| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عربي الخميسي

 

 

 

 

الأثنين 26 /12/ 2005

 

 

 

هل تعلمون من هو اول عراقي يَنتخِب في العراق والعالم ؟
 


عربي الخميسي *

ربما هذا الخبر يضيع ويتوارى في زحمة اخبار العراق المتلاحقة والمتسارعة هذه الايام والتي اخذت حيزا واسعا وجهدا فريدا من قبل كافة وسائل الاعلام المحلية والعالمية وقد لا يهم هذا الموضوع القلة من الناس بقدر اهميته المعنوية ووقعة الوطني والانساني ومدى شعور الفرد من ابناء هذا الوطن بالوطن والانتماء العضوي له والمسؤولية الادبية والاخلاقية والقانونية التي تقع على عاتق الفرد الواحد والشعور بالحس العراقي المحض دون رياء او تزلف بيعدا عن المزايدات او توخي المنفعه الذاتية الضيقة هذا ما سأرويه لكم سادتي الافاضل !!

لقد افادت الانباء خلال العملية الانتخابية او كما اطلق عليها بالعرس العراقي التي جرت يوم الخميس في 15 / كانون الاول ان السيد مام جلال رئيس جمهورية العراق الموقر كان اول عراقي حضر المركز الانتخابي في السليمانية وادلى بصوته لصالح قائمته المفضلة وهو بهذا يستحق التقدير والعرفان مرتين الاولى بصفته رئيس الدولة ليس مثل غيره من رؤساء العراق السابقين عندما مارس هذا النشاط كأي فرد سوي من افراد الشعب ومن ثم كان هو الاسبق في التصويت ومع جل الاعتزاز بهذا الموقف الرائع من لدن الرئيس لأخلاصه للوطن وللشعب وبساطته وتواضعه الا اني استميحه عذرا اذا قلت له يا سيدي الرئيس مام جلال هناك شخص قد سبقكم .. نعم سبقكم بالأدلاء بصوته !!! وهو ........

فرد عراقي في المنافي البعيدة كان قد حمل معه في غربته ثقل معاناته وهموم اهل قومه وابناء جلدته والعراقيين عموما وبكل ما تتضمنه تلك المعاناة المثقلة بالآثام والآلام والظلم والقهر وإراقة الدماء البريئة ولم تنج منها عائلة من العوائل العراقية على مدى اربعة وثلاثون سنة خلت وهذا ما كان وما حصل .

ففي الساعة السادسة من يوم 13 / كانون الاول وهو اليوم المعين لبدئ الانتخابات للعراقين في الخارج كان ذلك الانسان ذو المحيا الشبابي الجميل والوقور والوجه المنور البريئ والطول الفارع ذات السحنة العراقية الاصيلة وهو يحمل على صدره ( الدرفش )1 بركة من بركات نبينا يحيى عليه السلام وفي قلبه صفاء النية ونقاوة ونبض الايمان المطلق بالخالق الرب وفي ذهنه الحكمة والتجلي والاتعاض والتأني وقد وقف على عتبة باب المركز الانتخابي حتى كان اول من دلف الى داخل القاعة حال فتح بواباتها بدءآ بالعملية الانتخابية انه يا سيدي الرئيس ويا ايها السادة الكرام فضيلة الشيخ ( الترميذا )2 يوحنا النشمي الزهيري رجل الدين الصابئي المندائي في استراليا - سدني .

ليس المهم الصوت الانتخابي بحد ذاته بل المهم التعبير عن روح المواطنة والمصير المشترك وتجسيد رابطة الاخوة واصالة الانتماء ومصلحة الوطن الواحد لكل العراقيين بكل انتماءآتهم القومية والدينية والاثنية

وأشد ما دفعني لكتابة هذه الكلمات هي تلك الرسالة المثيرة التي وصلتني من الشيخ الجليل والمملؤة بحب وحنان الفرع للأصل وذكريات حميمية للوطن بارضه وانهاره وفضائآته وجذوره الممتدة بالزمان والمكان البعيدين لآرض الرافدين للآباء والاجداد لدجلة الخير ( وفرات زيوا ) للتراث، للحضارة، لأرواح الضحايا ولكل الاخيار من شخوص العراق الخالدين !

واستميح الشيخ عذرا عندما اسجل هنا نصا من بعض فقرات رسالته الكريمة وبمثابة شهادة توثيقية عما انا بصدده حيث يقول : ----

( اليوم كان موعدي مع العراق .. مع دجلة والفرات .. مع التاريخ .. مع الاباء والاجداد .. مع العمق الحضاري . مع جذوري كمندائي .. مع التربة التي ترعرعت ونشأت فيها ..مع الذكريات . مع مندي بغداد .. مع مندي الناصرية . مع مندي العمارة .. مع ارواح شيوخنا الاجلاء .

