علي حسين الخزاعي

 

جـرائـم الارهـاب لا حـدود لهـا

علــي حســين الخـزاعــي

فـي فتـرات الحـرب البـاردة بيـن المعســكرين الاشـتراكي والرأسـمالـي , بـذلـت القـوى الرأسـماليـة وخـاصـة الأمريكيـة أقصـى جهـودهـا فـي حربهـا الشـعواء ضـد قـوى الســلام والاشـتراكيـة مسـتهدفـة بذلـك معـاداتهـا الشـيوعيـة وكـل القيـم الحضـاريـة والتقـدميـة ,
حيـث بنـت المعـاهـد والمـراكـز الاسـتراتيجيـة للـدراسـات والبحـوث لبنـاء أفضـل السـبل لمعـاداة الشـيوعـية كفـكر وللأحـزاب الشـيوعيـة كتنظـيم ومن ثـم محـاولـة ضـرب النقـابات العمـاليـة كـونهـا تضـم خيـرة أبنـائهـا والمـدافعيـن عـن مصـالحهـا الطبقيـة من الشـيوعييـن والديمقـراطييـن .
ضـمن نفـس السـياق الرجعـي المعـادي للقـوى للاشـتراكيـة , أخـذت البـرجـوازيـة الأوروبيـة والأمريكيـة البحـث عـن وسـائل خـلق ركـائز ومجـسـات فـي الـوطـن العـربي وكـانت الأرض خصـبـة بيـن القـوى القـوميـة فـي البـلدان العـربيـة حيـث شــهدت سـنوات السـبعينـات من القـرن المـاضـي فتـرات الـمد والجـزر حـيث الصـراع أشــتد بيـن القـوتيـن الكبيـرتيـن في العـالم فكـان الـدعم النـزيـه من العـالم الاشـتراكي لشــعوب المنطقـة من أجـل خـلاصـها من الفقـر والتخـلف الاقتصـادي ومن التبعيـة للنظـام الرأسـمالي , وكـذلك المحـاولات الغـربيـة لأخضـاع أرادت شـعوب المنطقـة تحـت سـيطـرتهـا , فقـد ولـدت فـرص كبيـرة لتحـرر تلـك الشـعوب من ظـلم واسـتغلال الاسـتعمار ألا أن الـمواقـف الانتهـازيـة للقـادة السـياسـيين العـرب دفعـت بتلـك الـدول الى الهـاويـة والخضـوع لأرادت دول الخـارج اقتصـاديـا وثقـافيـا وسـياسـيا حيـث اتســمت الحـالة السـياسـية بالتـوتـر المسـتمر وكــانت الحـلول لا تتـم ألا عبـر الانقـلابات العســكريـة , ولـم يكـن ممكـنا اسـتمرار أي نظـام وطنـي خـارج مشـيئـة القـوى الأجنبيـة , لـذلك فأن كـل الأنظـمة العـربيـة جـاءت عبـر الانقـلابات العســكرية , واليـوم غيـرت من تكتيكـاتها فـي التغيـر لأي حكـومـة وذلـك فـي أتبـاع الانتخـابات من أجـل ذر الـرمـاد فـي عيـون الجمـاهيـر الكـادحـة بحـجة الانتخـابات والادعـاء بالديمقـراطيـة ( الديمقـراطيـة المـزيفـة ) .
ومن هـذا المنطلـق أتحـدى وجـود نظـام عــربـي حصـل علـى المـوقـع الرئـاســي عبـر صـناديـق الاقتـراع وبشــكل ديمقـراطـي حقيقـي وشـفاف ( لـدينـا أمثـلـة عـديدة علـى عـدم نـزاهـة تلـك الانتخـابات ) , نعـود الى الـدور الأمريكـي فـي المنطقـة وهنـا لا أود سـرد الأحـداث ومـا جـرى فـي أفغـانسـتان ودور البيـت الأبيـض فـي خلـق منظـمات ارهـابيـة ووضـع بـن لادن بصـفتـه القـائـد الأوحـد وبنـاء منظـمة القـاعـدة لمحـاربـة الجيـش السـوفيـتي بحجـة واهـية كـان الهـدف الأول من وراءه هـو تنفيـذ المشـروع الشـرق أوسـطي الكبيـر , بعـد أن نجحـت فـي ذلـك تـوجـهت لتنفيـذ قـانون تحـرير العـراق والـذي يصـب ضـمن نفـس المخـطط فـانجـرت بعـض القـوى العـراقيـة المعـارضـة لنظـام صـدام المقبـور دون أدراك منهـم بأنهـم يحفـرون قـبورهـم بأيـديهـم , وبعـد سـقوط نظـام الـدولـة البـوليـسـية السـريـة فـي بغـداد عمـل البيـت الأبيـض علـى وضـع كـل القيـود بأيـدي الشـركـاء وتهميـش دور القـوى الوطنيـة وفسـح المجـال لقـوى الردة للعمـل فـي أعـادت تنظيـم نفسـها من البعثييـن والتكفيـريين والـوهـابيين وفتـح الـحـدود علـى مصـراعيـه لـتدخـل دول الـجـوار السـافـر وكـذلك منـح فـرص بنـاء الميليشـيات المنفلـتة وتفشـي مظـاهـر القتـل المـروع بأحـدث الأسـاليـب الفـاشـيـة من تفخيـخ سـيارات وزرع ألغـام وقصـف المحـلات السـكنيـة والأسـواق الشـعبيـة وتـدمير الجـسـور والقتـل علـى الهـويـة والـدعم المادي واللوجسـتي من قبـل دول الجـوار تحـت شـعار الـدفـاع عـن طـائـفة ضـد طـائفـة ثـانيـة حيـث أدى ذلـك الى تفكيـك لحمـة القـوى الـوطنيـة وخلـق الفتنـة السـياسـية وتمـزيـق وحـدتهـا .
ويبقـى أبنـاء الشـعب العـراقي متألمـا لمـا يحصـل هنـا وهنـاك ودمـوع الأمهـات تسـيل علـى فـلذات الأكـباد الـذين تفقـدهـم كـل يـوم لتعـاني ليـس من المـوت المفـاجئ فـي أي لحظـة فحسـب و لفقـدانهـا أبسـط وسـائل العيـش لعـائلتهـا بعـد أن تفقـد معيل العـائـلة .
منـذ الألفيـة الثـالثـة بـدأت الأعمـال الارهـابيـة تأخـذ مسـارهـا بـوضـوح أكثـر حيـث عـدم الاسـتقـرار الأمنـي فـي العـراق أخـذ مـداه الى دول الـجوار ودول الاقليـم كمـا حـذر من ذلـك قـوى عـراقيـة مخلصـة وبالأخـص القـوى الـديمقـراطيـة التـي حـذرت من تفـاقـم الأوضـاع الأمنيـة وتأثيـرهـا علـى دول المنطـقـة فمعـارك النهـر البـارد ليـس ببعيـد عـن دور المنظـمات الارهـابيـة العـربيـة والعـالميـة وصـولا الى العمليـات الاجراميـة في العـالم العـربي ودول المنطقـة , لقـد هـددت المنظـمات المجـرمـة دول المنطـقـة وأشـعلت نـار الفتنـة بحجـة محـاربـة الاحتـلال فـي العـراق , فـي حيـن أن الاحـتلال مـوجـود وبأشـكـال مختلفـة في بلـدانهـم العـربيـة والخليـجيـة , فلـم كـل هـذا النفـاق ؟ لقـد فجـرت القـوى المجـرمـة سـياراتهـا المفخخـة في دول الخليـج وبعـض الـدول العـربيـة ولـم تصـل الى درجـة الـمـواجهـة العسـكريـة كمـا حـدث فـي النهـر البـارد أو المسـجد الأحمـر فـي باكســتان لـولا وجـود دعـم كبيـر من مؤسـسـات دوليـة عـربيـة أو أجنبيـة مسـتفيـدة من اسـتمرار تـوتـر الأوضـاع العسـكريـة وهنـا نؤكـد أن جـرائـم الارهـاب لا حـدود لهـا ولا ديـن أو قـوميـة ويتطلـب تكـاتف الجهـود من أجـل انقـاذ الشـعوب من حكـومـاتهـا الـرجعيـة وفـك الربـاط مـع البيـت الأبيـض وشـد الـوثـاق بالشـعـوب المؤمنـة بالتحـرر والمسـتقبل الـزاهـر .