| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عادل كنيهر حافظ
 

 

 

 

الأربعاء 13/1/ 2010



نساء العراق بين جور الحياة وتخلف الولاة

عادل كنيهر حافظ

المرأة التي قال عنها الله في القرآن الكريم ( ان الجنه تحت اقدام الامهات ... ) , المرأة التي بجلتها اروع القصائد لاشهر الشعراء وفاضت بطاريها امهات الكتب , ودنت لها رقاب الابطال والملوك الجبابرة عشقا , وغنت لها وتغنت واطربت في ذكرها المؤثل احلى واعذب الاصوات الغنائيه , المرأة التي يرى احد دهاقنة صياغة القوافي ان لا ترمى حتى بزهرة , المرأة التي عطرت مناقبها وجه التاريخ , المرأة التي جلس في حجرها ونهل من حنانها الانبياء والاوصياء والقديسين وكل عظماء المعمورة , هي ذاتها الذي داست على وجنتها الجميلة خيول الحروب القذرة في العراق , التي ارهقتها حد الاعياء ورسمت على محياها الوديع سيماء الذل والهضيمه , ودعتها حائرة تدير العين بحثا عن ناصر او معين ... يعينها على النهوض بحملها التي تنوء تحت ثقله المركب من جوقة اليتامى من رجل مقتول في الحرب او معوق او بتر نظام صدام انفه او اذنه ويستحي الخروج للعمل او ان راتبه لا يسد متطلبات عيش العائله نتيجة الحصار المفروض على العراق بسبب سياسة صدام (المحسوبه) وجعلها النهوض بحمل المسؤوليه الثقيل مفجوعه حتى بعواطفها ومشاعرها ورغباتها وانوثتها وشكل معيشتها حتى امست لا تعير الاهتمام لماهية الثياب التي ترتديها ولا تفكر الا بشئ واحد ووحيد وهو كيف تدبر لقمة العيش لعائلتها ومن اجل ذلك ركبت الاهوال وعبرت الحدود ووسعت رصيف الغربه كبائعة للسكاير والمأكولات في عمان وخادمه في بيوت اثريائها , وما كنت احسبني يوماً ان اشاهد جارتنا ام فهيمه المرأة الوقورة ,وهي تجلس بجانب صندوق مفتوح لبيع السكاير في الكراج الرئيسي للنقل الداخلي في مدينة عمان , انا ما كنت اعرفها الا عندما نادت على والدتي التي كانت معي وتعانقتا ثم التفتت لي امي بعيون دامعه قائلة , هذه خالتك ام فهيمه !! نظرت اليها وقد اطلت روحي بكل احزانها من محجر عيناي , لقد سلبها ضيم الحياة كل معانيها الرقيقه , سلمت عليها وسألتها عن احوال باقي عائلتها ,وعن ابنتها الكبيره فهيمه وهل انهت دراستها ؟ قالت نعم تخرجت معلمه , واين تعمل سألتها ,قالت وأومأت بيدها الشمال هناك, الى فتاة تجلس ايضا بجانب صندوق بيع السكائر , تقدمت والدتي وانا صوب الفتاة سلمنا عليها , شابه متعلمه في ريع الصبا تبيع السكائر في وطن غير وطنها , قضيه يتصبب لها جبين اجبن الجبناء خجلا , اخذت يد امي راجعا الى البيت بعد ان اخذت وعدا من المرأة وابنتها لزيارتنا , وفي الطريق الى البيت كنت اقول لوالدتي الى اي حال وصلت نساء العراق , ردت امي قائله وبتلقائيه ابني انت ما شفت شئ !!! ثم اردفت القول تفرج ان شاء لله .....
وفرجت وذهب صدام ونظامه غير مأسوف عليه , واستبشر الشعب العراقي خيرا بالنظام الجديد , لكن محنة نساء العراق ولشديد الاسف مستمرة رغم مرور اكثر من سبعة اعوام على التغيير ,بل تراكمت بفعل متطلبات برامج الاحزاب الدينيه التي تقتضي من بين امور عدة ان تتشح النساء بالسواد ولا يُرى من المرأة الا عينيها ,ولولا الحاجه الى رؤية الطريق لصار الى تغطية العينين ايضا .
ثم جرى عزلها عن الرجال في الزيارة للمراقد المقدسه , كذلك قرر جيش المهدي عزل الاطفال البنات عن الذكور في المدارس الابتدائيه في مدينة الثورة , وكذلك الركوب في سيارات النقل يجب ان تصعد النساء من الباب الخلفي لحافلة النقل ويركب الرجال من الباب الامامي , واستكثرواعلى النساء فرحهن حتى في مناسبات خطوبة وزواج ابنائهن !! بحجة ان يكون العرس يشبه عرس النبي محمد (ص) , ويقولون ان الاعراس يجب ان تكون على شكل اناشيد روحانيه ...وأخر التعليمات ان تختفي المرأة من البيت عندما يحل ضيفا عليه ,وهذا ما لمسته انا شخصيا عندما زرت ابن خالي المتزوج من بنت عمي وجدت صالة الضيافه خاليه من النساء وعندما سألت عن ابنة عمي قالوا انها خارج البيت قريبا تعود وانتهى وقت زيارتي ولم تعود , علما انها في البيت !! وكأنما لا يكفي نساء العراق عذابات النظام السابق الذي جعل بحروبه العبثيه ثلاثة ملايين ارمله ومطلقه , وقرابة هذا الرقم عدد الفتيات اللاتي تجاوزن عمر 35 عام دون زواج في وقت ان العدد الكلي لنساء العراق فوق سن 18 عام لا يتجاوز 10 مليون امرأة كما صرحت بذلك وزيرة الدوله لشؤون المرأة , في الوقت الذي تحتاج فيه المرأة العراقيه التي تكون منهن من حصلن على شهادات عليا رقم لا يناهز 7 بالمائه ومن انهين المعاهد والجامعات قرابة 28 بالمائه وما يضاهي 22 بالمائه هن من درسن الاعداديه والمتوسطه والباقي اميات او في الابتدائيه , وهذا ما يتطلب جهدا استثنائيا لتحسين هذه الوحه , رغم ان الدستور العراقي في مادته 29 يضمن حق المرأة في العيش في حياة كريمه هانئه , الا ان ما وعد به الشعب العراقي والنساء منه لم يتبلور حتى الان , وما ترجوه نساء العراق من حياة أمنه مستقره لم ينجز , فلا زالت المرأة العراقيه شأن اخيها الرجل تعيش أثار الاحتلال وارث البعث القذر, وتدخل دول جوار العراق في اموره الخاصه , واستمرار عمليات الارهاب , نتيجة تفشي ظاهرة الفساد وغياب القانون , بسبب من ضيق الافق وسيادة نزعة الهيمنه والاقصاء وفسح المجال لرغبات التسلط ...الحال الذي انتج لوحه معقده ولدت لنا اوضاع غايه في الصعوله يعاني قساوتها ابنا الشعب العراقي عموما وخصوصا الكادحين والنساء كما صرح بذلك سكرتير اللجنه المركزيه للحزب الشيوعي العراقي السيد حميد مجيد موسى قبل ايام لصحيفة طريق الشعب .
رغم ان عموم احوال المرأة العراقيه كانت ومازالت وستظل الى امد غير قريب تحتم ان يسن النظام الجديد قانون خاص للاحوال الشخصيه ينصف فيه المرأة ويعيد اليها كرامتها ويساويها في الحقوق والميراث بأخيها الرجل ويمنع عنها العنف من شريك حياتها واهلها الذين يقطعون رأسها لمجرد الشك بأقامتها علاقة ما حتى وان كانت علاقه بريئه مع شاب من الشباب ,لذلك كانت تنتظر بفارغ الصبر ان يسن قانون يخلصها من الخوف والهلع الذي تعيشه نتيجة العادات والتقاليد والتي تسير عكس ما اوصى به الدين الاسلامي الحنيف بالمعامله الحسنه للمرأة ,ولكن تحطمت أمالها بين جور الحياة وعقلية الولاة .
وبناء على كل ما تقدم , ينبغي على كل نساء العراق ومنظماتها المدنيه والحكوميه التي جاوز عددها 80 منظمه ومنظمات المجتمع المدني المواليه لها ان لا تبقى على مهمة توزيع العطايا على المحتاجين وانما تكثف جهودها وتعمل على :

