| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي حسين الخزاعي

6

 

 

الجمعة 9/5/ 2008



الكورد الفيليون وأستحقاقاتهم الوطنية المشروعة

علي حسين الخزاعي

لقد شمل الظلم ابناء شعبنا العراقي كله مع استثناءات وفق مفهوم الطاغية وتصوراته , ( من ليس معي فهو ضدي ) , حيث الامتيازات وشراء الذمم الى درجة انه اصبح كل من أتبعه , حلقة باصبع صدام , وبالتدريج حول الحزب الى افراد خدم لدى اقطاعي ( مدني وليس ريفي ) .
ولد في تكريت في يوم مشؤوم ووترعرع هناك , لايعرف من هو ابيه فاصيب بالكآبة والحقد في نفس الوقت , استغله خاله اللعين ابن اللعين وهو في السادسة عشر من عمره وحرضه على قتل ابن عمه , لأنه شيوعي , فتحقق ذلك عندما اشهر مسدسا بوجه ابن عمه سعدون وأرداه قتيلا ليهرب الى بغداد ويسكن عند خاله المشعول عدوالله طلفاح .
عاش صدام في كنف خاله في منطقة الكرخ وكان الشباب حينها يعطونه مبلغا ليشتري لهم شراب (العرق العراقي) , وفق حديث مع صديق تجاوز عمره الخمسين , التقيته في كوردستان عام / 1985 في قه رداغ , ثم يدس باقي المبلغ في جيبه , وقد علمه اقرانه من الاشقيائية على حمل سكين ليسلب الناس اموالهم في جنح الظلام .
كانت سمات البعث , البحث عن مثل صدام , كشخص يمتاز بالجرءة ويهوى القتل على ابسط شيئ والسرقة متى ما يشاء ... ففي عام / 1959 اشرك مع رفاقه في حزب البعث , في محاولة لاغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم وجراء فشل العملية قتل الغريري زميله في العملية الاجرامية , وجرح صدام , واعتقد ان الرصاصة التي اصابته , خرجت من يد أحد الشيوعيين كونهم كانوا المدافعين الحقيقيين عن الثورة ومكاسبها , تمكن صدام من الهرب الى الشام ومن هناك الى مصر ليتعرف على بوش الاب والذي كان رئيس المخابرات الامريكية عام / 1961 في أجتماع ثلاثي جمعهم مع القائد الفلتة عبدالناصر , حسب مذكرات خالد جمال عبدالماصر .
توالت المؤامرات على ثورة تموز / 1958 وبعد التحالف الرباعي ( الناصري ,البعثي – القومي و الامريكي ) تمكنوا من تحقيق مؤامرتهم في شباط المشؤوم عام / 1963 وبدعم مادي ولوجستي ناصري , امريكي وغربي .
لقد وقف الكورد الفيليين وقفة رجل واحد دفاعا عن الثورة وبأيدي خالية الا من السكاكين والحجارة والمولوتوف , الذي كان يصنع في البيوت , وطالبوا من الزعيم قاسم هاتفين بشعارهم الشهير ( أحنا العامل والفلاح ياكريم انطينا سلاح ) , لم يحقق قاسم رغبتهم ايمانا منه لحقن الدماء واعتقادا بانه سيقضي عليهم بسرعة , فكان ذلك الوبال عليه وعلى الشعب .
لقد تغيرت الامور وانقلب القوميين على البعث , عاد البعث الى الحكم مرة اخرى بانقلاب عسكري , فاصبح صدام السيد النائب ( سبحانه المغير الاحوال ) عاد يحمل معه حقده ضد كل القيم الانسانية , فاقسم على الانتقام , وقبل كل شيئ توجه منذ اوائل السبعينات من القرن الماضي , وقام بتسفير اللألاف من الكورد الفيليين الى ايران بحجة التبعية الايرانية , ولو اخذنا بنظر الاعتبار فان العراق الدولة الوحيدة التي تملك هذه الصفة الاستثنائية والمزدوجة (التبعية الايرانية والتبعية العثمانية– والتبعيتين اجنبيتين في نفس الوقت) ,لقد كانت حجة لصدام , والهدف من ورائه الانتقام من الكورد الذين قاومواالانقلاب الفاشي عام / 1963 , وهذا دليل واضح على ان التسفيركان لهدف سياسي وليس طائفي كونيوجد بين الاكرادالفيليه من الطائفة السنية ايضا , وليسوا فقط من الطائفة الشيعية , فالباجلانيون هم من الطائفة السنية وهم اكراد يقطنون خانقين .
