| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد جعفر

 

 

 

الخميس 28 / 11 / 2013



برهان شاوي في المقهى الثقافي في لندن
متاهاتنا تؤدي الى متاهات أخرى

عبد جعفر
سلوى الجراح

في أمسية ممتعة جمعت بين الأدب والسياسة، تحدث الشاعر والروائي برهان شاوي يوم 24-11-2011 أمام زبائن المقهى الثقافي في لندن، عن تجربته الروائية والثقافة العراقية وخاض في نقاشات مع الجمهور.

وفي تقديمها أكدت الإعلامية والأديبة سلوى الجراح أن برهان تميزفي متاهته الروائية التي بدأها مع محنة الوجود البشري، وأسئلة الكتابة، والغموض الأدبي وتداخل المرئي واللامرئي، وقدرته على التوغل في أعماق شخصياته الروائية الضائعة في هذه المتاهة ليكشف عن هواجسها الدفينة ، نازعا عنها كل الأقنعة الاخلاقية التي تمكنها من مواصلة اللعب في حفلة الحياة .

وأضافت أن الضيف الكاتب والشاعر والمترجم المبهر للشعراء الروس يقول عن نفسه: اكتشفت بأن لدي الكثير مما أريد أن أقوله..أحس في داخلي أشباح وشخصيات تتزاحم من أجل أن تنفلت لتهيم كشخصيات روائية، وأحس انني مقبل على كتابة عدد من الروايات...أحتاج الى الوقت فقط.. ليس لدي تخطيط وتوقيت لما أريد أن أكتب.

وتعد روايته (مشرحة بغداد) التي صدرت عام 2011 كما يصفها الكاتب نفسه بأنها صرخة احتجاج على الرعب الذي عشناه بسبب الحرب الطائفية التي تفجرت عام 2006 والأرهاب اليومي الذي طال العراقيين.

بحيث تحولت البلاد الى مشرحة كبرى. لكن فكرة الرواية تعود لأكثر من ثلاثة عقود، حينما كان طالبا في السنة الأولى من دراسته في معهد السينما بموسكو، وأنبثقت بمساعدة صديقته التي تزوجها في ما بعد، وكانت تدرس الطب آنذاك، حيث ذهب الى مشرحة الطب العدلي بإحدى المستشفيات، مرتديا مئزر طلبة الطب الأبيض، وشاهد تشريح الجثث، ومن لحظتها جرى انقلاب عاصف في داخلي..أذ يقول : رأيت المصير البشري الرهيب. هذه الفكرة ظلت مختمرة في ذهني ، ثم وجدت نفسي أصور الكابوس العراقي الذي نعيشه، فاستعدت اجواء المشرحة، وكانت هذه الرواية تمرينا أوليا لما ذهبت الى كتابته لاحقا.

ثم قدمت الجراح تعريفا بالكاتب فهو من مواليد الكوت عام 1955 وحاصل على دكتوراه في التاريخ الحديث، وعمل في الصحافة العراقية المكتوبة منذ عام 1971 ثم في الصحافة اللبنانية وفي التلفزيون الالماني والهولندي.أسس فرقة مسرح راغروس في المانيا وأخرج عددا من المسرحيات.

- صدرت له سبع مجموعات شعرية و(كتاب الدعاية والاتصال الجماهيري عبر التاريخ) و(هم الحرية) و(مأزق الثقافة الفاشية في العراق) و (جماليات اللغة السينمائية) وترجمات منها قصائد ليوسف برودسكي وقصائد لماندلشتام ولاخماتوفا وغيرها

ومن أعماله الروائية الأخيرة هي : مشرحة بغداد، ومتاهة آدم ، ومتاهة حواء، ومتاهة قابيل، ومتاهة الأشباح.

وفي حديثه الشيق أكد المحاضر أن تجربته في العمل في الوطن كانت مريرة وقد فتحت له ابواب جهنم .فالتقارير المرعبة كانت تصله كل يوم، عن وجود عشرات الجثث وهي تطفو في نهر دجلة، أذ تصل باليوم الواحد من 200-300 جثة.

