| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي حسين الخزاعي

6

 

 

الأحد 25/5/ 2008



مآسينا لم تأتي بعد .............. !

علي حسين الخزاعي

ما يمكن الحديث عنه ليس بالأمر البسيط وما يطرح وطرح سابقا فهو قليل خاصة من خلال الاوضاع الظاهرة , والمتشعبة والمعقدة , والمخفي الله اعلم كيف يكون .
لقد تأكد للعالم ما للمخاطر المحدقة بالبشرية نتيجة تلوث البيئة , والناتج من جراء تطور الصناعة وآلات التصنيع دون اي مراعات لحياة الانسان , وقد اكدت مؤتمرات البيئة الدولية على تلك المخاطر وكشفت عن اسبابها وحملت الدول الصناعية الرأسمالية وفي المقدمة منها الولايات المتحدة الامريكية مسؤولية ما آلت اليه الاحوال البيئية في العالم .
في كل العالم , تتوجه الانظار لدى المختصين عندما يريدون بناء مدينة حديثة , يضعون في المقام الاول صحة الانسان , من خلال تاسيس القابلوات الخاصة بالمجاري وتأسيسات الكهربائيات والماء الى ذلك من الامور , والاهم تشجير الارض وبناء الحدائق والمنتزهات وشتل الازهار والاهتمام بخضار الارض , كل ذلك يعود بالفائدة على الانسان في مجالات الصحة والراحة النفسية وقضاء اوقات الفراغ .
ترى ماذا قدمت الانظمة العراقية المتعاقبة لشعبنا ووطننا الحبيب ؟
أمر بديهي أن التوترات السياسية لها تأثير كبير على أمزجة الناس , فعملية خنق الحريات الديمقراطية وتغليب المصالح الحزبية الضيقة تخلق ما لايحمد عقباه , وهذا الاسلوب القمعي السلطوي يؤدي الى توتير الاجواء والاعتقالات والى زيادة البطالة , وهي بالنتيجة تنعكس بشكل او آخر على الاجواء النفسية مما يؤدي بالانسان الى حالات الكآبة وعدم الاهتمام بالنفس فكيف يعد بنفسه للأهتمام بالطبيعة الخلاقة .
مازاد ذلك في الطين بلة هي الحروب الطاحنة في بلادي , وزج ابناء الشعب في اتون الحروب التي ابتلعت مئات الالاف من الشبيبة القادرة على العمل اضف الى ذلك ما عشناه في كوردستان ورأينا بأم اعيننا الحرائق التي نشبت في الغابات الكثيفة , وماذا أكثر , لنبحث الامر على الاساس البيئي وتاثيرات تلك العمليات العسكرية على حياة الناس والبيئة :
الواقع لايمكن الفرز بين مايجري على الساحة السياسية وقضايا البيئة بسبب الاوضاع الاستثنائية والسياسةالهمجيمة للنظام الدكتاتوري السابق , فهناك تأثيرات متبادلة لامرد منها .
كانت المدفعية تقذف عشراة الاطنان من القذائف وتسقط على القرى والمنطق الجبلية وكانت نتائجها قتل وجرح اعداد من الابرياء والى قتل العديد من الثروة الحيوانية , وهذا العمل ادى هجرة العوائل والى هروب الحيوانات البرية أيضا , حيث لم يعاد نرى اي من الحيوانات في المناطق الجبلية , وقد هاجرة باتجاه ايران وتركيا .
المصيبة ان النظام مارس سياسة ( الارض المحروقة ) , حيث تم اعدام الملايين من نخيل العراق وجفف الاهوار وقلع كل الاشجار من جذورها , حيث اليوم يعيش ابناء شعبنا في ظروف بيئية معقدة خاصة فترة الصيف حيث تصل الحرارة الى درجة اكثر من ( 50 ) درجة مئوية واحيانا ال ( 58 ) درجة مؤية والسبب يعود الى حالة التصحر الذي ورثه ارض العراق من جراء سياسة النظام السابق وهذا ( خاصة والشعب يفتقد الى الماء والكهرباء اكثر الاوقات من حياته اليومية ) يؤدي الى مضاعفت الامراض والله يكون في عون من لهم الربو او كبار السن .
حرق الغابات والبساتين والمزارع بواسطة المدفعيات البعيدة والمتوسطة المدى وعن طريق المروحيات ادت الى حرمان الناس من مصدر رزقهم وهذا ادى الى حرق الارض التي ماعادت تصلح للزراعة لفترة سنتين على اقل تقدير .
قذف القنابل المحرمة ( النابلم , العنقودية والقنابل الحاملة لرؤوس كيمياوية ) التي حرقت البشر والشجر والحجر ولم يعد هناك من شيء لم يتدمر .
يكفي ان نقول ان روائح تلك المواد السامة ادت الى سلب روح الانسان والحيوان وحرق الاشجار بنفس السرعة وهي حالة لم تحدث في تاريخ البشرية ولا لدى اي نظام ديكتاتوري آخر .
دع عنكم ما حصل بعد ان سيطرت قوات الحكومة على المساحة الاكبر من كوردستان أثناء و بعد الانفالات السيئة الصيت , حيث قام الحرس الجمهوري البغيض بتفجير اعين الماء وعندما سنحت الفرصة الاكثر قامت بصب السمنت في تلك الاعين مستهدفين بذلك قطع الماء على المقاتلين من القوى المعارضة وقطع شريان الحياة في تلك المنطقة الجميلة .
لقد مررت في أراضي كوردستان من دهوك مرورا بأربيل الى السليمانية وكركوك فكانت الارض والجبال الجميلة المغطات بوشاح البياض شتاءا , والخضار ربيعا وصيفا , لكنها كسيت بالسواد جراء الحرائق التي احدثتها قوات النظام من الجيش والمرتزقة الجحوش , عند الانسحاب بسبب الانفالات التي قام بها نظام الدولة السرية ضد ابناء شعبنا في كوردستان عام / 1988 .
كان يعني ما يقوم به صدام ونظامه الدكتاتوري , فهل لاتفهم الانظمة المتعاقبة بعد سقوط الطاغية لمخاطر تلوث البيئه ؟
لقد خلف النظام السابق الكثير من المآسي لشعبنا , وهذه المخلفات لم تعالج بسبب الاحتلال والتخريب الذي حصل ايام سقوط النظام من حرق لآبار النفط ولمؤسسات الدولة المنهارة سواء على ايدي رجالات النظام البعثي , ام بدفع من قبل بعض دول الجوار , الكل يتحملون المسؤولية التاريخية ازاء ما يجري لشعبنا , حيث لوحظ ( ياللسخرية ) ان الحكومة الانتقالية قد جلبت النخيل المكهربة لتنصب في شوارع بغداد قدرة بالملايين من الدولارات وهي مقززة المنظر ومؤذية من الناحية الصحية كونها مصنوعة من البلاستك فعند الحرارة تمنح روائح مقززة وفي الليل تمنح من الكهرباء الذي ابناء شعبنا اكثر حاجة لها وليس للنخيل البلاستيكية اضف الى المعانات بسبب المزابل المنتشرة والشوارع الغير صالحة والسيارات المعبئة بالوقود المخلوط بمواد تسبب تلوث كبير للبيئة حيث تطلق الدخان الاسود من خلف السيارات التي تؤدي الى الاختناق .
ماذا بقي في العراق صالح للحياة ؟ أم ان البرد القارص افضل من الصيف اللاهب , كل شيء زفت في وزفت والله شاهد والخوف من القادم المجهول .


اواخر / آيار / 2008

 

Counters