| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عادل كنيهر حافظ
 

 

 

 

الجمعة 20/1/ 2012



المؤتمر الوطني المزمع عقده للكتل السياسية العراقية
هل سيكون استثناءً في المألوف ؟

عادل كنيهر حافظ

منذَ أن شكل الأمريكان مجلس الحكم على مبدأ (إشراك كل المكونات العراقية في السلطة) ,والصراع قائم بين الكتل السياسية العراقية ,الممثلة لتلك المكونات , وما برح يخفت أحياناً ويستعر أخرى . والسبب الرئيسي في ذلك هوَ سعي الفرقاء السياسيين إلى فرض إرادة كل منهم على الآخر , ومحاولة إزاحته بطرق وأشكال متعددة .

وذلك للحصول على قدر أكبر من مغانم السلطة , بمعنى أن الصراع والتدافع بين القوى السياسية الحاكمة في العراق , والذي يتضرر منه الشعب والوطن ,هوَ صراع : ذاتي , أناني , غير مسؤول , أساسه عدم الثقة , والشك والريبة , التي تكتنف سلوك الكتل السياسية العراقية , بعضها للبعض الآخر . وما زاد من محتوى المشهد السياسي , تعقيداً وقتامة , هو شكل وآلية إدارة الدولة, حيث يقضي هذا الشكل ,شراكة الكتل المتضادة , فيما يسمى (حكومة الشراكة) وليتصور المرء ما سوف تنتجه حكومة الأضداد ! أما آلية إدارة الدولة المعتمدة على مبدأ التوافق السياسي , فهي أس المشاكل , لأنها لا تقوم على الأسس الدستورية ,ولا على مناهج الديمقراطية الصحيحة التي تعتمدها برلمانات الدول الديمقراطية , والتي تفترض حكومة أغلبية نيابية تحسم الأمور فيما يتعلق بتشريع وإقرار القوانين , في مجلس النواب ,عن طريق أكثريتها النيابية , لا عن طريق تقديم مشاريع القوانين المهمة أولاً للمساومة بين للكتل السياسية , للتوافق عليها ومن ثم تقدم للبرلمان , كما تقتضيه آلية التوافق , المعمول بها في العراق . لذلك كانت المشاكل والأزمات بعمر العملية السياسية , رغم رغبة البعض من أعضاء الكتل , في تعديل الأمور , إلا أن الأزمة كبيرة, وتفوق إرادة الأفراد المخلصة . ومع استمرار تعاطي الكتل السياسية العراقية وفق آلية التوافق , تفاقمت المشاكل وأمست هذه الألية ملاذ منيع ,للمعترضين والمقصرين ,حيث يلوذ كل منهم , بحجة عدم تطبيق (الشراكة الحقيقية) وما تستبطنه مقتضيات العمل المشترك.... . حتى باتت أمور البلاد تنذر بالخطر , مما يجعل من عقد المؤتمر الوطني ,حاجة وطنية أملتها حراجة الظرف الراهن ,الذي لا يتحمل الكثير من التأني في إيجاد حل لمسلسل الأزمات السياسية التي يخلقها الفرقاء السياسيين , وتنعكس ضلالها الثقيلة , على حيات العراقيين الموعودين بالحرية والأمن والعيش الكريم .... . كما أن المؤتمر سيكون مناسبة طيبة للحوار ,في سبيل حلحلة بعض الأمور الممكن حلها , وبذلك يكون اللقاء محاولة إيجابية , تستحق الدعم والتأييد , ورسالة تأكيد ثقة بالعراقيين , كونهم قادرين على إدارة أمورهم , بعد الإحتلال . رغم أن المؤتمر سيكون حلاً في العملية السياسية ,وليس حلاً للعملية السياسية . وعليه سيكون المؤمل من نتائج مخاض المؤتمر , كحد أدنى وعلى أقل التقديرات هوَ : تهدئة الأمور بين الكتل السياسية الحاكمة , وإيقاف الحملات الإعلامية , وإيجاد صيغ ولو مؤقتة للتعاطي السياسي , وعن طريق تنازل كل طرف للأخر عن مستحقات أو شروط يصر على تحقيقها ,للسير قدماً , بالشراكة في الحكومة والبرلمان .

أما أن يعطي المؤتمر حلاً شافياً لأكثر الإشكالات , فهو أمرٌ يعد ضرباً من الأماني الضالة . لأن المشاكل هي بعمر العملية السياسية , وأن القادة الذين سوف يجتمعون هم المشكلة وليسوا الحل , ولا توجد إرادة حقيقية للحل الأمثل , ثمَ لا توجد خطة عمل ,متفق عليها قبل انعقاد المؤتمر , ولم تكن هناك أفكار متبلورة لحد الآن , يمكن اعتمادها كبرنامج عمل للمؤتمر , ثم غياب واضح لمنظمات المجتمع المدني للمساهمة في حل الأزمة , وأخيراً لا توجد الثقة الكافية والتي تعتبر الشرط الرئيسي لتأهيل المجتمعين لحل الإشكالات من خلال تشخيص الخطأ , كون تشخيص الخطأ , هوَ من يقود إلى صواب الحل . وعليه لا نطلب من المؤتمر أكثر مما يحتمل , لكي لا نصاب بخيبة الأمل .
 

free web counter