علي حسين الخزاعي

 

دور الطبقـة العـاملة العـراقية , فـي العمليـة السـياسـية

علـي حسـين الخـزاعـي - مالمـو

ما أن ننظـر الى اللـوحة السـياسـية فـي العـراق وما يـدور من صـراعات بين القـوى السـياسـية من جهـة وبينهـا وبين القـوى المضـادة , نلاحـظ هنـاك قـاسـم مشـترك يتصـارع عليـه الجميـع يكمـن فـي الحصـول علـى السـلطة السـياسـية وتمكـين تمـرير أفكـارها وتنفيـذ سـياسـتها بمـا يتلاءم مـع توجـهاتها , وما يلفـت النظـر أكثـر ويتعـب النفـس أن القـوى المشـاركة فـي العمليـة السـياسـية هـي الأكثـر اندفـاعـا لتقـاسـم المسـؤوليات والاسـتحواذ علـى النصيـب الأكبـر لقيـادة البـلد دون الأخذ بنظـر الاعتبـار القضـايا الملحـة السـياسـية والاقتصـادية والاجتمـاعية لمـا يعـاني منـه أبنـاء شـعبنا ولا حتـى الاسـتحقاق الوطـني , ناهيكـم عن ما اقتـرفته قـوات الاحتـلال فـي تشـجيع وتطـوير الروح القـومية الضـيقة والطـائفية المقيتـة الـى جـانب دور دول الجـوار التـي لكـل منهـا مصـالحهـا الخـاصـة بهـا علـى حسـاب شـعبنا .
لقـد تحـدى الشـعب كـل تهـديدات التكفيـريين والعصـابات المجـرمة , وشـاركـوا فـي العمليـات الانتخـابية والتصـويت علـى الدسـتور وأثمـر التحـدي فـي انبثـاق المجلـس النيـابي ومن رحمهـا ولـدت الحكـومة العـراقية , رغـم العـديد من التحفظـات التي نحـن لسـنا بصـدد التطـرق لهـا في هـذا البحـث المتـواضـع , لكـن هنـاك قضـايا وواقـع لابـد من التـوقف عنـدها ...!
هـذا الواقـع المـؤلم الـذي يكمـن فـي دور القـوى السـياسـية وضـعف الحـوار والتصـالح بينهـا ومـدى عمـق المشـاكل التي خلقـت بينهـا والتـي لا مصـلحة لشـعبنا فيهـا , كذلـك الدور الضـعيف للقـوى العـراقية التـي هـي خـارج مؤسـسـات الدولـة حيـث تركـن بنفسـها علـى الجنـب وتنظـر الى القـوى المحـركة ومـدى فاعليتهـا دون أن تسـمع لهـا صـوت أو تـرى صـورة لهـا .

