| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد جعفر

 

 

 

الأثنين 14/3/ 2011

 

متى يبقى البعير على الكرسي؟!

عبد جعفر

مرة قدم لي صديق طفولتي داود سالم قصته (اختلاط اللوان) لكي ابدي رأيي فيها فأخذت اقرأ ولكن قبل ان اتفوه بأي شي قال: قصتك .... عظيمة ما رأيك بقصتي؟ فقال شاعرنا كاظم اسماعيل الكاطع مازحا: لقد وضعته في الزاوية الميتة. اكيد سيقول لك ان قصتك اعظم! وبعيدا عن المزاح فأن (رؤية) داود بالاختلاط الالوان قد تحققت، فعلى الصعيد الشخصي حين اغتال الفاشيون والده في السبعينيات اعتقل داود بتهمة انه يريد الثأر، وحرم حتى من المشاركة في تشييع جنازة ودفن والده، بينما ترك القتلة وهم من ازلام النظام طلقاء! واليوم تختلط في عالمنا العربي - من المحيط الى الخليج - الالوان وتزداد اختلاطا اكثر من اي وقت سابق بين الجمهوريين والجماهيريين والملكيين واصحاب الدولة والسمو والفخامة، حيث يتسابق الجميع ويتنافس في اساليب القمع من قصف بالطائرات واستخدام الرصاص الحي والغازات السامة وصولا الى الاساليب الاقل وحشية وهي الركلات والضرب بقبضات الايدي واطلاق الشتائم الجارحة. وشعارهم كل شيء من اجل المعركة اي معركة الكراسي، رغم ان زمانهم قد ولى ولا تنفع معه حقن المساعدات والترقيعات.

وبدلا من تكون حركة الالوان بيضاء في حركتها السريعة ومشعة اصبحت اكثر عتمة وظلمة سوى ما تعكسه من لمعان الحراب والخوذ والعصي وهي تصعد وتهبط على ظهورنا.
وفي عالمنا العراقي، اختلطت الالوان ايضا، فكل مرة تنتهي مظاهرات ساحة التحرير بالقمع وتفريق المتظاهرين في الهراوات، اما في المحافظات فهي تتبع حكومتها المركزية مع ابداع في التنفيذ.

سلطتنا العراقية صمتت دهرا ونطقت كفرا، مقترحة ان تكون المظاهرات في الزوراء، كي تضيع اصواتهم مع اصوات حيوانات الحديقة ، فلا اعلام ولا فضائيات ولا حاجة لقوات مكافحة الشعب اوالشغب! او تكون في ملعب الشعب حتى يسهل حصرهم وقمعهم كما قمعنا البعثيون في هذا الملعب ايام مظاهرات ايار 1973 ، يوم كنا نطالب بالجبهة الوطنية! وبرلماننا يريد ان يتمتع بأجازته رغم انه بدأ عمله متأخرا، وتمتع بعطلة مدفوع الاجر لأكثر من سبعة اشهر. ولهذا سينتظر المواطنون شهورا ربما سنوات اخرى كي يروا من يتبنى مطالبهم من خدمات وكهرباء ومحاربة الفساد والمفسدين واصلاح النظام ! مع العلم ان البرلمان في انتظاره اكثر من 200 قانون لاقرار اهمها قانون الاحزاب وقانون حماية الصحفيين وغيرها.ولا يعرف كم من السنوات يحتاج حتى يتمكن من سنها.
والمفاهيم تختلط كما تختلط الالوان في قصة صديقي داود ، فالمتظاهر مارق، كافر، مدمن مخدرات، مشاغب، مراهق، من ازلام النظام السابق وغيرها من النعوت التي تبيح ضربه او قتله او اعتقاله .

واذا قلنا متى يبقى البعيرعلى التل؟ ونحن نكرر دهشتنا الطفولية لهذه الجملة التي حفظناها ايام الدراسة الابتدائية، سيبتسم شاعرنا الكاطع رغم ألم يده المشلولة وسيقول ساخرا: تقصد متى يبقى البعيرعلى الكرسي؟ والاجابة معروفة سيبقى الى ان يتمكن من الطيران، أو نجعله يطير بعد أن ننبت له جناحين كي يطير بها ويحلق عاليا مثل الفيلة! ولكن هذه المرة ستظل سماوات الفراشات زاهية الالوان ، جميلة ولن تختلط بسماوات الرماد والدخان الأسود، كما تقول قصة صديقي داود!
 

 

 

free web counter