مضيفا نحن - كإعلاميين - لا نستطيع ان نعلن عنها، وكنت أحس بتناقض تصريحات المسؤولين مع الواقع المزري من رعب وإنفلات العنف، والحقد الطائفي الذي ينفجر بشكل مجنون. كأنه لم توجد في هذا الشعب ألفة ومحبة وصداقة من قبل. وكل الأمور تؤكد أن هناك منتفعين من هذا الرعب، من خلال أخطبوط الشركات والميلشيات التي تديرها، وتعرفت على ذلك من خلال وجودي كمدير عام تنفيذي في شبكة الإعلام والإتصالات، ومنها بدأت أمسك السرد الروائي من هذه الزاوية.

وقال : ففي روايتي (مشرحة بغداد) أتحدث عن أدم الحارس الذي يعمل في المشرحة، وهو يعيش فيها أيضا، أذ يسمع في الليل أحاديث جثث النساء الموجودة ، فكل واحدة تحكي قصتها، بعد مدة يكتشف أن جميع الجثث قد هربت، ولم تبق سوى جثة طفل الذي يأتيه ويخبره أنه خائف لأن جدته قد هربت، وبقى أدم الحارس لا يعرف هل هو ميت أم حي، بعد أن أخبره الطفل أنه ميت أيضا وأن هناك اثر لطلقة في رأسه. وحين يخرج مع الطفل الى الشارع، يرى الناس جثثا تسير .

هذا هو كابوس العراق، فالعراقيون يعيشون ولكن لا يمارسون الحياة!
وجدت أن هذا الرواية إختزال لما أردت أن أقول، فبدأت في ( متاهة آدم)، فآدم البغدادي يكتب رواية عن صديقه آدم التائه، وأدم التائه يكتب رواية عن آدم المطرود، وهكذا تتناسل الروايات، و بعد ذلك أتابع (متاهة حواء)، و(متاهة قابيل)، و (متاهة الآشباح).

في هذه الروايات ، فأن الكاتب الأصلي آدم العراقي يقتل وهو رمز الى المناضل هادي المهدي الذي أغتيل في بغداد.

وأكد برهان :أني اتحدث عن مستويين من الأحداث التي واكبتها و الأخرى التي يسردها أبطال العمل، وأردت من ذلك تفكيك آلية العنف في العراق و رصد تاريخه.

موضحا ان هناك نوعين من العنف، عنف بدائي الذي يمارس اليوم وهو (القتل في الخرائب والتعذيب بشكل بربري) والعنف المنظم الذي كان يمارس في مخابرات صدام و أبنيته السرية حيث المسالخ وسراديب التعذيب.
أنا احاول ان ألملم هذا الأنين، وألظمه بهذه المتاهة، وهي متاهتنا جميعا.

والكاتب الروائي مثل الحائك الذي يستخدم مختلف كرات الغزل لينتج بساطا جديدا ليس له علاقة بشكل الخيوط المستخدمة.

وقال: أن كما هائلا من القصص لدي وأحيانا آخذ جزءا من هذه الحكاية أو تلك وأعمل على تركيبها مع حكايات اخرى. أحس إني لم أنته من كتابات متاهاتي فهناك لدي متاهة حواء الكرخي، وعميان الكاظم وغيرها.

وحول مرجعيته الفكرية لإعماله الروائية أوضح المحاضر قائلا:
أنا كشخص مهموم بأسئلتي وإحباطي السياسي وقلقي الفكري والروحي، وكذلك بأسئلة الشخصيات في رواياتي. ولهذا عملت أن أخلق لي مرجعية في دراسة الأفكار الفلسفية وطروحات المفكرين لمفهوم الحرية، متوغلا أيضا في الفكر الاسلامي وأسطورة آدم وحواء ووصلت الى إستنتاج : إن آدم كانت جريمته أنه مارس حريته وأرادته،، وحواء ساعدته في تحقيق هذه الإرادة، وأدم وحواء بدون سيرة ذاتية، ونحن من سلالة (قابيل ) القاتل.

