علي حسين الخزاعي

أهميـة الحـوار الســياسـي

علـي حســين الخـزاعـي - مالمـو

السـياسـة هـي فـن الممكـنات , فـالانسـان يختلـف عـن باقـي مكـونات الحيـاة من الشـجر والحجـر والحيـوانات كـونه نـاطـق يملـك عقـلا يفكـر قبـل أن يقـدم علـى عمـل , الانسـان هـو أغلـى رأس مـال وبسـببه تطـور العلـم والحيـاة ويملـك طـموحـات كبيـرة لا حـد لهـا وآفـاق كأهـداف لنيـل الحـاضـر والمسـتقبـل فأن تجـرد عـن أنسـانيتـه يكـون قـاصـراو مؤثـرا ســلبا علـى المجتمـع , أن التعصـب لأي قضـيـة مهمـا كـانت تؤدي الى خلـل فـي حيـاة النـاس ومعوقـات فـي الانجاز ومصـاعب فـي التـداول اليـومي سـواء فـي الحيـاة الشـخصـيـة مــــع الأخـرين  أو فـي الحيـاة السـياسـية , فكـيف لـه فـي مـواجهـة العقـــــد الاقتصـاديـة وقـوانيـن تطـورهـا الاجتمـاعي والاقتصـادي ..
شـعبنـا العـراقي نـال عـذابات الحـروب والحصـار الاقتصـادي الـداخلـي والخـارجـي بســب السـياسـة الطـائشـة الـتوسـعيـة لنظـام البعـث ورأسـه صـدام المقبـور هـذا الـواقـع أمتـاز بالعنـف والارهـاب الداخلـي والخـارجـي وبتحـالـف قـومـي رجعـي عـراقـي وعـربي بالتعـاون مـع رجعيـات دول الجـوار ودول الأقـليم وخـاصـة ما أبتلـى بـه شـعبنا من قطـار عبد النـاصـر –وأمـريكـا الذين جلبـوا القـوميين والبعثييـن الى سـدة الحكـم فـي 8 / شــباط / المـشـؤوم عـام / 1963 والهـدف فـي ذلك الانتقـام من الشـعب العـراقي علـى جـريمة تحـرره من الاسـتعمـار وخـلاصـه من النظـام الاسـترليني والسـيطـرة الكـاملة علـى خيـرات الوطـن , أن الجـرائـم التـي ارتكبـت بحـق شـعبنـا كثيـرة لا يمكـن للعقـل أن يسـتوعبـه ولا يمكـن للتأريـخ أن يغفـر لمـرتكبيـه , لقـد نـال النظـام العـراقي المجـرم دعـم من كـل دول العـالم من أقصـى يمين الى أقصـى يسـار , نظـم ابتلـت بهـا شـعوب العـالم .
لـم يكـن هنـاك طـريق ثـالـث , فكـان الطـريق الأفضـل هـو الاعتمـاد علـى الشـعب وقـواه المخلصـة وفـق برنـامـج مشـترك وجعـل العـامـل الخـارجـي مسـاعـدا من خـلال الـدعم المعنـوي والسـياسـي وقـطع كل الصـلات والمسـاعـدات مـع نظـام صـدام , هـذا الأمـر لـم يكـن فـي صـالـح القـوى السـياسـية العـربيـة والأجنبيـة وبعـض القـوى العـراقيـة التـي لـم تكـن لتـؤمـن بـدور الجمـاهيـر فـي صـناعـة التأريـخ وقـدرتهـا علـى الخـلاص من النظـام الدكـتاتوري , فارتمـت بأحضـان العـالم الخـارجـي , هـذا مـا حصـل ولـم تتعـظ القـوى السـياسـية العـراقيـة حـيث نعيـش اليـوم ظـروف الارهـاب وآلام الحـرب التـي وقعـت فـي آذار – نيسـان العـام 2003 , لقـد نادت القـوى الخيـرة وخـاصـة الحـزب الشـيوعي العـراقي فـي الوقـوف بجـدية ضـد الحـرب والدكـتاتوريـة فـي نفـس الوقـت رفـع شـعار لا للحـرب لا للدكتـاتـورية , ادراكـا منـه للمخـاطر التـي سـتنجـم عـن ذلـك .
اليـوم يعيـش شـعبنا فـي نفـق مظـلم نتيجـة سـياسـة النظـام الصـدامي العفلقـي والحـرب التـي حلـت علـى الشـعب جـراء قـانون تحـرير العـراق وانـدفاع قـوى عـراقيـة لتنفيـذ المخطـط الامريكـي للسـيطـرة علـى مقـدرات الشـعب العـراقي الـذي لـم يكـد أن يتخلـص من نظـام الجـرم والـدولـة السـريـة , لقـد عبـد الاحتـلال طـرق واسـعة لـدخـول الارهـابييـن عبـر الحـدود العـراقيـة المفتـوحـة وعـودة أيتـام النظـام البـائد وتشـكيل الميليشـيات القـذرة ومن كـل المـلل والطـوائف والقـوميات الضـيقـة الأفـق لكسـب المـزيـد من الحصـص والدخـول فـي صـراع غيـر شـريف للحصـول علـى المزيـد من المكـاسـب السـلطـويـة وتقسـيم الكعـكـة العـراقيـة ليعيـش أبنـاء شـعبنـا فـي حـالة من الفـوضى السـياسـية وأختناقـات اقتصـادية وأزمـات نفسـية قـاهـرة من الصعـب الخـلاصـه منهـا دون دراسـة حقيقـية ووضـع آليـة سـليـمة تنقـذ شـعبنا من تلـك الأمـراض .

