| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عادل كنيهر حافظ
 

 

 

 

السبت 24/10/ 2009



هل المساعدات شكل من الكرم الدولي المنزه من الغرض ؟

عادل كنيهر حافظ

ذات مرة كنت اجالس احد الاخوة الفلسطينيين من سكنة الاردن وكنا في حديث متعب حول التوقيع على معاهدة السلام مع اسرائيل في امريكا وبرعايه الرئيس الامريكي بيل كلنتون وكيف تصافح الرئيس الراحل ياسر عرفات مع شيمون بيرس ومع وزير الدفاع الاسرائيلي ..... وفجأة غيّر صاحبي الحديث وتحدث بعصبيه { يا اخي والله خربت بيوتنا من هل البنك الدولي وصندوق ....} سألته عن ما حدث ، قال انظر واشار الى جهاز التلفاز وكان يعرض مظاهرة لجماهير عربيه غاضبه , ثم اردف القول { بنك في امريكا يشترط ويوجه كيف تتعامل الدوله مع رعاياها , البنك من احد شروطه لترشيد الاقتصاد الاردني لكي يتمكن من استرداد الدين ان يتخذ جملة اجراءات تستهدف تقليص دعم الدوله لبعض المواد الضروريه للمواطنين ومنها رغيف الخبز وهذه المظاهرة ضد اجراء الحكومه برفع سعر الخبز } من جانبي ما كان يسعني الا مشاركة نظيري الحزن وضرب الكفوف ببعضها اسفا على ما يحدث .

وما يثير الاستغراب حقا هو ان لا زال الكثير ينتهي عندهم الاعتقاد بأن المساعدات التي تقدمها الدول الغنيه هي كرم منزه من الغرض سعيه تحقيق التقدم والنمو للبلدان المحتاجه... بيد ان هؤلاء يواجهون قرائن واضحه عن دور المساعدات كسلاح في السياسه الخارجيه للدول التي تقدمها . والمدهش هو ان هذه الحقيقه لا تجد الا اليسير من المحاولات لتمويهها . فقد قال البوفيسور هـ . ب . شينيري وهو الخبير الاقتصادي الكبير بوكالة الولايات المتحدة الامريكيه للتنميه الدوليه بأن{ المساعدات الاقتصاديه هي احدى ادوات السياسه الخارجيه التي تستخدم لمنع الظروف السياسيه والاقتصاديه من التدهور في البلاد التي يكون الحفاظ على الحكومه القائمه فيها ذا قيمة لنا } وقال رئيس الولايات المتحدة الامريكيه كندي عام 1960 { ان المساعدات الخارجيه هي اسلوب تحافظ به امريكا على وضع النفوذ والسيطرة حول العالم , وتقيم شأن بلدان كثيرة كانت ستنهار بالتأكيد , او تدخل في زمرة الكتله الشيوعيه .} ان دوافع مثل هذه تفسر دون عناء لماذا منحت الولايات المتحدة الامريكيه فيتنام الجنوبيه قدرا من المساعدات اكبر من اي بلد أخر . ولماذا تمنح اسرائيل اعلى رقم في المساعدات ولماذا قدمت 21 مليار دولار الى دولة الارجنتين ومنع انهيارها الاقتصادي . وتقدم ما يزيد من مليار دولار سنويا الى جمهورية مصر العربيه و....

وهذه ليست حاله غير طبيعيه , انها تعرض ببساطه شديدة الاسلوب القبيح للغايه من ما يسمى بالمساعدات الدوليه والاهداف التي يمكن ان تستغل بها المساعدات وهذه الحقائق ازالت الكثير من وهم الناس وتحولت أمالهم في توجيه المساعدات من خلال وكالات دوليه مثل {البنك الدولي} متأملين ان تفقد المساعدات بهذه الطريقه صلتها بالسياسه الخارجيه للامم . ولكن سيصاب المتعلقون بهذه الآمال بالصدمه لدى معرفتهم لاحقا ان البنك الدولي الذي ينمو بسرعه ,تغذيه بالاساس الاعتمادات في اسواق المال الغربي وان معظم قروض هذه الاسواق بفوائد تجاريه, وللمؤسسات الامريكيه الذراع الاقوى في تسيير سياسة البنك لانها تقدم المال الاكثر للبنك الذي يعتمد التسديد الكامل للقروض . ويعتبر هذا الامر اساس لاستمرار وجوده . لذالك لدى البنك مصلحه ذاتيه ضد السياسات الاشتراكيه او الوطنيه الحقه التي يمكن ان تؤدي الى التأميم والامتناع عن تسديد القروض , لان وجود البنك ذاته يتطلب ايقاف اي شكل من اشكال الامتناع عن تسديد القروض ، والبنك ليست لديه في حالة الطوارئ اي قوة ماديه لاجبار الجهه المستدينه ,غير ان هذا في وسع الولايات المتحدة الامريكيه والحكومات الغربيه الاخرى . لذلك ينتهي المرء الى اليقين القاطع بأن سياسة البنك لابد ان تكون , لهذا السبب من بين اسباب اخرى , جزءً مكملا من السياسات الخارجيه للدول الرأسماليه تجاه البلدان الناميه وهنا يكون الاعتقاد مبررا بأن تستغل سلطة نفوذ البنك بطريقه ممالئه للرأسماليه وللتجارة الحرة وضد السياسات التقدميه والوطنيه الحقه .

وفي الوقت الراهن يتجلى هذا الامر بصورة واضحه عندنا في العراق حيث اشترط البنك على الحكومه العراقيه زيادة اسعار البنزين ورفع الدعم عن المحروقات وبعض المواد الغذائيه واراد ان تلغى الزيادات في رواتب الموظفين والمتقاعدين واقترح الغاء البطاقه التموينيه وضرورة تسديد الديون الخارجيه .. والاكثر غرابه هو ان مجلس الوزراء العراقي عاقد العزم على اقتراض بين 4 الى 5 مليار دولار امريكي لسد قسما من عجز الميزانيه العراقيه والبالغ حوالي 16 مليار دولار ، والسيد وزير الماليه العراقي يظهر في مقابلات تلفزيونيه ويصرح بهذا الخصوص بأننا قد استفدنا كثيرا من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في تسقيط ديوننا وعليه يجب ان نلتزم توصيات البنك الدولي!! وذلك بعد نصف قرن من الزمان على معرفة كثير من ارباب السياسه والباحثين في الاقتصاد الدولي بطبيعه ومرامي قروض البنك وصندوق النقد الدوليين كون تلك الطبيعه والاهداف تندرج في دائرة السياسه الخارجيه للدول الغنيه التي تبغي ان يكون لها ذراع في توجبه السياسات الاقتصاديه للبلدان الفقيرة .

 


 

free web counter