| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي حسين الخزاعي

6

 

 

الخميس 1/11/ 2007



كل حال يزول


علي حسين الخزاعي

قدر على الشعب العراقي أن يعاني لأكثر من أربعة عقود من الظلم والاضطهاد ليس على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي فحسب بل شمل كل مناحي الحياة بما فيها القضايا الشخصية وحقه في ممارسة هواياته الشخصية المختلفة , فما كان للبعث ورجالاته ألا أن يستحوذ على عقول الناس عبر وسائل وطرق غير مشروعة, منها , الضغط والترهيب والترغيب , فأنفرد بقيادة المنظمات الديمقراطية والمهنية والاجتماعية والرياضية بهدف تعميم أفكاره وتنفيذ سياسته والأطباق على العراق والعراقيين وتحويل الوطن الى سجن كبير معزول عن العالم الخارجي على الأصعدة المختلفة .
كل هذه الممارسات لم تكن بمعزل عن الدعم المادي واللوجستي الخارجي سواء من دول الجوار أو دول منطقة شرقي الأوسط والأدنى ودول الغرب وفي المقدمة منها الولايات المتحدة الأمريكية , وتعاظم هذا الدعم خاصة بعد سقوط نظام الشاه العميل وتحول نظام صدام الى أفضل كلب لحماية المصالح الغربية والأمريكية في المنطقة , فأخذ بتطوير جيشه وصنف ذلك حسب تقييم الأمريكان بالجيش الرابع في العالم وأهتم بالجيش الشعبي الذي كان أفضل قوة لحماية كرسي الحكم ومطاردة المعارضة الوطنية داخل الوطن , كذلك خصص من الموارد النفطية الهائلة لتطوير أجهزته القمعية والأمنية وتم بناء جيش القدس بحجة تحرير القدس عبر عبادان .
لقد زج المقبور شعبنا وبلادنا في أتون حروب لا ناقة لشعبنا فيها ولا جمل ولم تكشف الحقائق الملموسة وراء تلك الحروب , وكل ما طرح هو اجتهادات وتقييمات سياسية من دون وثائق تكشف حقيقة الدعم الأمريكي والغربي والرجعي العربي وراء ذلك , لقد مارس صدام وأبنيه وأتباعه كل ما كانوا يحلمون به , ألم يكن هو من قال عن نفسه , أنه كان يبحث عن كسرة خبز في قمامات شركات النفط الأجنبية , فأراد أن يعوض عن ذلك الحرمان في ممارسة الظلم والغدر بحق أبناء شعبنا .
لم يفلت من يد النظام الفاشي شئ على وجه أرض العراق ولا في سماءه وكان من ضمنها السيطرة الكاملة والمحكمة على اللجنة الأولمبية العراقية والاتحاد المركزي لكرة القدم العراقي والذي كان للمجرم صباح مرزه الدور الأول في السيطرة على هذا المجال الحيوي الشبابي وبعد أن كبر المجرم عدي صدام أزاح صديق والده ورئيس مرافقيه عن هذا الموقع ليصبح المسؤول الأول وليلعب كما يشاء بمقدرات وأرواح الشباب الرياضي وعموم الشبيبة , وبالتدريج استحوذ على الأندية الرياضية وأدخل الرعب في نفوسهم ليصل الأمر الى درجة فرض عقوبات على الرياضيين وحسب درجات العمل ونتائج النشاط الرياضي , فعندما يفوز الفريق , يعتبر ذلك من جهود عدي ولذلك فهو الفائز ولا أي اعتبار لأعضاء الفريق , أما حالات التعادل فيتم حلق الرؤوس , أما الخسارة وهذا أمر حتمي في ذلك الزمن الضائع من عمر العراق فأن العقوبات تأخذ أشكال أخرى أكثر شدة ووحشية , منها السجن والفلقة وكذلك وضع جسد الرياضي في قفص من الحديد مسنن من الداخل يضغط على جسد الرياضي في حالة أي حركة مما يؤدي ذلك الى آلام شديدة له , وسبق للكثير من الرياضيين وأن ذاقوا عذابات هذا القفص لأيام دون أكل أو شرب مع الأهانة النفسية والسباب دون أي سبب يذكر سوى خسارة الفريق , هذه الحالة أصابت العديد من الرياضيين الرهبة والخوف من المجهول مما أدى ذلك الى هروب المئات من الرياضيين خارج العراق وكذلك أصيب العديد منهم بأمراض الكآبة .
