| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد جعفر

 

 

 

الأربعاء 28/9/ 2011



فيلم المنعطف في المقهى الثقافي في لندن
غياب مبكر السينما الجادة وعرابها جعفر علي

عبد جعفر

زبائن المقهى الثقافي في لندن كانوا يوم 25-9-2011 على موعد جديد مع ممارسة ثقافية ذات نكهة جديدة ، كما اعتاد المقهى في امسياته ، وذلك بعرض فيلم (المنعطف) للفنان الراحل جعفرعلي الذي اخرجه عام 1975، عن رواية (خمسة اصوات،) للكاتب غائب طعمة فرمان.


جعفر علي

وقبل العرض جرى عرض مقدمة على الشاشة الكبيرة ،حيث استعرضت حياة المخرج الفنية الحافلة بالعطاء واختارت تلك المقدمة الفيلمية مشاهد من فيلم المخرج الاول (الجابي) الذي يعتبر اول انتاج للقطاع العام في العراق ، وعرضت المقدمة مشهد من الفيلم الغنائي (حمد وحمود) الذي اخرجه ابراهيم جلال وكان جعفر علي مخرجا منفذا له .

وفي تقديمه الامسية اكد الفنان علي فوزي الذي عمل مع الفنان جعفر في فرقة مسرح اليوم ومثل في فيلمه (سنوات العمر): اننا اليوم نستذكر من خلال فيلم المنعطف مبدعا عانى الكثير ابان النظام السابق، فقد سبق له ان اعتقل عام 1963، وتعرض الى مساومات عديدة وضغوطات من اجل ان يصبح بوقا له، منها تدخلهم في فيلم اليوم و فرض خطاب التاميم لاحمد حسن البكر عليه كبداية لفليمه المنعطف، ومحاولة تهجيره من العراق كتبيعية ايرانية.و لما لم تفد المحاولات معه، قتلت زوجته في حادث دهس مدبر، كما ذكر الراحل ذلك لاصدقائه، وتمت تصفية ابنته (سندريلا ) الطبيبة في ظروف غامضة بتهمة التسبب في وفاة احد الشخصيات البعثية المهمة، ولم يتحمل جعفر الصدمة وهو الذي كان يعاني من امراض عديدة، فمات كمدا عام 1997 ببغداد..


اثناء تصوير فيلم المنعطف

الفيلم (المنعطف) في (الابيض والاسود) اشترك فيه نخبة من الممثلين منهم يوسف العاني، سامي عبد الحميد، وزكية خليفة، وسمرمحمد، وسميرة اسعد، ونادية عباس، وسعاد عبدالله، وطعمة التميمي، وعبدالجبار عبدالله، وغزوة الخالدي، وعبدالجبار كاظم، وسمير حنا، وخليل الحركاني. ويتناول فترة الخمسينيات بتعقيداتها السياسية ، من خلال شخصيات فاعلة وغير فعالة في المجتمع ولكنها بعيدة عن التحزب، وتتعرض لعسف السلطات والعسف الاجتماعي، فسعيد الصحفي الذي يعمل بصحيفة (الناس) ذات النبرة العالية مع السلطات والتي يجري غلقها واعتقال صاحبها، يعرف الكثير عن المظالم السياسية من خلال رسائل القراء وشكاواهم ورسائل صديقة الشيوعي المسجون في نقرة السلمان، وكذلك كشف زيف صديقه حميد الذي انهمك في ملذاته على حساب عائلته وعدم اكتراثه بمرض اطفاله ومن خلال تلقيه رسالة من العامل (ستار) ابن المحلة الشهم الذي كان يوقع رسائله الى سعيد باسم نجاة ويطلب منه المساعدة.غير ان سعيد يقاوم تردده، ويبدأ بالخطوة الواثقة بمساعدة طفلة حميد المريضة، والاشتراك في الاضرابات. اما شريف الشاعر الوجودي الخائف، فهو يقاوم وضعه بالسخرية ، و يتجرأ في اتخاذ المومس زوجة له، بل يشق الصفوف لانقاذ صديقه سعيد غير ان هراوات الشرطة كانت اسرع لتهشيم جسده ، ثم تأتي الطلقات لتغتصب حياة انسان نذر نفسه للحرية، حيث تدور الكاميرا حوله تصور موته وهو يسترجع زمنا او نبؤة تخيفه من الموت بالطلقات. ولا يتوقف الفيلم كثيرا على شخصية البرجوازي نبيل الثري المهتم بملذاته فقط ولكنه يرصد حالة التحول عند حميد اتجاه عائلته. ويبدو ان البطل الجماعي يحضر في الفيلم بقوة من خلال تصاعد المظاهرات، لتأخذ عين الكاميرا في تصوير ازدياد الاعداد كعلامة ان التغيير سيأتي.


