| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

أحمد جويد

 

 

 

                                                                                         الخميس 7/4/ 2011

 

استباحة البحرين والعدالة الدولية

احمد جويد *

الأمن والسلم الدوليان ونبذ العنف بجميع أشكاله هي مطالب ناضلت من أجلها الشعوب الحرة وبخاصة التي أرست النظم الديمقراطية في بلدانها وكافحت طويلاً من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان، وفي مقدمتها الشعوب الغربية، تلك الشعوب المحبة للسلام أفرزت مجتمعةً منظمات وهيئات دولية خاصة بتعقب من يثبت إدانته بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، ومن بين هذه الهيئات "المحكمة الجنائية الدولية"، وهي أول هيئة قضائية دولية تحظى بولاية عالمية، وبزمن غير محدد، لمحاكمة مجرمي الحرب ومرتكبي الفضائع والجرائم بحق الإنسانية وجرائم إبادة الجنس البشري.
وفي هذا الإطار دشنت الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان حملة دولية تهدف للمصادقة على نظام المحكمة الدولية الدائمة، وتدعيم قدرات المجتمعات المدنية في سعيها من أجل ترسيخ عدالة دولية وأداة إضافية لمكافحة ظاهرة الإفلات من العقاب.

ففي الآونة الأخيرة وفي ظل تحرك الشعوب العربية لنيل حريتها وتخلصها من النظم الإرهابية والقمعية، عمت دولة البحرين كغيرها من الدول العربية موجة من الاحتجاجات والتظاهرات السلمية التي طالبت ببعض الإصلاحات السياسية (غير المستحيلة)، تم مواجهتها بأبشع أنواع العنف من قبل السلطة الحاكمة، وهذا أمر طبيعي بالنسبة لقوانين الحكام العرب وسلوكياتهم، لكن الأمر غير المتوقع والذي ينذر بخطر كبير على المنطقة هو تدخل الجيش السعودي في استباحة البحرين وارتكابه العديد من الجرائم التي تدخل ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ومنها:
1- الإبادة الجماعية: وتعني "أي فعل من الأفعال المحددة في نظام روما (مثل القتل أو التسبب بأذى شديد) ترتكب بقصد إهلاك جماعة قومية أو أثنية أو عرقية أو دينية، بصفتها هذه، إهلاكا كليا أو جزئيا".
2- الجرائم ضد الإنسانية: وتعني "أي فعل من الأفعال المحظورة والمحددة في نظام روما متى ارتكبت في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين وتتضمن مثل هذه الأَفعال القتل العمد، والإبادة، والاغتصاب، والعبودية الجنسية، والإبعاد أو النقل القسري للسكان، وجريمةِ التفرقة العنصرية وغيرها.
3- جرائم الحرب: وتعني الخروقات الخطيرة لاتفاقيات جنيف 1949 وانتهاكات خطيرة أخرى لقوانين الحرب، متى ارتكبت على نطاق واسع في إطار نزاع مسلح دولي أو داخلي.
4- جرائم العدوان: فيما يتعلق بهذه الجريمة فانه لم يتم تحديد مضمون وأركان جريمة العدوان في النظام الأساسي للمحكمة كباقي الجرائم الأخرى، لذلك فان المحكمة الجنائية الدولية تمارس اختصاصها على هذه الجريمة وقت ما يتم إقرار تعريف العدوان، والشروط اللازمة لممارسة المحكمة لهذا الاختصاص.

الواضح والمهم في هذا المجال إن الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية عرضة للعقاب بغض النظر عن ارتكابها وقت الحرب أو السلام، وهذا ما وقعت به القوات المسلحة السعودية في تحركها ضد المدنيين في البحرين حتى ولو كان ذلك بطلب من الحاكم البحريني، ومادام الاختصاص الإقليمي بوصفها محكمة ذات سلطة عالمية، تستطيع ممارسة سلطتها ضمن الظروف المحدودة التالية:
أ. إذا كان المتهم بارتكاب الجرم مواطنا لإحدى الدول الأعضاء (أو إذا قبلت دولة المتهم بمحاكمته).
ب. إذا وقع الجرم المزعوم في أراضي دولة عضو في المحكمة (أو إذا سمحت الدولة التي وقع الجرم على أراضيها للمحكمة بالنظر في القضية).
ج. إذا أحيلت القضية للمحكمة من قبل مجلس الأمن.

لذلك فان مواطني دولة البحرين ومن يُعِينَهم من المنظمات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة وشعوب العالم الحر، يستطيعون رفع شكواهم ضد من قام بتحريك القوات المسلحة السعودية إلى هذه الهيئة الدولية، ويتم حينئذ إحالة القضية عبر مجلس الأمن الدولي، كون الاعتراف بمبدأ الولاية القضائية العالمية للمحكمة الجنائية الدولية في معاقبة كل من ثبت تورطه في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية أو القتل المنظم أو غيرها من الجرائم لا يعد خرقاً لأحكام القانون الدولي المعمول به منذ مدة طويلة كالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أو الإعلان العالمي لحماية جميع الأشخاص من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية أو الأحكام المنظمة للاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
من هنا فأن أغلب جرائم القوات السعودية في البحرين التي تم توثيق قسم منها من قبل بعض وسائل الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية تُعَدُّ من هذا القبيل، كما تستطيع المحكمة الدولية ومن خلال محققيها الحصول على معلومات كبيرة وخطيرة تم إخفاؤها من قبل السلطات هناك.

إن مكافحة الإفلات من العقاب قبل كل شيء ضرورة لتحقيق العدالة الدولية ومعاقبة كل من ثبت ارتكابه لجرائم ضد الإنسانية او قام بخرق المواثيق الدولية وحقوق الإنسان سواء في حالة السلم أو الحرب، كما يعد ضرورة أساسية لضمان ملاحقة ومحاكمة مرتكبي الجرائم الأشد خطورة لدواعي سياسية أو عرقية أو دينية، وعرضهم على أنظار المحكمة الدولية الدائمة.

ان الانضمام إلى صفوف الدول الموقعة على نظام روما والقبول بمبدأ التكامل بين المحاكم الوطنية والمحاكم الجنائية الدولية سيسمح بتسهيل المقاضاة في الجرائم الأشد خطورة والدفع باحترام الوثائق الدولية لحقوق الإنسان.
 


* مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث
http://shrsc.com





 

free web counter