| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي حسين الخزاعي

6

 

 

 

السبت 28/7/ 2007

 

 


من يقف وراء الإرهاب


محمد علي محيي الدين

للإرهاب حواضن كثيرة،لا يمكن استيعابها في مقال واحد،لذلك سنقتصر على ذكر الحاضن الأكبر للإرهاب متمثلا بوزارة المالية ،ذات السطوة الأسطورية على الحكومة العراقية،ومجلس النواب الضعيف الهش بمواجهة السيد الوزير،الذي يستمد قوته على ما يظهر من قوى ليس بإمكان المجلس مواجهتها أو الوقوف في وجهها،لذلك أخذ المجلس بالتصاغر والتضاؤل أمام قوة السيد الوزير،الذي يستطيع كما يبدوا قطع أعناق وأرزاق السادة النواب،أو عدم أقرار مخصصاتهم،وقطع الإمدادات المالية عنهم،أو لمعرفته بحقيقتهم،وقدرتهم على المواجهة في الأزمات.
وقد يستغرب البعض من هذا الطرح،ويعده من المبالغات ،أو جنوح الخيال أو الافتراء على السيد الوزير والسادة أعضاء المجلس النيابي الموقرين،ولكني سأورد من الأدلة الواضحة والأسانيد الراجحة،ما يجعل لأرائي محلها من القبول،ونبدأ أولا برواتب المتقاعدين،فقد شرعت الجمعية الوطنية السابقة،قانون التقاعد الموحد سنة 2004،على أن يجري العمل به مطلع عام 2005،ولكن أمام إصرار وزير المالية،على عدم تنفيذ القانون،والعمل بموجبه،أرضاء لصندوق النقد الدولي،ولافتقار الميزانية العراقية الى الأموال اللازمة لإشباع نهم المتقاعدين،بسبب التهام أموال العراق من قبل الفاسدين،أخذ القانون بالدوران في حلقة مفرغة،لو أردت بيان ملابساتها،لتحول راسي من سواده الفاحم الى بياض،وها هي السنة2007 على وشك النفاذ والقانون لا زال حبيس الأدراج الكثيرة،فإذا خرج من أدراج الوزارة الجليلة،تلقفه مجلس الوزراء،لدراسته وإقراره لينام في الغرف المكيفة شهورا وشهور،وبعد النخل والغربلة ،يرسله الى مجلس النواب الذي لا يكتمل نصابه الا في البيت الحرام عندما يذهب أعضاءه لأداء فريضة الحج،ويدور في المجلس بين لجانه الاسمية،التي لا توجد الا على الورق لغياب الأعضاء المستمر،ليدخل جدول أعمال المجلس وتتم مناقشته بجلسة علنية تنقلها وسائل الأعلام المنظورة والمقهورة والمطمورة،ليتبارى السادة الخطباء في التباكي على شعبهم المظلوم ،وإخوانهم المتقاعدين المساكين الذين لا تكفي رواتبهم الشهرية لإعالة كلب من الكلاب البوليسية التي تزدحم بها المنطقة الخضراء،ولا توازي مخصصات المجالس الرئاسية،التي تكفي رواتب لمتقاعدي العالم مجتمعين،،وترى الأصوات تتعالى والأنفاس تتحشرج،والأوداج تنتفخ،وكل يحاول الظهور أمام الشعب بمظهر الغيور الحريص على مصالحه،ليعاد القانون مجددا الى مجلس الوزراء،الذي يعيده الى المالية لترى رأيها في تعديله،فتقوم المالية مشكورة بزيادة الطين بله،وتتراجع عن كل ما هو مفيد في القانون السابق،لتضيف عقبات جديدة،ثم يرسل الى مجلس الوزراء،ويعاد لمجلس النواب مجددا،لتعود "القوانة المشخوطة" فترى دموع التماسيح من السادة أعضاء مجلس النواب تنهمر غزيرة دافئة،على خدودهم الوردية،يتباكون على هذه الشريحة المظلومة،إذا قيست رواتبها برواتب الحماية الاجتماعية،أو رواتب المنظفين في....،أو تقاعد السادة الأعضاء الذي يزيد على(13) مليون دينار شهريا،فيما يصر ممثل السيد وزير المالية على أبقاء القانون كما أرادت وزارة المالية الحريصة على أموال الشعب العراقي،لأن ذهابها الى بطون المتقاعدين،سيؤدي الى حدوث اختناقات مرورية في البنية الاجتماعية العراقية،ويؤدي للتنافر الطبقي بين أبناء الشعب،ولا أدري أين حرص المالية على أموال العراق التي نهبها الفاسدين من الحكام الجدد،حيث زاد الفساد المالي خلال هذه السنوات بنسب عالية تقدر بعشرات المليارات من الدولارات الحمراء،وهيمن نفر ضال على مقدرات العراق الاقتصادية والمالية،وأمام إصرار ممثلي الشعب على زيادة رواتب المتقاعدين،أعيد مرة أخرى الى وزارة المالية لتعديله،لينام الى يوم يبعثون، بين الأحضان الدافئة لأساتذة الدجل القانوني،ويغط في سبات عميق،ربما لا يستفيق منه الا بعد تغيير الوزارة،ومجيء وزير جديد،لتعود حليمة الى عادتها القديمة،و"على هالرنة طحينج ناعم" ،حتى يموت آخر المتقاعدين،وبذلك تتخلص الحكومة العراقية الديمقراطية الفيدرالية التقدمية العظمى،من من بقايا النظام البائد،الذين يشكلون عبئا على كاهل الحكومة التي لا تجد طريقة للخلاص منهم الا بقتلهم جوعا وهما وقهرا،ليذهبوا الى جنان الخلد مع المظلومين والبائسين وضحايا الاستبداد الأسود لوزارة المالية.