ابطال المنعطف

ومعروف ان الفنان الراحل جعفر علي ولد عام 1933 تخرج من كلية الآداب (جامعة بغداد) عام 1956 حاصلاعلى بكالوريوس الأدب الانكليزي.
ثم التحق بجامعة ايوا الأمريكية وتخرج فيها عام 1961، وعاد الى بغداد وهو يحمل شهادة ماجستير السينما والتلفزيون
أصبح مدرسا للصوت والإلقاء في معهد الفنون الجميلة – بغدادواستاذا لمادة التمثيل في اكاديمية الفنون الجميلة في اول تأسيسها..
اصدر سلسلة من مختارات المسرح العراقي بعد ان اسس مع زميله الفنان سعدون العبيدي فرقة مسرح بغداد الفني ثم أسس في سنة 1969 فرقة مسرح اليوم والذي ترأسها تقديرا لمكانته وجهوده. ومن التمثيليات التلفزيونية التي اخرجها (الرجل الذي فقد رائحته) و(زهرة السلطان) و(ماكو جارة ) التي تم قطع عرضها في تلفزيون بغداد بامر من القصر الجمهوري لانها كانت تنتقد بشدة البيروقراطية والمحسوبية والفساد، وقدم التلفزيون في اخر خمس دقائق من مدة عرضها التي دامت 55 دقيقة رقصة شرقية لسهير زكي، مما اثار استهجان الجمهور لهذا الفعل الفج والمفضوح والذي جاء معبرا عن مستوى السلطة الضحل، وكل ذلك لم يثن جعفر علي عن المواصلة دون تقديم التنازلات وواصل بجد عطاءاته الثرة فأسس قسم (السينما) في اكاديمية الفنون الجميلة عام 1973 وبقي مدرسا في القسم حتى وفاته، وشغل ايضا منصب مديرالتلفزيون في الستينيات.
اما أهم الاعمال السينمائية التي اخرجها فيلمه السينمائي الأول (الجابي) عام 1968 وهو يتحدث بشكل واقعي عن معاناة المحصل وعن حياة الناس وهمومهم اليومية داخل حافلة نقل الركاب، و فيلمه الثاني (المنعطف )- 1975
والثالث (سنوات العمر – 1976)، والذي صورت أكثر مشاهده في ألمانيا وبالألوان والذي يتحدث عن اليد العاملة العراقية وعودة الكفاءات العراقية من الخارج إلى أرض الوطن، إلا إن الفيلم لم ير النور لأسباب إنتاجية.
عاد جعفر علي إلى الإخراج السينمائي في 1991 بعد خمسة عشر عاما من إخراج فيلمه (سنوات العمر 1976 ) ليخرج فيلمه السينمائي (نرجس عروس كردستان) وهو اول فيلم روائي كردي..

والأعمال التي اشترك بها ممثلا بها عديدة منها فيلم (المسألة الكبرى) - 1982 و (الفارس والجبل - 1988) و الملك غازي – 1993و شارك بكتابة السيناريو والإدارة الفنية في فيلم (فائق يتزوج - 1984)، وكان المخرج والمنفذ في فيلم (حمد وحمود - 1985 كما كتب قصة فيلم طائر الشمس – 1991

وابرز المسرحياته التي اخرجها مسرحية (فيت روك) لمؤلفها ميغان تيري، والتي تتحدث عن الحرب الفيتنامية الأمريكية، على الخسائر الأمريكية فيها وعلى الهواء الطلق ومثلها قسم من طلبة أكاديمية الفنون الجميلة، و(الغريب) و(ضرر التبغ) و(قصة حديقة الحيوان ) و(عروس للمزاد) و(اين تقف ؟) و(السؤال) ..و مثل في مسرحية (مواطن بلا استمارة) ولعب دور السجين فيها وهي من تاليف عبد الصاحب ابراهيم و اخراج وجدي العاني وقدمتها فرقة مسرح اليوم والتي كان اداء جعفر فيها رائعا فقد سعى لابراز شخصية المواطن الى اثبات حقه بالمواطنة، في وقت كانت الفاشية الحاكمة تسقط الجنسية عن من تتهمهم بالتبعية وقد شخصت لجنة التحكيم فوز المسرحية في احتفالات يوم المسرح العالمي وفوز بطلها جعفر علي كأفضل ممثل لكن الرسميين قرروا حجب جوائز ذلك الاحتفال.

ان ما قدمه المقهى الثقافي بلندن في امسية يوم 25 ايلول 2011 كان احتفاء بالسينما الجادة التي غيبها النظام واستذكارا لاحد مبدعيها ووفاء لما قدمه من عطاء صادق ومحاولات جريئة في سبيل فن يناقش برؤية فنية متميزة هموم الناس وتطلعاتهم.





 

 

free web counter