هكذا أذن كان وضع الرياضيين أيام المقبور , فما هو الواقع الذي نعيشه اليوم وما السبل لتطوير هذا المجال الحيوي الوحيد في الظرف الراهن الذي ممكن من خلاله زرع البسمة على شفاه العراقيين ؟
لقد سقط النظام المباد , ولم يعد هناك من يرعب الرياضيين ولكن هناك من يحاول أن يستغل النوادي لأغراض حزبية ضيقة وهذا سيكون عائق جديد أمام تطور الرياضة والرياضيين , كذا الأمر بالنسبة لوضع الرياضيين وما عانوه من الميليشيات المنفلتة وقتل العديد منهم بحجة الملابس الرياضية التي لا تليق بالزي الاسلامي وبسبب الانتماء الى الطائفة الأخرى , فما ذنب هذه المواطنة أم المواطن في اعتناقه لهذا الدين أو ذاك أم لهذه الطائفة أو تلك , فقد كان علاقته بالدين خارج اٍرادته لأنه ولد وفتح عينيه ووعى على الحياة ورأى نفسه هكذا , أنها جريمة لا يمكن وصفها بأقل من وحشية مدانة , كذا الأمر بالنسبة الى الحالة المعيشية وتوفير مستلزمات الحياة اليومية للرياضي الذي يضع كل همه لرفع راية العراق في المحافل الدولية عاليا , ولأجل ذلك لا بد من توفير مستلزمات التدريب والمنشآت الرياضية وكل ما يتطلب لتطوير الرياضة , بقي أمر آخر ليس أقل أهمية وذلك للعمل على تهيئة الأجواء الجيدة والمناسبة للانتخابات القادمة للهيئات المسؤولة في الحياة الرياضية سواء على صعيد الاتحادات الرياضية لكرة القدم أو اللجنة الأولمبية وبشكل ديمقراطي يفسح فيه المجال الكافي للتنافس الديمقراطي دون أي تدخل ومن أي طرف كان .
بالأمس القريب وفي لقاء على الهاتف جرى مع السيد ناجح حمود رئيس الوفد الرياضي المتواجد في السعودية والشخصية الثانية في الاتحاد المركزي لكرة القدم , عن الأسباب التي تكمن وراء طرد بعض اللاعبين العراقيين من الملاعب , أجاب بأنه يعتقد أن العراقيين ولفترة أخرى سيدفعون ثمن الفوز الذي حققه منتخبنا في آسيا , وهنا أود القول , قد يكون الأستاذ ناجح محقا بعض الشيء ولكن طرد اللاعب العراقي في مباراة منتخبنا للناشئين بعد تسجيل الهدف الثاني لم يكن ألا لأنه رفع الفانيله ولم يخلعها ولكنه أظهر الشعار الذي يرفعه كل عراقي غيور من الرياضيين ومكتوب عليه (( عراقي أنا )) أن هذا الشعار الذي نعتز به جميعا كان سببا لطرده وأضيف , مرحبا أن كان ذلك السبب فهو يستحق الطرد حسب وجهة نظر الحكم الدكتاتور ولأنه غيور ويعشق وطنه .
هذا هو الثمن الذي نلاقيه من الحكام العرب ليس على صعيد السياسة ودعمهم للقتلة ومنظماتهم الارهابية , بل حكام كرة القدم الذين أذاقوا الرياضيين العراقيين الويل لكنهم سيقدمون ماء العين لشعبهم , والمستقبل كفيل حيث صدق الفنان الموهوب فقيد الفن والشعب العراقي الأستاذ عزيز علي عندما كتب شعره وغناه :
كل حال يزول
متظل الدنيا بفدحال
تتحول من حال لحال
وكل حال يزول
.......................
رحم الله أستاذنا فقد صدق , وكل حال يزول , فأن وراء كل غيمة سوداء نور وقمر مضيء .


 

Counters