لقد استمر الحقد ذلك , وبان للعيان بعد هجمته الفاشية في ضرب الشيوعيين والديمقراطيين اواخر الثمانينات من القرن الماضي , فحرك بلدوزره الفاشي ضد الكورد الفيليين مرة اخرى , فكانت اكثر فاشية وقساوة في اوائل الثمانينات من تسفيرات فترة السبعينات وعمل على :
* مصادرة جميع الوثائق ( الجنسية العراقية , شهادة الجنسية العراقية – مدون عليها تبعية ايرانية – ودفتر الخدمة العسكرية .... الخ ) .
* مصادرة أملاكهم وأموالهم ومحتويات بيوتهم ومحلاتهم التجارية ومعاملهم وغيرها .
*حجز التجار واعدامهم خلال فترة وجيزة بعد اصدار قرارات الاعدام من قبل مجلس قيادة الثور السيء الصيت المنحل .
* فصل النساء عن الرجال , وحجز كل منهم في قاعة بعيدة لم يسمح لكلا الطرفين باللقاء .
* فصل الاولاد بعمر ما بين ( 14 – 21 ) وحجزهم ثم نقلهم الى جهة مجهولة حيث قارب عددهم ال / 10000 شاب .
* رمي العوائل ( نساء واطفال وشيوخ ) على الحدود العراقية – الايرانية .
روت لي أحدى الاخوات ما جرى لهن في طريقهن الى ايران , حثي قالت :
نزلنا من سيارات نقلتنا الى الحدود العراقية – الايرانية , تجمعنا ولا نعرف شيئا عن المكان ولا الاتجاه , صرخ أحد الضباط فينا........ ( انظروا هناك , هذا هو الحدود , وطريقكم سيكون من هناك دون رجعة , فان عاد أحد منكم او ألتفت الى الوراء سوف نرميه بهذا السلاح , انكم تعودون الى بلادكم الفارسي) , أضافت ( كان الخوف يدب في قلوبنا وارجلنا اصبحت لاتطيق حمل اجسادنا من الخوف , كان الوقت يجنح نحو الظلام وبعد مسير لانعرف كم استغرق , انفجرلغم وسمعنا صراخ طفل وأمرءة تقول ان امها قد قتلت , لم نعرف ماذا يمكن فعله , اخذنا الحيطة والحذر لكننا لم نعرف اين اللغم المزروع لتلافيه , سرنا الليل بطوله واليوم الثاني مع استراحات بسيطة وعندما اصبح وقت الغروب اتفقنا ان ننام الليل , كان معي زوجي وثلاث اطفال اعمارهم بين العاشرة والثالثة , احتار زوجي ما بين مساعدتنا او حمل والدته العجوز التي لاتحتمل المسير في الظرف الطبيعي فكيف مثل هذا الحال الذي نحن عليه , كذلك شقيقه الاكبر المقعد , حيث كان يحمل والدته لمسافة 50 مترا ليعود لحمل شقيقه لنفس المسافة وهكذا دواليك , جاءت قوة مسلحة بلباس مدني وهم ايرانيون , اعتدوا علينا واخذوا ما تبقى لنا وقد رأيت أحدهم يهدد أمرءة وهي زوجت الرجل المقعد , بقطع اصبعها ان لم تخلع الحلقة من اصبعها .
في ايران اخذ الايرانيون ينادوننا ب ( عربا ) يعني انكم عرب , وفي العراق يصنفنا البعثيين على الايرانيين , وللتصنيف وقفت عجوز على الحدود وهي تنادي ( ولدت في العراق وهم يعتبروني ايرانية وفي ايران يعتبروني عربية , ترى ما العمل ,,, ؟ سأرفع راية هنا واجعل منها وطني الذي لايمكن ان يكون بديلاعن بغداد الحبيبة , ففي هذه الارض ولدت واحب ان اموت عليها وادفن فيها , هذه الحادثة وقعت قبل العبور الى الاراضي الايرانية ) .
في العراق بعد ان تم حجز الاولاد اجريت عليهم انواع التجارب المختبرية لمعرفة قوة هذه المادة الكيمياوية او تلك , واكتشاف مدى القوة التي تمتلكها لقتل اكبر عدد من الناس , واجراء حساب الفترة الزمنية التي تستغرق لقتلهم , فكانوا هؤلاء الابرياء ضحايا تلك المختبرات البعثية الفاشية , تلك المواد استعملها في قصفه لمدينة حلبجة الشهيدة ومناطق بازيان وبهدنان , وقد وصلتنا معلومات عندما كنا في حركة الانصار التابعة للحزب الشيوعي العراقي في كوردستان , ان تلك المختبرات تقع في منطقة المدائن .
