| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عربي الخميسي

 

 

 

الجمعة 14/6/ 2009



كاظم فرهود ابو قاعدة ذلك الشيوعي المناضل يوم عرفته
(2)

عربي الخميسي

وفي اليوم التالي بعد فشل عملية الهروب من معتقل الافضيليه ، جاءت سيارات الشرطه لتنقلنا الى مديرية شرطة السراي بغداد ومنها الى السماوة ومن ثم الى سجن نقرة السلمان ، وتحت حراسة مشددة من قبل عدد كبير من رجال الشرطه والامن ، الا ان حادث هروب ثاني قد مارسه المناضل كاظم فرهود ومعه اثنان من المعتقلين خلال التسفير الى سجن النقره واليكم تفاصيله ...؟

بعد ان وصلنا الى السماوة وكان عدد المسفرين – الخطرين وفق رؤى المسؤولين من السطات الامنية - كان حوالي الثلاثين محتجزا ، أدخلنا مباشرة هناك الى موقف خاص جرى تهيئته خصيصا ، بقينا فيه لمدة حوالي اسبوع ، وفي اليوم المعين حضرت اربعة سيارات نقل كبيرة تابعه للشرطه من نوع ( دوج ) مغطاة بشبكة خاصه من اسلاك حديديه كانت تستعمل آنذاك لنقل السجناء ، فاركبونا داخلها وركِب معنا في كل سيارة ايضا عدد من افراد الشرطه لحراستنا من الداخل ، في حين ركب في صدر كل سيارة مفوض شرطة اضافة الى سائقها ، والقافله باكملها كانت تحت قيادة ضابط شرطه برتبة رئيس ( نقيب ) ، تحركت القافله في الصباح الباكر متجهة صوب سجن نقرة السلمان سالكة طريق السماوه - السلمان الصحراوي غير المبلط ، وبعد مضي حوالي ثلاثة ساعات والنصف في جو عاصف ومترب وكانت الرؤيا محدوده جراء تطاير كثبان الرمل من تحت عجلات السيارات اثناء سيرها ، وصلنا الى مركز شرطة العميد بحوالي الساعه الواحده والنصف من ظهر ذلك اليوم ، وقفت السيارات امام المركز لفتره لغرض اخذ استراحه قصيره وتزويد السيارات بالماء لنفاذه من شدة الحر ، ولم يسمح لنا بالنزول حتى تحركت السيارات ببطئ متخذه طريقها المقرر نحو نقرة السلمان .

وصلنا سجن نقرة السلمان بحوالي الساعه الخامسه عصرا وبحالة تعسه مزرية بحق الانسان وكنا نشعر بالتعب والانهاك الشديدين ، أمرونا بالترجل من السيارات وقاموا باجراء عملية تسليمنا الى ادارة سجن نقرة السلمان وفق القوائم التي كانوا مجهزين بها بقراءة الاسماء واحدا واحدا ،وهنا كانت الصدمة والاحباط الشديدين بالنسبة لهم وفشل أجراءآتهم التعسفيه التي عوملنا بها ، حينما عرفوا ان كاظم فرهود واثنان معه لا وجود لهم ، ولم يكونوا من بين من وصل من المعتقلين بعد قراءة الاسماء وتكرارها مرة ومرتين دون جدوى ..! فثارت ثائرتهم واخذوا يتخبطون يمينا ويسارا ، ولا من جواب من احد متى وكيف هرب هؤلاء المعتقلين الثلاثه ؟..! فاخذوا بالسؤال والاستفسار من افراد الشرطة الذين كانوا جالسين مع المعتقلين داخل السيارات واحدا واحدا ولم يحصلوا على الجواب الشافي .. فاتصلوا تلفونيا بمركز شرطة المعيد والسماوة وقيل لهم ان الهاربين الثلاث كانوا من ضمن المسفرين ، وحينها سقطت بايهم كل احترازاتهم، ولم يتمكنوا من التوصل للكيفية التي تمت بها عملية الهروب الا بعد القيام بغلق ابواب السيارات لغرض التحرك نحو ساحة الوقوف وبها وجد احد السواق ان اسلاك باب سيارته كان قد قطع بمقطع حديدي ( الكاتر ) مما احدث القطع فتحة ، كان بامكان اي فرد الخروج منها والقاء نفسه نحو الارض خلال حركة السيارات وهذا بالضبط ما قد حدث بشكل متقن ومخطط له بامعان ونجاح دون ان يشعر به افراد الشرطه المرافقين . كان الاشخاص الثلاثة هم كل من كاظم فرهود ولبيد عباوي وشخص ثالث لم اتذكر اسمه