الطـبقـة العـاملة العـراقية , ما لهـا ومـا عليهـا :
فـي ظـل هـذه الأوضـاع , فأن الشـعب العـراقي الذي اكـتوى بنيـران الحـروب التـي افتعلهـا الطـاغية صـدام وحـزبه الفـاشــي ومـا تركـه من أثـار وخيمـة اقتصـادية واجتمـاعية وسـياسـية وكذلـك تركـات الحصـار المفـروض علـى شـعبنا , ومـا ألـت عليـه الأوضـاع بعـد سـقوط النظـام من انعـدام الحـياة الأمنيـة بسـبب الأرهـاب المـزدوج الخـارجي والداخلـي والقتـل الجمـاعي الكبيـر لحـد وصـول الأمر الى القتـل علـى الهـوية , ودمـار للمؤسـسـات الصـناعية ألانتاجيـة والخـدمية التـي أدت الى زيادة فـي عـدد البطـالة لأكثـر من 50% , وتفشـي الفسـاد والاختـلاسـات وزيادة الفقـر بحيـث اصـبح اليـوم فـي العـراق اكـثر من عشـرة مـلايين يعيشـون تحـت خـط الفقـر , أن ظـاهرة البطـالة فـي أي بلـد هـي انعكـاس لسـوء التخطيـط وفـوضـى فـي الحيـاة السـياسـية وفـي النتيجـة أدت الى فقـدان الثقـة بين القـوى السـياسـية والشـعب بســبب الـوعود التـي لا تكسـي عريـان ولا تشـبع جـائع .
أن الطبقـة العـاملة العـراقية تمثـل اليـوم الجـزء الأكبـر من أبناء الشـعب العـراقي وتعتبـر منظـمتها هـي اكبـر منظـمات المجتمـع المـدني وبقـيادة ممثلهـا الشـرعي والقـانوني ( الاتحـاد العـام لعمـال العـراق ومكتبهـا التنفيـذي ... الذي أنتخـب فـي 16 / 5 / 2003 )ونـال شـرعيته بـعــد الانتخـابات الديمقـراطية الشـفافة مصـادقة مجلس الحكـم أيـام الدكـتور البـاجـجي وكـذلك أيـام حكـومة الدكتـور أيـاد عـلاوي .
عـانى شـعبنا وطبقتـه العـاملة من قـرارات وقـوانين وتشـريعات نظـام صـدام المقـبور الارتجـالية والفـردية الدكـتاتوريـة الكثيـر وما زالوا يعـانون من نفس القـرارات والقـوانين والتشـريعـات التـي لـم يجـري اتخـاذ أي قـرارات أو قـوانين وتشـريعـات تنفيهـا ولـم تصـدر الحكـومات المتعـاقبة قـوانين بديلـة تخـدم بهـا مصـالح الجمـاهير , مما أعطـت تلك الأجـراءات ذريعـة لبعـض الموظفيـن لخلـق معـوقات أمام العمـال لتشـكيل نقـابات لهـم ولا حتـى تنفيـذ العـديد من حقـوقهم المشـروعة , وما زاد الطـين بلـة هـو القـرار ( 8750 ) الذي صـدر فـي 8 / 8 / 2005 والذي تـم بموجبـه تجميـد الأرصـدة الخـاصـة بمنظـمات المجتمـع المـدني ومصـادرة ممتلكـاتها وفـي المقـدمة مقـر المكتب التنفيـذي للاتحـاد العـام لنقـابات العمـال والذي يضـم في عضـويته الالاف من أبنـاء شـعبنا من النسـاء والشـباب والرجـال ومن عمـر بلـغ سـن الرشـد لغـاية ســن التقـاعد , بغـض النظـر عن قـوميته أو دينـه أو انتمـائه الطـائفي أو المذهبـي .
فالاتحـاد العـام هـو منظـمة عمـالية وطـنية ديمقـراطية أجتمـاعية أنسـانية وهـو أداة الدفـاع عن الحقـوق الشـرعية لكـل الكـادحين سـواء كـانوا أعضـاء فـي الاتحـاد أم لم يكـونوا دون تهـاون أو تردد وهـو فـي مسـاره النضـالي ينسـق مـع كـل قـوى الخـير والسـلام ولـه بـاع طـويل فـي مقـارعة الاسـتعمار والأنظـمة الدكـتاتوريـة ويعتـبر الاتحـاد صـاحب المصـلحة الحقيقيـة للدفـاع عن خيـرات الشـعب والوطـن .
أن الواجـب يحتـم علـى المؤسـسـات التشـريعية والتنفيـذية والقضـائية تقـديم الدعم المعنـوي والسـياسي والمـادي لهـذه المنظـمة دون أيـة شـروط أو تـدخل فـي شـؤونها وبعيـدا عن كـل أنواع التحـزب القـومي والطـائفي أو المذهبـي من أجـل أن تأخـذ دورهـا الحقيقـي فـي العمليـة السـياسـية كـونهـا المسـاهمـة الفعلـية لأعـادت بنـاء الوطـن , أن تشـكيل أكثـر من اتحـاد نقـابي لا يـدل علـى الحـرص علـى وحـدة الطبقـة العـاملة , لآن وحـدة الحـركة النقـابية يـؤدي الى تمتيـن وحـدة الطبقـة العـاملة والى ترسـيخ قـوتهـا وجعلهـا قـوة ضـاربة ضـد كـل أنـواع التشـوهـات التـي تعيـق عمليـة أعـادت البنـاء .
أن تفعيـل الدور الحقيقـي للطبقـة العـاملة واتحـادها الشـرعي والقـانوني يعتمـد علـى الاتحـاد بالدرجـة الأولـى وعلـى الجهـات المعنـية الأنفـة الذكـر وذلك فـي تعميـق الوعـي الوطنـي والتثقيـف فـي أهميـة الديمقـراطيـة النقـابية عبـر فتـح دورات وتأهيـل الكوادر النقـابية من العمـال أنفسـهم ودراسـة تجـارب العمـل النقـابي فـي العـراق والعـالم لفهـم أهميـة العمـل النقـابي للدفـاع عـن حقـوق العمـال بشـكله القـانوني والشـرعي وتعـزيز حـب الوطـن والدفاع عنـه وانسـجاما مـع أهـدافنا لبنـاء دولـة القـانون نـرى :
1 - الغـاء القـرارات والقـوانين والتشـريعـات المجحـفة بحـق الطبقـة العـاملة التـي أصـدرها نظـام صـدام المقبـور .
2 - الغـاء القـرار / 8750 الذي صـدر فـي 8 / 8 / 2005 .
3 - اصـدار قـوانين وتشـريعات ديمقـراطية تـدافع عـن حقـوق العمـال وجميـع الكـادحين .
4 - تفعيـل العمليـة التـوحيـدية للاتحـادات العمـالية وتشـكيل لجنـة تنسـيق لهـا لـوضـع الأسـس الوطنيـة والديمقـراطية لخـلق وحـدة طبقيـة حقيقيـة للعمـال واتحـادهم المركـزي .
5 - تعميـق التـوجه الوطنـي للاتحـاد لتطـوير دفـاعه عن خيـرات الشـعب والوطـن .
6 - تعميـق التـوجه الديمقـراطي والوطنـي المسـتقل لأجـراء الانتخـابات العمـالية سـواء علـى صـعيد اللجـان النقـابية أو علـى صـعيد انتخـاب المكـتب التنفيـذي للاتحـاد العـام فـي العـراق .
7 - ترشـيح عمــال مخلصـين الى اللجـان النقـابية والاتحـاد , وأبعـاد العنـاصـر الدخيلـة علـى الطبقـة العـاملة .
8 - أبعـاد العمليـة الانتخـابية واللجـان النقـابية من تأثيـرات الأحـزاب السـياسـية من دون اسـتثناء واعتبـار ذلـك مخـالفة قـانونية .
9 - الاعتـراف بحقـوق العمـال وممثليهـم فـي رسـم السـياسـة الاقتصــادية انسـجاما مع حقـهم فـي الدفـاع عـن خيـرات الوطـن وممتلكـات الشـعب .