وما قطعوه على انفسهم وصرحوا به ان العراق لا يستثني احدا من ابنائه للمشاركة بحملة البناء والتعمير انطلاقا من مبدأ حقوق المواطنة وان آخر ما صرح به السيد عبد العزيز الحكيم في زيارته الاخيرة الى شمال الوطن قوله في المؤتمر الصحفي (نحن اليوم ننشد العراق الجديد ، عراق الغد والمساواة والحرية والاستقرار) وبالتأكيد هي امنيات كل عراقي شريف يرجوالخير لهذا البلد
وعليه نحن معشر الصابئة المندائيين نطالب بتخصيص مقعد واحد في البرلمان العراقي القادم استنادا للحقوق المشروعة ووعود كل الخيرين من رجال هذا البلد

وختاما لا بد من القول ان حكم الاكثرية للاقلية لا تقره القوانين والمواثيق الدولية وهو يتناقض ومفهوم حقوق المواطنة ومفهوم الديمقراطية الحقة بالمساواة والحرية والعدل وتكافؤ الفرص للجميع دون تفريق او تمييز . والسلام


* الحقوقي عربي الخميسي
عضو اللجنة السياسية العليا لطائفة الصابئة المندائيين
المشاور القانوني لأتحاد الجمعيات المندائية بالمهجر