مـا هـو العـلاج ؟
لقـد أكـد الحـزب الشـيوعي العـراقي سـابقا وطـرح فـي وثـائقـه معـالجـات وحـلول ناجعـة لخـلاص شـعبنا من كـل هـذه الأزمـات , وقـد اقـر المـؤتمر الوطنـي الثـامن الذي عقـد فـي بغـداد الحبيبـة معلنـا عن أمكـانيـة معـالجـة الوضـع واعتمـاد القـوى السـياسـية العـراقيـة المخلصـة وذلك عبـر :
بـذل أقصـى الجهـود لتـوحيـد قـوى الشـعب عبـر تفعيـل المصـالحـة والـحوار المتمـدن والحضـاري ونبـذ الخـلافات بيـن صـفوف القـوى السـياسـية المشـاركـة وكـذلك تقـريب القـوى العـراقيـة المخلصـة التـي هـي خارج العمليـة السـياسـية وخـارج المجلـس النيـابي والسـلطـة التنفيـذية واشـركهـا واعتمـاد الوسـائل الصـحيحـة من اجـل تقـرير الشـعب واحـلال الأمـن والاسـتقرار بـدل من الخصـام والتشـدد الحـزبي الضـيق , كـذلك العـودة الى الهـويـة الوطنيـة العـراقيـة ونبـذ الهـويات القـوميـة والطـائفيـة المقيتـة كهـدف أسـمى لتعـزيز العـلاقات واتخـاذ التـدابير التي يمكـن من خـلالهـا بنـاء مؤسـسـات الـدولة العسـكـرية والأمنيـة بعيـدا عـن المحـاصـصـة الطـائفيـة وتنقيتهـا من العنـاصـر الميلشـيويـة ثـم الانتقـال السـريـع فـي انجـاز التـدابير ذات الطـابـع الاقتصـادي وتـوفيـر مسـتلزمـات الحيـاة المعيـشيـة ونشـر الثقـافـة الديمقـراطيـة السـليمـة لتعيـد ثقـة الجمـاهيـر بأن مسـيرة البـلد قـد وضـعت علـى الطـريق الصـحيـح .
أن كـل ذلك يتطلـب التطـبيق المبـدع للأقـوال وترجمتهـا علـى الـواقـع العملـي , أن معـالجـة سـليمـة لمعـوقـات المـرحـلة الحـاليـة مثـل المحـاصـصـة الضـيقـة والارهـاب وحـل الميليشـيات ونبـذ المـواقف والحسـاسـيات بيـن القـوى السـياسـية المتشـددة المـواقف والتحلـي بالمـرونـة واشـراك الجمـاهيـر من خـلال ممثليهـم فـي منظـمات المجتمـع المـدني وخـاصـة فـي الاتحـادات النقـابيـة والمهنيـة والديمقـراطيـة , كلهـا تسـهم فـي أنجـاز العمليـة السـياسـية , كذلـك لابـد من العمـل علـى وضـع حــد وبشــكل يتلاءم مـع نـوع التـدخـلات الجـاريـة من دول الجـوار فـي الشـأن العـراقي مـع حـق ممارســة النقـد لكـل الاخطـاء ووضـع بـدائل لهـا سـواء علـى صـعيد العـلاقـة مـع القـوى السـياسـية أو مـع مؤسـسـات الـدولـة وخـاصـة الحكـوميـة مـع دعمـها الفـاعل لتحقيق مسـيرة العمـل من أجـل بنـاء مؤسـسـات الدولـة علـى الأسـس القـانونيـة والديمقـراطيـة فـي سـبيـل بنـاء دولـة ديمقـراطيـة وطنيـة فيـدراليـة تعـدديـة مـوحـدة .

اواسـط حزيـران / 2007