| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عادل كنيهر حافظ
 

 

 

 

الخميس  1 / 5 / 2014



عواقب الانتخابات, ومستقبل الدولة العراقية

عادل كنيهر حافظ

بدً لابد من القول , من أني أتمنى مخلصاً , أن ما سأتوقعه سوف لا يتحقق في الواقع أبداً . لأني أتوقع أن تعود ذات القوى الحاكمة , مع تغيير بسيط كزيادة أو نقصان في هذا الطرف أو ذاك , مع فرصة معينة للتيار الديمقراطي للحصول على بعض الأصوات .

في صبيحة يوم الأربعاء الثلاثين من نيسان , هذا اليوم الربيعي الجميل , تتواصل الجموع من المعذبين , وهم يحملون جراحهم سيراً على الأقدام , علهم يجدون دواءً لتلك العلل التي أزمنة فيهم وتكاد تقتلهم لولا صبرهم الجميل , واحتسابهم إلى المولى النصير .

لذلك يتجشمون العناء للوصول إلى صناديق الانتخابات , ليختاروا من يرونه مؤهل لخدمتهم , ليكون ممثلهم في مجلس الشعب القادم , ويحدوهم الأمل , في أن تحمل لهم الانتخابات حكومة جديدة , تعوضهم عن الحرمان والفوضى , التي أناخت بثقلها عليهم قرابة عقد من السنين .

إلا انه من السذاجة بمكان , أن يتوقع المرء , تغيٌر جذري في الوجوه والبرامج , التي تنهي معانات المواطن العراقي , لأن القوى النافذة في الحكم ذاقت حلاوة السلطة , و المال والجاه ...وأصبحت لديها الخبرة في اللعب على الحبال والمماطلة والتسويف , خصوصاً وأن في يدها المال والأعلام , إضافة إلى الخبرة في إقصاء الآخر , وتعلمنا التجربة مع الكتل ألمتحكمة في العراق , من أنها رغم صراعها المرير على غنائم السلطة , نراها تتحد إذا كان الأمر ينفع الجميع , فقد اتفقوا ومرروا قانون الانتخابات السيئ , لأنه يشتت أصوات القوى والكيانات الصغيرة , ثم تعود إليهم دون وجه حق , وكيف اتحدوا على تمرير قانون تقاعد البرلمانيين , الذي ليس له مثيل في دساتير العالم , واتفقوا على عدم اعتماد طريقة العراق دائرة انتخابية واحدة , وذلك لتشتيت أصوات الكتل والكيانات الصغيرة , ولكي لا تحصل قائمة الأكراد على نسبة تصويت أعلى , وأهملوا قانون الأحزاب لكي لا يقول لهم أحداً من أين لكم هذا ؟

كما غضوا الطرف عن عدم إجراء التعداد السكاني , لكي لا يكون شاهداً على التلاعب بنسب عدد الناخبين , ثم اجلوا التصويت على قانون النفط والغاز , الذي ينظم الثروة الأساسية في البلاد , وعدم اتفاقهم على تثبيت فقرة مهمة في الدستور, تلزم أعضاء البرلمان على التصويت السري ألالكتروني , لمنع طريقة التوافق التي عطلت أهم القوانين التي تصب في مصلحة المواطن , وهكذا نرى أن هذه الكتل تختلف وتتفق على مصالحها الخاصة , بعيدا عن مصالح الشعب والوطن , ومن هنا بداية الشك في قابلية القوى النافذة من تحقيق الخير , في مشوار حكمها الجديد .

والمؤسف حقاً هو لجوء بعض رؤساء الكتل الكبيرة , ووجوهها المعروفة إلى قضية في غاية الخطورة : وهي ممارسة الإرهاب الفكري على الناس , ومحاولة إيهام الناخب , بأن انتخاب هذه القائمة , سيؤدي إلى الأمن والسلام , والتخلي عنها , يعني سير البلاد للمجهول , كما لمح إلى ذلك السيد رئيس الوزراء , حين قال أن كيانه السياسي , يسعى إلى الحصول على أعلى الأصوات , لتشكيل حكومة أغلبية سياسية , وإلا نعود إلى حكومة ألشراكة, وستكون العواقب وخيمة... وهذا الطوفان من الإرهاب الفكري للناس ,من شأنه أن يلبك الناخب ويدفعه في لجة ألا جدوى .

والذي يؤكد الخوف والخشية المبررة لدى المواطن العراقي هو :

أولاً. أن الانتخابات تجري دون مراقبة وضبط قوات الاحتلال , مما يفسح المجال لبعض القوى للمماطلة والتسويف في تسليم السلطة .

ثانياً . عدم وصول القوى الحاكمة إلى مستوى ثقافي وأجواء نفسية تتقبل الهزيمة بروح رياضية , مما سيعقد الأمور لاحقاً , وسلوك طرق وأساليب غير ديمقراطية , حيث يستشري العنف ... .

ثالثاً . الخوف من اندفاع القوى الفائزة , وتحت التأثير المعنوي بالفوز, إلى الإسراع في عملية تسليم السلطة , الحال الذي يقود الأطراف إلى العنف والفوضى .

رابعاً . توجه القوى الجديدة الفائزة , إلى معاقبة سابقتها , بفعل اكتشاف مخالفات قانونية , أو سرقات وتجاوز على المال العام .. الأمر الذي يقود الأطراف إلى نزاع مسلح , خصوصاً وأن اغلب العراقيين لديهم سلاح في بيوتهم .

عموم الحال الذي يفضي إلى فتح الباب على مصراعيها , أمام قوى الإرهاب أن تسوق العراق إلى المجهول , لان معالجة الإرهاب ستضل حسب رؤية الحكومة السالفة فقط من الجانب العسكري , وعدم التعامل مع هذه القضية الخطرة , باعتبارها قضية سياسية بامتياز , لأن القوى التي ستحكم ثانيتاً , كما أتوقع , وحسب التجربة لا تهتم بالعراق إلى بقدر ما يؤمن مصالحها الذاتية , كما أ ن ذات القوى التي أدمنت على نهب أموال الشعب , لا يمكن أن تعقد عليها , آمال في تحقيق الرفاهية والعيش الكريم ,ومن غير الممكن أن نتوقع من تلك القوى , أن تتحلى بالمسؤولية والحس الوطني , تجاه الشعب , وتتبادل السلطة سلمياً ودون عناء , إضافةً إلى انه من الثابت نظرياً وعملياً , أن الثقافة والأدب والعلوم وأدواتهم الفعلية , ستصاب بالضمور والتلف , لأن قوى الإسلام السياسي والذي سيسفر في الحكم , هي من قوى الماضي , وعليه ليس هناك من يحترم عقله , ويرتجي من قوى الماضي أن تشيٌد له المستقبل . واكرر أمنيتي أن يكون توقعي ليس في محله ... .
 

 

 

 

free web counter