هذا هو عندما كنت اول من ينتخب في استراليا ، ولربما في العالم لكون استراليا متقدمة في الزمن على باقي الدول .. لقد استقبلني الجميع بكل رحابة صدر وعلامات الاحترام والتبجيل بادية على وجوههم وانا مرتدي ملابسي البيضاء وواضعا ( درافشا ) فضيا كبيرا على صدري ..انه لشرف ان امارس حقي في مستقبل بلادي الرافدين ......

ثم يواصل الكلام ويوصي الصابئة المندائيين فيقول ( ادعوكم لممارسة حقكم المغبون منذ مئات السنين وتذهبوا الى مراكز الاقتراع وتصوتون لآجل الحرية والانسانية واحترام الجميع .. وموقفكم هذا انما هو استذكار الى جميع الارواح التي امنت بالمندائية وعاشت وعمرت وشاركت في صنع حضارة هذا البلد الزاخرة ..تذكروا جميع الذين ضحوا بانفسهم وارواحهم في سبيل العدل والحرية والانسانية .... مباركون جميعكم - الترميذا يوحنا النشمي - سيدني / استراليا .) انتهت رسالة الشيخ الفاضل

والعبرة هنا هي دعوته لأبناء الشعب العراقي بالمشاركة الفعلية بالعملية الانتخابية وبشكل خاص لأتباعه من المندائيين هؤلاء القوم الذين لم ولن يبخلوا يوم ما بالمساهمة مع الجماهير الشعبية لتلبية نداء الوطن والتاريخ يشهد لهم ذلك حتى في موضع التضحية بالنفس والنفيس ويذكرنا بهذا الصدد بالمجنى عليه الصابئي المندائي المرحوم عزيز سوادي اول من سقط صريعا في الكرخ محلة الجعيفر بعد ثورة 14 / تموز دفاعا عن الثورة ومكتسباتها في الاستقلال والحرية والديمقراطية ولا ننسى الشخصية المندائية الوطنية التقدمية المرحوم عبد الوهاب ناهض الذي سقط بنيران الارهابين الظالمين في حي ادراغ - الكرخ يوم الانتخابات الماضية للجمعية الوطنية وهو يؤدي واجبه الوطني وهناك شهيد من نوع آخر إلا وهو المرحوم العالم المندائي الدكتور عبد الجبار عبد الله الذي لم يتنصل عن عراقيته مطلقا رغم كل ما تعرض له بعد الانقلاب الاسود يوم 8 / شباط سنة 1963 وبقى على العهد الى اخر نفس من حياته حين اوصى ان يدفن جثمانه بارض العراق ويوارى الثرى بتربة بلده الطاهرة وقد ُنفذت وصيته من قبل اهله وطائفته بعد أن جلبت من هناك على حسابهم الخاص من الولايات الامريكية . والسؤال الذي يخطر على بال كل عراقي شريف اليس من العدل والانصاف تقييم مواقف هؤلاء وامثالهم من كل العراقيين الاوفياء والمخلصين ؟ تكريما للاحياء منهم وتخليدا لذكرى أؤلئك الراحلين ؟ ولنا من رجل الدين الورع الشيخ يوحنا مثال يقتدى به ؟ .

نحن معشر الصابئة المندائيين باقون وسنبقى على العهد عراقيون اقحاح كما اوصانا به اسلافنا القدامى من حكماء القوم ، فلا نتخلى عن العراق ولا العراق يتخلى عنا مهما طال بنا الزمن او قصر، ومهما اوقصينا عمدا او ترغيبا حتى ولو كنا في الاقاصي وفي موقع نصف زمان الكرة الارضية البعيد كما هي حالة استراليا وشيخنا الفاضل يوحنا !!

يبقى تطلع المندائيين لعراق سعيد لكل الشعب بلا استثناء وتبقى استحقاقاتهم رهن تحقيق الحرية والعدل والمساواة وصيرورة دولة المؤسسات القانوينة تُحترم بها حقوق المواطنة التي يجب ان تكون هي وحدها معيار المواطن الصالح والمخلص تحقيقا لشعار الفرد المناسب في المكان المناسب .

كما نلفت عناية المسؤولين واصحاب القرار من رئيس المفوضية العاليا للانتخابات الاستاذ الدكتور حسين الهنداوي ورجال الحكم ورؤساء الاحزاب والكيانات السياسية وعلى رأسهم السيد رئيس جمهورية العراق الاستاذ جلال الطالباني الموقر الى ضرورة اعطاء طائفة الصابئة المندائيين مقعدا واحدا على الاقل في المجلس النيابي العراقي القادم تخصيصا بسبب ظروف الطائفة وانتشارها على طول البلاد وعرضه وعدم وجود كيان سياسي خاص بها ولأنها تمقت الطائفية ككيان سياسي وتفضل عليه الانتماء الى الكيان العراقي الكبير وحده .

يحيا العراق وتحيا وحدة الشعب العراقي


* حقوقي عراقي مقيم في نيوزيلاند

معاني بعض الكلمات الواردة

1 - الدرفش ......... راية النبي يحيى ابن زكريا عليه السلام
2 - الترميذا......... مرتبة دينية من مراتب رجال الدين المندائي