| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علاء الخطيب

 

 

 

الأحد 23/5/ 2010

 

الشادُر الأيراني يصارع (العباية) العراقية

علاء الخطيب *
 
تعتبر العباءة العراقية نموذج لحجاب المرأة العراقية, وأهم رموز الأزياء الشعبية في الجنوب والوسط , والذي تعودنا أن نرى أمهاتنا وأخواتنا ترتديها. وقد إشتهرن بها حتى تغزَّل الشعراء بها ولعل الأغنية التراثية العراقية المشهورة التي تقول ( يا أم العباية حلوة عباتج - يا سمره هوايه, زينه صفاتج) خير دليل على ذلك الرمز الشعبي العراقي الجميل الذي أصبح جزءَ لا يتجزأ من حياة المرأة في المناطق المذكورة , إلا أن الذي بدأ يهدد هذا الرمز هو المنافسة الشديدة التي دخلت عليه من قبل الشادر( أو الجادر ) الايراني , فقد بدأت الفتيات العراقيات بأرتدائه وخصوصا ً في مناطق العتبات المقدسة , وقد أصبحت ظاهرة إرتداء الشادر أمراً يكاد يكون مألوفا ً , ولم أصدق بادئ الأمر ما رأيت, حينما شاهدت أعداد من الفتيات العراقيات وظننتهن زائرات إيرانيات ولكن بملامح عراقية ولسان عراقي مبين و تـأكدت حينها أن هناك هجوما ً شرسا ً يهدد العباية العراقية التقليدية.

وحين سؤالي عن الاسباب وراء هذه الظاهرة كان الجواب هو أن العباية العراقية غالية الثمن بالقياس مع الجادر فقد وصل سعر (الشيرازه) كما يسميها العراقيون وهو طريقة خياطة العباءة الى 25 الف دينار ناهيك عن سعر القماش الذي يصل أحياناً الى 50 الف دينار عراقي وقد تصل العباءة المتوسطة الى أكثر من 150 الف دينار عراقي ومنها ما يصل الى 500 الف دينار, والسبب الآخر كما تقول إحداهن هو جمالية الجادر الايراني حيث أن الجادر بيضوي الشكل ويمنح انوثة أكبر للفتاة علاوة ً على أنه خفيف الوزن على الرأس .

وهذا التهديد ليس الأول من نوعه الذي يهدد العباءة العراقية فقد سبقه في ذلك العباءة الخليجية التي إنتشرت بشكل كبير في الاسواق العراقية . وفي الحقيقة أن هذه الظواهر ليست مجرد أزياء دخلت البلد بل هي ثقافة جديدة فمن المعروف أن الازياء لها سلوكيات خاصة وتأثيرات نفسية تؤثر بمن يرتديها فلكل نوع من اللباس طريقة في الحركة والسلوك وهذا ما يؤكده علماء الاجتماع والنفس معا ً , فمثلا ً عند إرتدائك للعقال والكوفية يكون سلوكك مختلفا ً تماما ً عن سلوكك وانت ترتدي البنطال الجينز مثلا ً وعند لبس المرأة للبنطال تختلف حركتها وسلوكها عند إرتدائها التنورة وهكذا .

فلبس الشادر له سلوكيات و حركة مختلفة , لأنه يمثل ثقافة ووجدان شعب , و من ناحية أخرى أن الشادر لا يمثل حالة وجدانية لدى المرأة العراقية كما تمثله العباءة فسيكون هناك حالة من الانقطاع الوجداني , والحال ذاته بالنسبة الى العباءة الخليجية , فالسؤال المطروح هنا هل سيشهد المجتمع العراقي تغييرا ً سلوكيا ً على غرار التغيير السياسي .وهل تتغير أغنية يا ام العباية بـ (أم الجادر) أقول لا سامح الله .
 


*
كاتب وإعلامي



 

 

free web counter