| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي حسين الخزاعي

6

 

 

الأربعاء 2/7/ 2008



تموز لازال في الضمير

علي حسين الخزاعي

كلما يمر شهر تموز ويومه الرابع عشر اتذكر ذلك اليوم الجميل من طفولتي , اتذكر يوم عدت من السوق حاملا معي اربعة عشر صمونا ( نوع من الرغيف ) كنت اقتنيتها صباح ذلك اليوم كما كانت العادة في كل يوم , وكان الاهل نياما في سطح الدار الا والدتي التي كانت تهيء فطور الصباح .
كانت ايام الجمعة من كل اسبوع افضل الايام واجملها بسبب لقاء العائلة مع الوالد الكادح الذي عادة كان يفيق الصباح الباكر ليذهب الى محل العمل ويعود في ساعات متأخرة مما يؤدي ذلك الى صعوبة اللقاء به , لذلك كانت الفرحة بلقائنا به ايام الجمع .
توجهت الى السطح وكان مكان نوم خالي الذي كان يعيش معنا خاليا , تعجبت ونزلت الى الاسفل لأسئل والدتي عنه دخل من الباب الرئيسية صارخا , انهضوا ايها التنابلة , لقد انتصر الشعب في ثورته على النظام الملكي العميل , هيا اسمعوا الاذاعة , نهض والدي بوجهه الباسم القرمزي ثم وقف عند الراديو ليسمع الخبر وسأل خالي من هم الثوار , اجابه ... انهم ابطال من ابناء الشعب وسبق لي ان قلت لك ان هناك جبهة قد تشكلت وبالتنسيق مع الضباط الاحرار انتصرت الثورة ولا رجعة للعملاء فهم قد رحلوا الى مزبلة التاريخ .
كان والدي رجلا اميا لايعرف القراءة والكتابة ولم يكن له اي انتماء حزبي لكنه كان يلتقي بالمناضلين بواسطة خالي المنتمي الى الحزب الشيوعي العراقي , قال والدي عليكم باليقضة من اعداء الشعب , قالها , بطريقته البسيطة .
طلبت من والدي التوجه الى الشوارع حيث كنت قد اكملت الثامنة من عمري في الاول من تموز واصبح عمري التاسعة , رفض والدي الخروج فقال خالي , يمكنك مرافقتي ان اردت , سألت والدي فكان جوابه الموافقة , ثم قال انك لاتختلف عن خالك اذهب قبل أن أغير رأي .
كانت الشوارع مزدحمة جدا , ألتقيت اصدقاء خالي وعرفت بعضهم من الذين كانوا يحضرون الى محل والدي ويلتقون بخالي ويتحدثون بصوت لايسمعهم الشيطان , أتذكر منهم , الشهيد نصرالدين والصحفي عبدالوهاب وجبار كوردي وكيم دعبولة , لم اكن اعرف ما يدور من حديث بينهم , لكن خالي كان بين فترة واخرى يتحدث عن العمال وظروف عملهم والبؤس الذي يعانون منه , وعن الاستعمار وكان شديد الكره لنوري السعيد وعبد اٍله وبعد الثورة كان يلعن جمال عبدالناصر ويكن له الحقد بسبب مشاركته في التآمر ضد شعبنا وثورتنا , لم اكن افهم الكثير منه , لكنه زرع شيئا في عقلي ووجداني , توجهنا الى شارع الكفاح المزدحم بالمئات من الناس شبانا ونساء الى جانب العشرات من الاطفال ثم توجهنا الى القصر الملكي ( قصر الرحاب ) ورأينا البعض الذي يحمل على كتفه اكياس مليئة من الحاجيات وقسم يحملون الكراسي الذهبية اللون او الملابس الثرية , سألت خالي : من هؤلاء وما يحملون ؟ قال هذه المسألة تحدث في ظروف التغييرات الثورية في كل ارجاء العالم , هناك من يعتقد ان تصرفه يدل على الانتقام من النظام .
لكنه اضاف ليتهم لم يفعلوا لكان بالامكان ان نحول القصر الى متحف يفيد تاريخ العراق في المستقبل ويذكرنا بمآسيهم , لم يكن يعلم ان هذا القصر سيحوله البعثيون والقوميون الى معتقل يتم فيه ابادة الانسان وتصفيته اثر التعذيب الوحشي بعد ان تقاسموا الادوار بينهم ( القومجية العرب والبعثيين الاشرار ) بالاتفاق مع قادة الامة العربية وفي المقدمة منهم القائد الفذ جمال عبدالناصر مع الامريكان وبقايا الاقطاعيين وتمرير مؤامراتهم عبر الحدود العراقية السورية وبعلم الحكومة السورية آنذاك , ودعم كامل من حلف الناتو واصحاب الشركات العالمية النفطية .
لقد تآمروا جميعا ضد ثورة الشعب وتمكنوا من القيام بانقلابهم الفاشي في 8 / شباط الاسود / 1973 , ومن القضاء على مكاسب الشعب واعدام ابناءه من قادة ثورة تموز الباسلة من دون محاكم , لقد رأيت بأم عيني الشهداء عبدالكريم قاسم والمهداوي الى جانب رفاقهم على شاشة التلفزيون العراقية ليقف جنديا ارعنا وهو يمسك برأس القائد الشهيد عبد الكريم قاسم , لقد كان منظرا مروعا ابكى كل ابناء الشعب الذين خسروا أشرف انسان  .
اليوم وبعد مرور نصف قرن على تلك الثورة الشعبية , وبعد النهاية الظالمة التي اقدمت عليه قوى الظلام الفاشي , بقي للثورة ملامحها الاصيلة والتي تكمن في :

1 – نزاهة الثوارمن قادة ثورة الرابع عشر من تموز المجيدة / 1958 , وبُعد ارواحهم الطاهرة عن الملذات والاهواء الشخصية .
2 – عمق العلاقة بين الثورة وابناء الشعب , والدليل بقاء نقاوة تلك الثورة وقادتها الابطال .
3 – تأثير الانجازات التي تحققت لقوى الشعب العاملة على قلوب الناس ولغاية اليوم .
4 – انتصار الثورة دون تخطيط خارجي , بل بارادة وطنية جماهيرية ومساندة لقوى الشعب الوطنية للجيش العراقي الغاضب ضد الاستعمار والنظام الملكي العميل .

المقترحات :
أ – تكريم قادة الثورة ورد اعتبار رسمي باعتبارهم شهداء للشعب والوطن .
ب – اقامة متحف لقادة الثورة الابرار الذين استشهدوا على ايدي جلاوزة انقلاب الثامن من شباط / 1963 .
ج – تغيير اسم مدينة الثورة الى [ مدينة الشهيد عبدالكريم قاسم ] كونه الاولى والاكثر استحقاق بهذا الاسم الجليل .
تغيير اسماء شوارع ونصب تماثيل لكل شهداء الشعب عام / 1963 وخاصة قادة الثورة عام / 1958 .
د – احتساب رواتب تقاعدية لأبطال ثورة الرابع عشر من تموز / 1958 .
مجدا لثورة الشعب , ثورة تموز / 1958
مجدا لشهدائه الابطال
مجدا للمدافعين عنها والشهداء من اجل الشعب

 

free web counter