| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد جعفر

 

 

 

الأربعاء 3/8/ 2011

 

الاعسم يستل شيئا من ثقافة التسامح
بين ركام الانتقام والقصاص

عبد جعفر - لندن

طرح الكاتب عبد المنعم الاعسم مفهوما جديدا عن ثقافة التسامح يقوم على اساس تنمية استعداد ضحايا التنكيل للتخلي عن فكرة الانتقام من جلادهم والتسامح ازائهم كعقاب سيكولوجي لهم، جاء ذلك في الندوة التي قدمها بعنوان(شي من ثقافة التسامح) التي نظمتها مؤسسة دار الحوار الانساني في دارالسلام وسط لندن وذلك يوم 27 تموز، وادارها الدكتور سعد عبد الرزاق.

اكد الاعسم ان المحاضرة ليست في فلسفة التسامح،ولا تتوقف عند موضوع الاجتثاث وقضية الاعدامات وملف العفو عن مسؤولي النظام السابق، وانما هي خلفية معرفية ومقاربة عن تطبيقات التسامح في مجال السياسية والصراعات والحروب في المقام الاول.

مشيرا الى اهمية التوقف على بعض المصطلحات (المصالحة، العفو العام، الاعتذار، الحوار، والتسامح) مؤكدا ان المصالحة في السياسة التي تعني البدء من جديد في العلاقات (بين مكونات سياسية او دينية او قومية) على اساس اتفاق يقضي بطي صفحة الاقتتال (الحرب. القطيعة. سوء التفاهم. خلافات) وعلى قاعدة لا غالب ولا مغلوب، وان يتنازل الفرقاء عن بعض (أو كل) حقوقهم او مطالبهم. والعفو العام وهو اجراء سياسي وقانوني تتخذه الحكومات حيال جماعات مناهضة (متمردة. مهاجرة..) يتم خلالها انهاء العمل بقوانين واحكام وملاحقات وتقديم تعهدات حكومية مقابل التزامات محددة للمعفو عنهم.. ويتبع قرار العفو حالة سياسية جديدة او تطور في مجرى الصراع بين الحكومات ومعارضيها. والاعتذارهو موقف سياسي اخلاقي ومعنوي، تلجأ اليه حكومات (زعامات. فئات. شعوب) عن جرائم او اساءات او مخالفات تقع على ابرياء، ويتم الاعتذار في ظروف جديدة.اما الحوارفهو خيار سلمي لحل الازمات والخلافات، فلا مصالحة ولا عفو ولا تسامح من غير حوار يتبادل خلاله فرقاء الصراع الافكار والشروط والحلول الوسط او وضع اتجاه للاتفاقات بين المتخاصمين.

وتوقف الاعسم عند فكرة التسامح باعتبارها حاصل خطوات المصالحة والعفو العام والاعتذار والحوارات السلمية، ويتحقق في ثقافة وسلوك وتفاعلات يمارسها المجتمع او غالبيته ، في مرحلة بناء سلمية جديدة بديلا عن الاقتتال والانتقام والكراهية. وتناول التسامح بالفكر اليوناني و في الاسلام، مشيرا الى تطبيقات التسامح تختلف من مجتمع الى مجتمع، بحسب مستوى التمدن والثقافة والشعور بالوطنية والتخلص من العصبيات ونوازع الانتقام.

ـ واعتبر الاعسم التسامح، مفتاح السلام الاهلي، لكنه احيانا، ضد العدالة، إذ يفلت من القصاص جلادون ومجرمون، وهذا من تعقيدات عملية التسامح.

وتناول التجارب العالمية في التسامح مثل تسامح يهود اووربا الجمعي مع مجتمعاتهم بعد الحرب العالمية الثانية، وفي جنوب افريقيا ، حين اعلن مانديلا بعد انتخابه ابقاء الانصاب والتماثيل التي احبها البيض، ثم اعلن المرسوم التالي: "سيمنح معظم رجال الشرطة البيض، والاخرون، الذين قتلوا او عذبوا دفاعا عن سياسة التمييز العنصري ضمانا بانهم لن يعاقبوا على جرائمهم، وبان اسماءهم لم تنشر علانية".

واشار الى موقف ميتران من جلادي حكومة فيشي. وموقف موقف كارلوس منعم في الارجنتين من دعوات الانتقام (قصة الجلاد سيلينغو في الحرب الاهلية عام 1979)،ومبدأ التسامح الياباني: حين اشار امبراطور اليابان: لنعمل على عدم تكرار الماضي المؤلم بدل ان نعمل على القصاص من الذين صنعوه. وفي لبنان حين ابرم الجلادون والضحايا (اتفاقية الطائف).
ومن تجارب عراقية في التسامح قرار القيادة الكردية بمسامحة المتورطين في قتال ابناء جلدتهم مع قوات الجيش العراقي. وقد رحب المجلس التنفيذي للمؤتمر الوطني العراقي في تقريره بعنوان "الجرائم ضد الانسانية والانتقال من الدكتاتورية الى الديمقراطية" في ايار 1993 بتجربة القيادات الكردية بالعفو عن الجماعات المحلية التي تقاتل الى جانب الجيش العراقي، غداة انتصار الانتفاضة في اقليم كردستان العراق.

وقد اثارت هذه الندوة المهمة العديد من الاسئلة حول القصاص من المجرمين وكيفية تحقيق العدالة، وكيفية تطبيق ثقافة التسامح في العراق في ظل تنامي الصراعات الطائفية والاثنية و غيرها وفي ظل غياب مؤسسات الدولة الفاعلة.

ومعروف ان الاعسم كاتب وصحفي متمرس، سجن واختطف من النظام السابق، وجد طريقه الى الصحافة العراقية والسورية واليمنية والصحافة العربية في لندن بقلمه وقدرته على عرض الاحداث وتفصيل الرأي ومتابعة التطورات بواقعية ونزاهة، اضطر إلى السفر واستقر في رومانيا ومنها حصل 1982 على شهادة الماجستير في علوم الصحافة من معهد شتيفان جيورجيو في بوخارست. تخصص منذ عشر سنوات في كتابة العمود السياسي اليومي المعروف باسم (جملة مفيدة) وعمل في نطاق الاعلام التلفزيوني لعدة اشهر، وقد كرم من وزارة الثقافة ومن قبل اتحاد الادباء والكتاب ومنح درع الجواهري.




 

free web counter