وقع هذا الحدث موقع الصاعقه على جهاز الشرطة المحلية وشرطة الباديه والسلطات الامنية لحكومة العراق انذآك ، فقد قامت بانذار قواتها واخرجت الدوريات في كل الاتجاهات من الباديه اعتبارا من مدينة السماوه حتى نقرة السلمان ، وامتدت الى النخيب وبصيه والخضر والرميثه حتى الحدود العراقيه السعودية عند مركز عرعر للتفتيش والسؤال عن اؤلئك الهاربين.

وبعد حوالي الشهر اعيد الى سجن نقرة السلمان ابو قاعدة المناضل الشجاع مع الاسف الشديد على اثر القاء القبض عليه من قبل شرطة الباديه ، وقد شرح لي شخصيا فيما بعد كيف تم القاء القبض عليه صدفة ..

فقال كنت قد اتجهت بعد ان القيت بنفسي من السيارة الى جنوب غربي مدينة السماوه باتجاه الخضر ، حيث اني على معرفة تامه بالمنطقه ، ومكان تواجد العشائر العراقيه فيها ، وقد توجهت صوب عشيرة العيس والبزون غرب الخضر ، وعند وصولي لم اجد في ديارهم فقط النساء وامر بقائي لا يتفق والعرف ، حيث ان رجال القبيله كانوا قد ذهبوا لمقاتلة عشيرة اخرى، مما اضطرني الرجوع صوب السماوه مشيا على الاقدام بمحاذاة الطريق العام ، وعند وصولي منتصف الطريق تقريبا مرت احدى سيارات الشرطه من جانبي صدفة ، ووقفت عندي تسألني عن كاظم فرهود ..؟ وخلال الحديث معهم تعرف علي احد افراد الشرطه من البدو وهو يعرفني عندما كان حارسا لسجن الحلة حيث كنت نزيل هذا السجن سابقا ، واصر على موقفه رغم محاولتي نكران ذلك ، مما حدى بآمره ضابط الشرطه ان يصحبني معهم الى مركز شرطة السماوة ، وهناك جرى التعرف علي وانتهى الموضوع ، وبالمناسبة فان الهاربين الاخرين اتجها شمال السماوة وقد تمكنا من الخلاص وكسبا حريتهما ووصلا بغداد سلمين فيما بعد ..

اعجبني هذا الانسان كثيرا ومما زاد اعحابي بهذه الشخصيه الفريده ، ثقافته الواسعه لمستها عن قرب ، من خلال الحوارات والنقاشات التي كانت تدور بيننا ، فقد كان سريع البديهيه ، ثاقب الفكر ، صائب التقدير ، عيونه تلمع كالبرق في ظلمة الليل ، شفاف الطرح ، على مستوىعال من الثقافه خاصة السياسية منها ، قوي الشخصيه ، لبق اللسان ، قوي الحجه ، شجاع لا يخاف من إبداء رأيه بصراحه ، متفائل بالحياة ، والمستقبل الحر للأنسان العراقي ، نشط الحركة ، موهوب بادارة الممارسات العمليه منها ، اختصاص واطلاع واسع بالفلاحين وقضاياهم المختلفه وامورهم حتى الشخصية منها ، صبور بانتظار لما سيأتيه الغد وهو على استعداد دائم له ، تعلمت منه الشيئ الكثير الكثير الا انني لم ارق ولن ارقى لمستواه الفكري المبدع ، كلمني عن الشعر ، والفن ، واللغه ، واسلوب الكلام ، والحوار والمحاججه ، وخلاصة القول فقد ابهرني هذا الرجل بسعة ثقافته ، وعمق تفكيره فهو قائد بحق وحقيقه ، قائد وممثل لأكبر قطاع من قطاعات الشعب ، قطاع أؤلئك الفلاحين الطيبين البسطاء هذا هو الشيوعي المناضل الصلب من اجل الوطن الحر والشعب السعيد

هذا هو كاظم فرهود ابو فلاح الملقب بابي قاعدة يوم عرفته


حزيران / 2009


¤ كاظم فرهود ابو قاعدة ذلك الشيوعي المناضل يوم عرفته (1)
 
 

free web counter