1- الاندماج في اتحاد عام لكل نساء العراق بعد ان يسبقه مؤتمر عام تنتخب فيه قياده من النساء المؤهلات لقيادة الاتحاد ., وتقر فيه خطة العمل اللاحق والنظام الداخلي وبرنامج للاتحاد .

2 - دعوة الاحزاب السياسيه العراقيه لعقد مؤتمر وطني عام للنظر بشكل جدي في واقع المرأة العراقيه وكيفية النهوض به ,والعمل على ايجاد حلول عمليه مناسبه لمشاكل المرأة العراقيه .

3 - اقامة الندوات وطاولات النقاش ودعوة وسائل الاعلام لتغطية تلك الفعاليات ,

4 - القيام بالمسيرات السلميه للمطالبه بالحقوق السياسيه والاقتصاديه وكل ما من شأنه ان ينفع حياة المرأة بما فيها استنكار ضرب وتعذيب الزوجه من قبل زوجها , والعمل تدريجيا على طرد الافكار الباليه نهائيا من مجتمعنا كونها افكار غير انسانيه وغير اخلاقيه وغير دينيه ,وابتداءا من المطالبه بالتعامل الحسن مع الاطفال ,وتشكيل منظمات خاصه وجمعيات تناهض العنف الاسري بكل اشكاله .

و من غير هذا المسار ستظل المرأة العراقيه بين جور الحياة وظلم الولاة .
 


 

free web counter