علي حسين الخزاعي

 

مجلــس الشــيوخ الأمريكــي والنهـج التخريبـي
 

علـي حســـين الخـزاعــي

غـدا الـواقـع السـياسـي فـي العـراق أكـثر تعقيـدا خـاصــة مـن خـلال التـدخـل السـافـر والمبـاشــر لمجلــس الشــيوخ الأمريكـي وقـرارهـم فـي تقســيم العـراق عـلى أسـاس قـومـي ضـيق وطـائفـي مقيــت ومعـادي لمصـالـح الشـعب والوطن, هـذا القـرار الـذي أنطلـق بحجـة معـالجـة الـوضـع السـياسـي فـي العراق ووقـف حـالـة التـدهـور متنـاســين أن ذلـك ســيؤدي الى تفـاقـم الأمـور أكثـر وطمــس حـق الشـعب العـراقي فـي الحيـاة الحـرة الكـريمـة , وأن التقســيم علـى أسـاس قــومــــي ضـيق و طـائفـي مقيــت لا يخـدم سـوى المصـالـح الحـزبيـة الضـيقـة وهـذا يـؤدي الى أضـعاف العـراق شـعبا ووطنـا وهـو ضـمن المخـطط الأمريكي لتحويل العـراق الى منـاطـق نفـوذ صغيـره يمكـن السـيطرة عليهـا بشـكل أفضـل .
أن هـذا التـوجـه أصـبح لـه بعـدا وتأثيـرا واضـحا فـي السـياسـة الأمريكيـة حيث مـن غيـر المســتبعـد أن لا يكـون للبيـت الأبيض يد في تلـك القضـية رغم صرخات بـوش ووزيرة الخـارجية ورفضـهم للقـرار ألا أن الحـزبيـن المتنافســين يلعبــــــون نفـس اللعبـة ومـا يجـري هـو تنافــس انتخـابي يكـون الشـعب العـراقي فيـه الضحية وكبـــش الفـــــــــــــداء .
لقـد أضحـى الـواقـع بعـدم أي تغييـر فـي اتجـاهات السـياسـة الأمريكيـة ونهجهـم التكتيكـي وعـدم أمكانيـة أدارة الصـراع بمـا يخـدم الشـعب العـراقي وكـل همهـم أبعـاد شــر الارهـاب عـن بـلدهـم واســتمرار جعـل العـراق سـاحـة حـرب ومواجهـة وتصـفيـة حسـابات مـع أعـدائهـم , تـرى مـن المســؤول عن هذا التمادي علـى شعبنا ووطننـا الحبيـب ؟
لقـد طفـح الكيـل أيهـا السـادة !
ووصـل الأمـر حـد الاختنـاق , فـلا بـد مـن اتخـاذ المـوقـف السـليـم ومـراجعـة الـذات واعتمـاد النظـرة المـوضـوعيـة والنقـديـة لكـل السـياسـات التـي دارت فـــــي رحـاب السـاحـة العـراقيـة , فالعـراق لا يقبـل القســمة علـى أثنيـن ولا يمكـن للشـعب أن يقبـل علـى هـذا النهـج المعـادي لمصـالحـه وقـد حـان الـوقـت لـوضــع حــــــــــد للتـدخـلات الأجنبيـة المبـاشــرة وغيـر المبـاشــرة فليــس مـن حـق أي جهـة تحــديـد  شــكل الـدولـة ومســتقبلـه علمـا أن الـدســتور العـراقي الـدائـم والنـافـذ قـــد حــــــدد شــكل الـدولـة الـوطنيـة الـديمقـراطيـة الفيـدراليـة التعـدديـة المـوحـدة وهـو يـرفـض رفضـا قـاطعـا أي شـكل مـن أشـكال التقســيم .
لقـد حـان الـوقـت لأعـادت النظـر فـي كـل شــيء وأجـراء مـراجعـة نقـديـة وصـريحـة وديمقـراطيـة لكـل السـياسـات وخـاصـة مـن قبـل الأطـراف المشـاركـة فـي العمليـة السـياسـية والأخـذ بنظـر الاعتبـار عدم التعـويل على العـامل الخارجي وكذلـك المعـالجـة الصحيحـة للقضـايا السـياسـية وتقـرير شـؤون الـوطـن مـن قبـل العـراقييـن المخلصـين ووضـع مسـيرة العمـل السـياسـي علـى الســكة الصحيحـة , وهـذا يتطـلب عـن حـق أهميـة فتـح الحـوار بـدون قيـد أو شـرط علـى أن يشـمل كـل القـوى الخيـرة والمخلصـة الرافضـة للأرهـاب والميليشــيات شـرط اعتمـاد الممارســات الديمقـراطيـة وحـل المشـاكـل والقضـايا العقـديـة وتفعيـل المصـالحـة الـوطنيـة مـن دون اقصـاء أو تهميــش لمـن يـرغـب فـي بنـاء البـلد وأعـادت أعمـاره وأســتقراره .
أن هـذا العمـل الجبـار يتطـلب جهـدا مضـاعفـا فـي سـبيـل خـلاص الـوطـن مـن الحـالـة المـزريـة وهـذا يتطلـب اتخـاذ وتنفيـذ حـزمـة مـن الاجـراءات السـياسـية والثقـافيـة والاقتصـاديـة والمعيشـيـة الى جـانب تطهيـر أجهـزة الـدولـة الأمنيـة والعســكريـة واطـلاق الحـريـات العـامـة والـديمقـراطيـة وتفعيـل المشـاركـة الشـعبيـة فـي ذلـك ممـا يـؤدي الى قطـع دابـر كـل القـوى المعـاديـة لقضـــــــايـا  شــعبنـا الحـاضـرة والمســتقبليـة .
أن علـى القـوى المخلصـة لشـعبنـا والطمـوحـة للحفـاظ علـى وحـدة الـوطـن وتحقيـق اسـتقلالـه النـاجـز دراسـة المشـاريـع التـي طـرحـت مـن قبـل بعـــــــــض القـوى السـياسـية وخـاصـة المشـروع الـوطنـي الـديمقـراطـي الـذي طـرحــــــــــه الحــزب الشــيوعـي العــراقــي والـذي يحمـل بيـن صـفحـاته المشــرقـة مفتــــاح حـــــل القضـيـة العــراقيــــة لأنـه يمثـل مصـالـح كـل أطيـاف الشـعب العـراقـي الكـادح ويحقـق آمـال كـل الشـرفـاء بغــض النظـر عـن انتمـائهـم السـياسـي والقـومـي أو الـدينـي والمـذهبـي وهـو الـذي يفتـح الأفـاق الـرحبـة فـي الحـياة الحـرة الكـريمـة .
أن الحـوار الأخـوي الحـر والـديمقـراطـي أســاس لخـلاص شـعبنـا مـن التـآمـر والتقـســيم ويحــقق الســبل الكفيـلة لخـلاص شـعبنـا مـن ظـلام اللـيــل , فهــــــــــل مـن يخـطــو خطــوة نحـو الآخـر للمســاعـدة فـي خـلاص الشـعب الكـادح الـذي عـانـى مـن الـزمـن الغـابـر الكثيــــر .

أوائـل أكـتوبر 2007