بعد سقوط النظام المقبور , فرحت العوائل المنكوبة , متأملة في الحصول على خبر عن اماكن تواجدهم , او لنقل رفاتهم الى مقابر النجف الاشرف , لكن الامال تبخرت , فلا معرفة عن مصيرهم ولا مكان لرفاتهم , فقد تمكن البعض القليل من العثور على العظام المتبقية من اجسادهم الطاهرة في المقابر الجماعية وخاصة في مقبرة السكران الجماعية التي لم اسمع عنها سابقا .
الحكومات العراقية لم تحرك ساكنا رغم معرفتها الجيدة عن مدى الجرائم التي أرتكبت بحق الكورد الفيلية وبشكل كامل , ليس فقط في ممتلكاتهم بل في حرمانهم من فلذات اكبادهم , والمطلوب اتخاذ كافة الاجراءات الكفيلة لتحقيق الحق واعطاءه لذويه , ليس من الكور الفيلية فحسب , بل من العرب الذين تم تهجيرهم بحجة التبعية , هنا نطالب الحكومة العراقية , الاخذ بهذه القضية محمل الجد وتنفيذ ما يمكن تنفيذه واعطاء الحق لذويه من الكورد الفيليين .
لقد عانى الكورد الفيليين في ايران الويلات وحرموا من ابسط وسائل العيش والعمل والوظيفة ولا يزال العديد من العوائل يعيشون في مخيمات تفتقر الى ابسط متطلبات الحيات اليومية , المعيشية والثقافية , مما اضطر الكثير منهم السفر الى اوروبا وخاصة الدول الاسكندنافية , حيث يخرج اليوم العشرات منهم مطالبين في اعتصامات سلمية الحكومة العراقية , باعادت رد الاعتبار لهم ومنحهم الجنسية العراقية , خالية من تبعية ايرانية او عثمانية والكشف عن مصير ابنائهم واعادت ممتلكاتهم التي اغتصبها البعثيين المجرمين .
الكورد الفيليين اليوم لهم اكثر من 20 حزب وجمعية واتحاد والذي يجمعهم هو عامل مشترك واحد وهدف نبيل , لكن خلافهم على المناصب والمسؤولية والادعاء بأنه الأحق بتمثيل الكورد ,هو من جعل في تكوين هذا العدد من الكيانات , وآخر تقليعة هو تاسيس البرلمان الكوردي الفيلي والذي يحمل برنامج ونظام داخلي لايختلف عن اية تشكيلة حزبية , وكأن في العراق حزبين او ثلاثة احزاب ليكون هو رقما آخر يزيد الطين بلة , ولكون ان مطالبهم يمكن ان تتحقق في حالة تفهمها , وهي ليست بمطاليب استراتيجية , فهي تحتاج الى : -
اولا : وجود نظام وطني ديمقراطي يعتمد مبدأ حقوق الانسان ليشرع القوانين المرعية لتنفيذ كل ما يترتب عليه من حقوق لهم , بعد الخلاص من البيروقراطية وسياسة المحاصصة الطائفية .
ثانيا : الكورد الفيليه ليسوا بحاجة الى تأسيس حزب , على اساس مهام وأهداف استراتيجية .
أن الانتماء الى احزاب سياسية أمر مشروع ولكن تأسيس هذا العدد من التجمعات الحزبية أعتمادا على المصالح الشخصية والفئوية الضيقة لايخدم بأي شكل من الاشكال قضية الكورد الفيليين .
الكورد الفيليين اصبحوا اليوم جراء تلك المواقف ورقة رابحة بيد هذا الحزب القومي او ذلك الحزب الطائفي , وكل ما يترتب عليه هو الاستفادة من اصواتهم الانتخابية , وما حصل خلال الفترة الماضية خير دليل , ترى ماذا تحقق للكورد الفيلية جراء الانقسامات تلك ؟ وما قدمته تلك الاحزاب التي تشبثت بها جماعات من الكورد الفيليين بعد الانتخابات ؟
ترى في مثل هذه الانقسامات , هل يحقق هؤلاء مطاليب الاكراد الفيلية , ام انها حالة تشرذم اخرى وتشتيت للجهود , المفروض توحيد الجهود وصبها في أطار واحد سليم يحقق المطاليب الشرعية للكورد الفيليين .
 

Counters