أما الشريحة الثانية،فهم الجيش المنحل،الذي شاءت أرادة من لا راد لمشيئته،أن يكون راتبهم الشهري(بالجملة) بغض النظر عن الرتبة والخدمة(75)إلف دينار شهريا ،أي ما يساوي خمسون دولار،نعم خمسة وسبعون ألف دينار بالتمام والكمال،وتدفع بوجبات تعلن في وسائل الأعلام وللقارئ أن يتصور كيف يستطيع هؤلاء المنحلون العيش بهذا المبلغ الطائل إذا كان أجر المولدة الكهربائية الشهري30 ألف دينار،وسعر أسطوانة الغاز عشرين ألف دينار وسعر لتر البنزين ألفي دينار،ولهم تصور الرفاهية التي يعيش بها هؤلاء الخونة الذين شاركوا النظام السابق بقمع الشعب العراقي،ولكن ..هل يتصور من خصص هذا المبلغ الطائل،كيف يعيش هؤلاء وسط هذا الغلاء،والارتفاع الجنوني للأسعار،وجميع هؤلاء من أصحاب العوائل ،فإذا كانوا هم منحلون،فما ذنب عوائلهم غير المنحلة،وهل يكفي هذا المبلغ لمصاريف العائلة العراقية أكثر من خمسة أيام،مهما اقتصدت في مصروفاتها،واستغنت عن الضروريات،ومع أني لست من المنحلين ولا المحللين،الا أني أأسوا لحالهم أجمعين،وأشعر شعورهم،وأعيش مأساتهم،وادعو لهم في قيامي ومنامي أن يخلصهم ممن ظلمهم ولو كان في الصين،فقد قيل أن الدعاء يقبل،أما من حرة طاهرة،أو فاسدة عاهرة،ولابد أن أكون من هذين،فيقبل دعائي ويستجاب رجائي،ويعود الأمن والرخاء للعراقيين المنحلين وغير المنحلين،بعد التخلص من المالية والماليين،الحريصين على أموال الشعب العراقي المسكين،ليحفظوها لأحفاده القادمين،بعد موت المتقاعدين والناس أجمعين،ويبقون هم مع من أتبعهم بإحسان خالدين.
ولعل البعض يتساءل عن علاقة المتقاعدين والمنحلين،بالإرهاب والإرهابيين،ولتبسيط الأمر فأن أكثر هؤلاء من القوات المسلحة العراقية التي قيض لها سوء الطالع أن تكون مدار اهتمام الحكومة الحالية في تضييق رزقهم ومحاربتهم في لقمة العيش،فإلى أين يتوجه هؤلاء،وقد سدت في وجوههم كل أبواب الرزق،فالبطالة القاتلة في العراق، تجعل من المستحيل الحصول على عمل يقي غائلة الجوع،والعراق هذه الأيام يعتمد في استيراد احتياجاته من خارج العراق،ابتداءا من السيارة وصولا الى الإبرة،وقد أغلقت المصانع والمعامل الحكومية والأهلية،ولم يتبقى غير التجارة التي تحتاج الى رؤوس أموال ،لا تتوفر لدي الكثيرين باستثناء أبطال الحواسم،الذين هيمنوا على مقدرات الاقتصاد العراقي،وسلطاته الثلاث،ومدوا شبكاتهم الأخطبوطية في كل مناحي الحياة،فليس أمام هؤلاء الا الارتماء في أحضان الإرهابيين والجماعات المسلحة،وتنفيذ العمليات المطلوبة منهم،مقابل الحصول على ما يقيهم غائلة الفقر،والدليل أن أكثر المعتقلين بتهمة القيام بأعمال مسلحة،هم من العناصر الأمنية والعسكرية السابقة،التي سدت أبواب الرزق بوجهها،فاضطرت بسبب العوز أو التضرر من التغيير الجديد التحول للخندق الثاني المعادي للحكومة،بسبب الإهمال والزراية التي عومل بها الجيش المنحل وغير المنحل،في تصور باهت بأنه خلف القمع ألصدامي،ناسين أو متناسين،أن الجهة العسكرية جهة تنفيذية،لا علاقة لها بسياسة السلطة القائمة،سواء كانت شرعية أو غير شرعية،وعليها تنفيذ الأوامر دون مناقشة،وهذا ما عليه كل جيوش العالم،فهل الجيش الأمريكي مخير باحتلال العراق،وهل ترتضي الحكومة الحالية لقواتها المسلحة التهاون في تنفيذ أوامرها،بمهاجمة أوكار الإرهاب والجريمة المنظمة،ومن يحاولون انتهاك القانون.
أن النظر للأمور بعين حولاء أو واحدة،أدى الى استفحال العنف في العراق ووفر له الكثير من الحواضن،فالبطالة وتفاوت الرواتب والفساد المالي،والمحسوبية والمنسوبية، والتمييز الاجتماعي والطبقي والطائفي،واعتماد الخصوصيات في التعامل مع المواطنين،اقتداء بالنظام السابق في تمييز البعثيين عن سواهم،وهو ما طبقته الحكومة العراقية بعنفوان أكبر،كل ذلك من حواضن الإرهاب التي يتوجب على الدولة أيجاد الحلول الناجعة لها،وتجفيف منابعها باجتناب التمييز بين المواطن للانتماء الديني والقومي والطائفي والسياسي،خوفا من الامتدادات الخطيرة،وما سيئول إليه الأمر مستقبلا في العراق.