| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عربي الخميسي

 

 

 

الجمعة 19/10/ 2007



هل للاقليات مصلحة في تقسيم العراق ؟


الحقوقي / عربي الخميسي

أثار مشروع السناتور الامريكي جوزف بايدن تقسيم العراق، والذي اقره مجلس الشيوخ الامريكي القاضي بانشاء فيدراليات على اسس طائفية وعرقيه في العراق اهتمام معظم الدول العربيه والعالميه ، ومن الجانب العراقي ، فقد استنكرته الحكومه العراقيه ومعظم القوىالسياسيه العراقيه من احزاب ومنظمات ومؤسسات ورجال السياسه وعلماء الدين ، كما اثار جدلا ساخنا في الساحه الاعلاميه وتناوله الكتاب والمحللون السياسيون والمهتمون بالقضيه العراقيه عرب واجانب كل من موقعه وحسب قناعته ، الا ان نسبة الرفض كانت تشكل الغالبيه من الاصوات تقريبا ، وان اختلفت وجهات النظر بعض الشيئ من واحد الى آخر وبدوافع مختلفه باختلاف المصالح .

من المعلوم ان المكونات الاساسيه للطيف العراقي من الناحيه القوميه ، هم العرب والكرد بضمنهم (الكرد الفيلية) و (الكرد الايزيديين) والتركمان والاشوريين والكلدان والسريان والارمن ، ومن الجهة الدينيه اسلام (سنة وشيعه) ومسيحين وايزيدين وصابئة مندائيين وشبك ، كل هؤلاء المواطنون عاشوا وتعايشوا بعضهم مع البعض الاخر منذ الاف السنين بشكل طبيعي و بمعزل عن وصايه احد ، ولم تعرف في حينها النعرات الطائفيه او القوميه او المذهبيه او المناطقيه كما هي عليه الان و بشكلها المسيس الحالي كسبب للفرقه بينهم ، رغم تواجدهم في ظل سلطات متعاقبه وانظمة حكم مختلفه حكمت العراق على ممر العهود ، وكانت روح الاخوه والتالف والتاخي هي الصفات الطاغيه على العلاقات بين جميع الاطراف وعلى النطاق الشعبي غير الحكومي ، الا ان بعض تلك المكونات كان قد تعرض الى القتل والاضطهاد والتعسف من قبل السلطه السياسيه الحاكمه ايام الحكم الملكي ، كما حدث للكرد والاشورين والايزديين والكرد الفويليين فيما بعد ولغايات بعيده كل البعد عن رغبات ومشاعر الشعب .

وعندما اعلن يوم تاسيس جمهورية العراق الاولى في ثورة 14 / تموز 1958 وكنتيجه لها أي للثوره ، حصل تلاحم اوسع للعلاقات بين جميع مكونات الشعب العراقي عرب وكرد واشور وتركمان وباقي الاقليات ، بسبب الوعي الثقافي الجديد والافكار السياسيه التحرريه والتقدميه التي اتت به الثوره ، وقناعة وايمان الغالبيه العظمى من الجماهير بصدق شعاراتها ومنجزاتها ، التي عمت الجميع وعلى اساس مبدأ المواطنه وسيادة القانون واحقاق الحقوق المشروعه للانسان العراقي .

كانت اطياف الشعب باحسن حالاتها من حيث الوئام والتلاحم حتى مجئ البعث الفاشي للحكم ، حينئذ بدأت حالات التطاحن والاقتتال بين الاخوه العراقيين من ابناء الشعب الواحد ، وكنتيجة لتلك الشعارات القوميه المتطرفه والعنصريه والنعرات الطائفيه والمذهبيه وممارسات حزب البعث الشوفيني وتعاونه مع الاجنبي ، كلها مهدت لأنقلاب 8 شباط الاسود سنة 1963 وغذاها واسس لها فيما بعد نظام حكم البعث البائد ، الذي جاء به الانقلاب الدموي و طوال مدة الحكم الصدامي البغيض ، المبني على اساليب الاكراه والمخادعه والمراوغه والنفاق ، ومنها الانشطه الدينيه ، التي كان يطلق عليها الحمله الايمانيه ، نتج عنها الغلو الطائفي والدعوه لها وتجذيرها وتوظيفها لصالح الحكم الفردي الدكتاتوري التسلطي وديمومته ، على حساب مصلحة الشعب الواحد بكامل اطيافه ومكوناته الاساسيه ، مستندا على استخدام العنف وتشويه صورة الديمقراطيه ومسخ القانون وبذر روح الفرقه والافتراق بين ابناء الشعب العراقي  .

