| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عادل كنيهر حافظ
 

 

 

 

الخميس 5/1/ 2012



هل العراقيين بحاجة لهذه الإرشادات ؟

عادل كنيهر حافظ

كان وما زال وسيظل لكثير من رجال الدين دورهم البارز في نصرة شعوبهم حالما تثور بوجه جلاديها, وتسحقهم وتدفنهم , وتنهي وجودهم المتحكم ,وأفكارهم التي يستندون إليها في حكمهم  ، ولنا في رجال الدين العراقيين , مثلٌ حسن ، أيام نصرتهم الشعب العراقي في ثورة العشرين, ضد الاحتلال الانكليزي ,وليس خافياً على أحد ما عمله الشيخ عز الدين القسام من أفعال نضالية ضد المستعمرين . كذلك غني عن التعريف موقف الشيخ محمد عبده ,وما لعبه من دور مجيد , في جعل الدين في خدمة قضية الشعب, وتحرره وخلاصه من نير الاستعمار ,ومن الأفكار البائسة ,التي كان يربْي الشعب المصري عليها .

حيث لم يكتفي أولائك البواسل من رجال الدين باستخدام الدين في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحسب , وإنما وسعوا دائرة المعارف الدينية , بمعارف الرياضيات والتأريخ والجغرافيا ,كما فعل الشيخ محمد عبده ,بإدخال هذه العلوم إلى جامعة الأزهر . كما لم يقفوا عند حدود الإرشاد الديني , ولكنهم تعدوا ذلك الأمر إلى التبشير بالإرشاد السياسي ,من خلال النصوص الدينية ,حيث أفتوا فتاوى تحرم السير وراء الحاكم الفاسد.... .

وكان حري برجال الدين في العراق أن يغادروا أحاديث {عاهات المرأة}, وأن يقفوا كما وقف أسلافهم في ثورة العشرين, ضد الظلم المركب في العراق ,هذا العراق بلد ارض السواد ,بلد الخيرات المادية , بلاد ما بين النهرين , البلد الذي ينطوي تأريخه ,على أعرق الحضارات , حيث منه ظهرت الكتابة والقوانين والفن والموسيقى ,التي تأثر فيها الفرس والبيزنطينيون خصوصاً في العصر العباسي ,عندما كان الخليفة المهدي ,يعزف نص الإيقاع الذي أرسله له إسحاق الموصلي , وما كان يكتبه الكندي من إيقاعات تثير البهجة ومنها الإيقاع الذي يمزج فيه إيقاع الخفيف بالإيقاع المسمى بالرملي , وموضع الأصابع خلال اللحن , الذي تستخدم فيه الدفوف , والرق والزنجاري والطبل الكبير... .

ويأتي بعد قرابة ألف عام , رجال جيش المهدي ,ليمنعوا أبناء العراق من الموسيقى وقرع الدفوف في أفراحهم العامة !!! ولا أحد يعرف من خوّل رجال جيش المهدي , بالتعدي على حرية المواطنين ؟

وما أن ينتهي ناس العراق , من تجاوز إحدى مصائبهم حتى تحل ما هي أعظم , ويبدو أنه لا يكفي ما عاناه الشعب العراقي ,منذ عقود في دولة الرعب التي شيدها , صدام حسين على جماجم الأحرار من أبنائه , حتى يضيف الحكام الجدد أنواع جديدة من الضيم والذل والهضيمة التي تلْوح في وجوه العراقيين ,الذين بات همهم الأساسي هو البحث عن لقمة العيش , حتى أن العيش اللائق يبدو صعب المنال ,في عراق تحطمت بناه التحتية , حتى راح بعض الخبراء الاقتصاديين يذكرون أرقام فلكية تجاوزت 2,300 تريليون دولار ,هو المبلغ المفترض لإنجاز بنية تحتية مقبولة للبلاد . إضافة إلى ما تحتاجه عملية تأهيل الجيش والشرطة وجهاز المخابرات والأمن , ثم الاحتياجات الخدمية , وما يقتضيه العيش اللائق للمواطن من مبالغ تناهز 600 مليار دولار , وذلك لتطمين حاجات أكثر من مليوني أرملة وقرابة 3 ملايين يتيم , وما يناهز المليون معوق حرب ,و200 ألف طفل معوق ذهنياً , وحوالي مليون ونصف عاطل عن العمل , والأراضي تتصحر , والمياه تتناقص , ودول الجوار تتجاوز على حرمة الوطن دون رادع , والقائمة تطول , والأمريكان لا يتعاملون مع العراق كما تعاملوا مع اليابان وألمانيا وكوريا , بل راحوا يتفقون مع السعودية والكويت لوضع العصي والعراقيل لتعطيل الجهود لخروج العراق من طائلة البند السابع , ليظلوا يبتزون الحكومة ,من خلال إشرافهم على صندوق أموال العراق وعائداته المالية .

كل هذه الدراما المأساوية , التي تجري فصولها في بلاد الرافدين ,والكثير من رجال الدين في العراق لا يهمهم غير ما تلبسه النساء من ملابس ,وهل هي محتشمة أو غير محتشمة , وتنصب كثيراً من أحاديثهم على مؤهلات المرأة , وكيف إنها ناقصة عقل ودين و..... , في الوقت الذي كان 80 بالمائة من الأوائل في الصفوف المنتهية في العراق هن البنات .

وهنا يقف المرء متسائلاً بكل حيرة , هل العراقيين الذين هم بأمس الحاجة إلى من يرشدهم للطريق الذي يفضي لخلاصهم من مصائبهم , يمكن أن تمسهم الحاجة لإرشادات عن قصور وعوق المرأة ؟ ولصالح من هذه الإرشادات؟
 


 

free web counter