وأضاف : توغلت في قضية الإرادة، وجدت أن العديد من الناس الواعية قد ذبحت بطريقة بشعة. وكان كتابي (وهم الحرية) هو مقاربات الحرية والفكر والإرادة. وهي القضية نفسها التي يناقشها أبطالي في المتاهات.

في كل الأحول أنا أجرب ، وأنا اعتبر نفسي مجربا في الشعر والترجمة والرواية أيضا. ولا زلت أبحث في متاهة الحياة وماهية الفكر.

وحول الثقافة العراقية، أوضح شاوي لزبائن المقهى أنه من خلال عمله والتماسه مع الواقع العراقي، وجد أن هناك ثقافتين :
الاولى : ثقافة ذات طابع مدني فيها نفحات يسارية ، ولكن هذه الثقافة مع الأسف تحتضر. وهناك الثقافة الظلامية وهي مثل ثور أسود هائج تريد ، المتمثل بالكم الهائل من المطبوعات التي تصرف عليها الأموال بدون طائل، بهدف إلغاء عقل الإنسان العراقي. كل هذا يثبت أن تخريبا يحصل في كل المرافق الثقافية.

مؤكدا أن الوضع الثقافي العراقي لا يبشر بخير، ورموز العهد البائد مازالوا هم المسيطرون. ولا توجد حركة ثقافية.وما يؤسف له أن الثقافة العراقية لم تطرح الأسئلة الحقيقية فهل الوضع الحالي كان تحريرا أم إحتلالا؟ ونحن بحاجة مثل الألمان لإعلان ساعة الصفرلإعادة معرفة تاريخنا من جديد، والمثقف له دور كبير في التغيير. فالمثقفون هم الذين يطرحون الاسئلة وهي التي من الممكن أن تقود الناس الى فعل التغيير. وكما قال ماركس أذا كنت تحلم فهذا شيء جيد، وأذا حلمنا فهناك ثورة. إن الثقافة ليست مقالات وأعمال أدبية تنشر في الصحف فقط. والجهود الفردية لا تؤدي الى نتائج مرضية، ولكن عندما تكون جماعية ومؤسسة ومنظمة سيكون لها دور مهم في هذه المرحلة السوداء.

وفي أجوبته حول اسئلة الجمهور، أكد شاوي أنه يكتب يوميا ولمدة أربع ساعات، وأحيانا الى ساعات متأخرة من الليل حتى الصباح، وأشار الى أن رواياته فيها الكثير من الجنس والعنف بهدف توليد الصدمة لدى القارئ، بالاضافة الى أن الجسد أول من ينتهك في أقبية الانظمة، فلا فرق في إغتصاب الرجال والنساء.

وأشار الى أنه يتناول التفاصيل الجنسية الدقيقة، لأن الرغبة الجنسية هي المحرك الكبير لنا، وهي مثل الثقب الأسود الذي يجلب كل شيء حوله.

مضيفا أنه لا يخاف من ذكر التفاصيل مهما كانت بشعة ومقززة ، وهو يعمل وعلى تفكيك العنف والجنس كما ذكر في مداخلته.

وأوضح أن تكرار الاسم (أدم) لأنه يرمز للانسان وأنه اتاح له الحركة ، ولكل آدم في رواياته شخصيته وحكاياته، كما أن الاسم جزء من اللعبة في متاهة الواقعي وغير الواقعي ومتاهة الأحداث الأخرى.

وحول الشعر، قال : بدأت كشاعر، ولكني لم أكتب منذ اكثر من سنتين ، فأنا لم أعد استسهل الكتابة الشعرية، ربما لأن الترجمة الشعرية أرهقتني أو عملي في الكتابة السردية التي أرى فيها بيئة شاعرية وتعطيك رؤية شعرية أيضا.

مضيفا : يلومني البعض ليس لدي شخصية لآدم المتفائل، والحقيقة لدى أبطال متفائلون ولكنهم قتلوا، وأنا لا أبحث عن البطل الإيجابي وأبطالي قلقون ولديهم معاناتهم ورغباتهم، وكثيرا ما يأخذني العمل الى أماكن غير مخطط لها.




 

 











 

 

free web counter