إن مسالة تقسم العراق الى دويلات فيدراليه على اساس طائفي او قومي عنصري اواي شكل من اشكال الانفصال وتحت اية تسميه من المسميات ، لا تخدم اطلاقا جماهير الشعب العراقي عموما والاقليات بشكل خاص ، بسبب عدم امكان توفير الحد الادنى من حقوق الاقليه المتواجده تحت ظل تلك الدوله الفيلدراليه قوميه متطرفه كانت ام طائفيه ، بل من المستحيل تأمين ذلك بالمطلق ، مهما كانت الوعود وحسن النوايا وكلمات الشرف ، ما لم تتوفر امور اساسيه بنظام حكم تلك الدوله ، وعلى رأسها احلال الحكم الديمقراطي وايجاد دولة المؤسسات الدستوريه والقانونيه ، واهمها فصل الدين عن الحكم ، وضمان الحقوق للفرد والجماعه ، في الحريه والعدل والمساواة والعداله الاجتماعيه وباقي الحقوق من منطلق مفهوم مبدأ حق المواطنه
وكنتيجة للاحتلال الامريكي للعراق تفرط العقد الاجتماعي بين مكونات الشعب ، وحلت محله نزعات الخوف والشك وفقدان الثقه والامان والتقاتل والتناحر وغيرها من السلبيات التي افرزت تداعيات شائنه مرفوضه بين ابناء الشعب ، قامت بتغذيتها جهات ظلاميه من داخل العراق ومن خارجه خدمة لمصالحها الذاتيه والانانيه ، حين رفعت خطاب الطائفيه والعنصريه والمناطقيه والدينيه وعملت بتعميقها بين نفوس البسطاء من الناس ، مما ادى الى تزايد روح العداء والقتل على الهويه ، واما بالنسبة الى ابناء الاقليات والمكونات الصغيره فقد تعرضت الى الذبح الى حد الاباده في بعض منها ، والتهجير والاغتصاب والتعذيب والاستلاء على ممتلكاتهم المنقوله وغير المنقوله ، واصبح امرها مرهون باهواء قادة المليشيات وتحت سيادتهم المباشره .

ان تقسيم العراق الى اقاليم ودويلات متفرقه بغير الأسس والثوابت العلميه التي يجب توفرها بالدوله الديمقراطيه الفيلدراليه ، لا يرجى ابدا من هذه الدول رعاية الاقليات وضمان حقوقها السياسيه والاجتماعية والثقافية والدينيه المشروعه اطلاقا ، ولأنها ستشكل اقليه عدديه في كل دوله سوف لن تكن مؤثره وذات صوت مسموع ، وهي ايضا تدرك تماما اي الاقليات ان لا حياة لها بظل حكم طائفي ديني متعصب ، ينظر الى ابنائها نظرة عداء وتعالي وتكبر بدعوى الكفر والالحاد ، وهما معصيه جسيمه من وجهة نظرها تستحق القتل ، وتلك الدول القوميه والعنصريه هي الاخرى التي تتناسى المكونات الصغيره وتتجاهلها وتعتبر ابناءها من الدرجه الثانيه او الثالثه حسب هواها وتتعامل معهم على هذا الاساس .

الاقليات تدرك جيدا ان مصالحها جزء لا تجزأ من مصالح الشعب عموما ، وحيث ان الشعب بمجموعه يعاني من سلبيات وهضم للحقوق ، وعليه لا يمكن ضمان حقوق الاقليات الا من خلال حكم ديمقراطي ودولة حره ذات استقلال سياسي تتمتع بالسياده الكامله ، تفصل الحكم عن الدين ، وذات مؤسسات دستوريه وقانونيه ، يسودها العدل والحريه و يتساوى بها الافراد بالحقوق والواجبات وفق مفهوم حقوق المواطنه الحقه .

ومما مر بنا اعلاه فلا نرى للاقليات اية مصلحه لا من قريب ولا من بعيد بتقسم العراق الى كيانات او دويلات اواقاليم ، مع الاعتراف التام للشعب الكردي بحقوقه المشروعه لتأسيس دولته وفق مبدأ تقرير المصير والاقرار بالامر الواقع .

ت1/ 2007 / استراليا

 


 

Counters